بلغ التضخم في المملكة المتحدة أعلى مستوى له منذ أكثر من 40 عاماً في أبريل (نيسان)، إذ تسبب ارتفاع فواتير الغاز والكهرباء بارتفاع الأسعار بنسبة 9 في المئة عن العام السابق، بحسب "فايننشال تايمز".
وكان معدل تضخم أسعار المستهلكين قريباً من توقعات الاقتصاديين، وهو تقريباً ضعف المعدل الذي توقعه بنك إنجلترا قبل ستة أشهر.
ومع تباطؤ النشاط الاقتصادي بشكل حاد خلال الربع الأول من العام، يعاني الاقتصاد البريطاني من أسوأ نوباته من الركود التضخمي - النمو الضعيف جنباً إلى جنب مع التضخم المرتفع منذ الصدمة النفطية الثانية في السبعينيات.
انكماش بشكل غير متوقع
سيؤدي الارتفاع الحاد في تكلفة المعيشة إلى زيادة الضغط على وزير الخزانة ريشي سوناك لتسريع إجراءاته الموعودة لمساعدة الأسر الفقيرة والمتقاعدين، على التعامل مع ارتفاع الأسعار.
وكان الاقتصاد البريطاني قد انكمش بشكل غير متوقع في مارس (آذار) الماضي، مسجلاً نهاية ضعيفة للربع الأول من العام، فيما تلوح مخاطر الركود في الأفق مع تزايد الضغط على الحكومة لتقديم مزيد من الدعم للأسر المتضررة من التضخم.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الناتج المحلي الإجمالي هبط 0.1 في المئة عن فبراير (شباط)، متأثراً بهبوط مبيعات السيارات بسبب مشكلات سلسلة التوريد.
وترك ذلك النمو في الأشهر الثلاثة الأولى عند 0.8 في المئة، أضعف من توقعات بنك إنجلترا 0.9 في المئة، ومتوسط توقعه 1.0 في المئة من قبل الاقتصاديين، الذين استطلعت وكالة "رويترز" آراءهم.
وكان بنك إنجلترا قد توقع أن يتجاوز التضخم 10 في المئة في الربع الأخير من عام 2022، ارتفاعاً من 7 في المئة في مارس، وهو بالفعل أكثر من ثلاثة أضعاف هدفه البالغ 2 في المئة.
وقال بول ديلز، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في "كابيتال إيكونوميكس" لـ"رويترز"، "كان للاقتصاد زخم أقل مما كنا نظن حتى قبل أن نشعر بالضربة الكاملة من أزمة تكلفة المعيشة. لقد ارتفعت مخاطر الركود للتو".
كما ضعف الجنيه الاسترليني مقابل الدولار، بينما تراجعت عائدات السندات الحكومية البريطانية إلى أدنى مستوياتها في ما يقرب من شهرين.
وتتعرض الحكومة البريطانية لضغوط لتقديم مزيد من الدعم للأسر. وقال سوناك أخيراً، إنه بينما تعطل الانتعاش بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، كان منفتحاً على تقديم مزيد من المساعدة، مع توقع زيادة رسوم الطاقة المنظمة بنحو 40 في المئة أكثر في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وكان الاقتصاد البريطاني قد تفوق على الولايات المتحدة ومنطقة اليورو في الربع الأول، على الرغم من أن هذا يعكس جزئياً بداية ونهاية مبكرة لموجة "أوميكرون" من "كوفيد-19"، والاختلافات في توقيت ارتفاع أسعار الطاقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صندوق النقد يتوقع أضعف نمو لبريطانيا
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تشهد بريطانيا أضعف نمو وأعلى معدل تضخم بين الاقتصادات المتقدمة الرئيسة العام المقبل.
ويعكس جزء كبير من الانتعاش في بريطانيا زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية - بزيادة 11 في المئة منذ بداية الوباء - بينما تظل خدمات المستهلك أقل بنسبة 7 في المئة من مستواها قبل انتشار الوباء.
وقالت ساندرا هورسفيلد، الخبيرة الاقتصادية في "إنفستيك"، "نظراً للتضخم الذي يبدو أنه سيظل شديد السخونة لبعض الوقت، كيف ستظل أسعار المستهلكين هو السؤال الرئيس لأولئك الذين يراقبون الاقتصاد البريطاني".
وفي شهر مارس وحده، تراجعت مبيعات السيارات والمركبات بنسبة 15.1 في المئة، ما أدى إلى انخفاض بنسبة 0.2 في المئة في إجمالي إنتاج الخدمات.
وكان من الممكن أن يكون الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي أكبر لولا زيادة قوية غير عادية بنسبة 1.7 في المئة في إنتاج البناء، ما يعكس أعمال الإصلاح بعد العواصف الشتوية التي شهدتها البلاد في فبراير.
وتم تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي لشهر فبراير إلى الصفر من 0.1 في المئة.
ويشعر بنك إنجلترا بالقلق من أن تباطؤ النمو لن يكون كافياً من تلقاء نفسه لإعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المئة، وأن القفزة في التضخم ستدرج في خطط التسعيرة طويلة الأجل وتسويات الدفع.
ضغوط التضخم
لذلك رفع أسعار الفائدة أربع مرات منذ ديسمبر (كانون الأول) لمعالجة ضغوط التضخم. وتتوقع الأسواق المالية أن ترتفع المعدلات إلى 2 في المئة بنهاية هذا العام من 1 في المئة في الوقت الحالي.
وظلت ضغوط الأجور قوية في أبريل على الرغم من تباطؤ التوظيف، وفقاً لبيانات من شركات التوظيف، في حين ارتفعت أسعار المنازل بأكبر قدر منذ يونيو (حزيران)، على الرغم من الانخفاض العام الكبير في ثقة المستهلك.
وتقلص خامس أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 9.3 في المئة في عام 2020، ونما بنسبة 7.4 في المئة في عام 2021، وهو أكبر تأرجح في الناتج لأي اقتصاد من دول مجموعة السبع. في حين يزيد إجمالي الناتج المحلي على أساس شهري الآن بنسبة 1.2 في المئة عن مستوى ما قبل "كوفيد" في فبراير 2020.