علمت "اندبندنت" أن مواطناً جامايكياً يقول إنه احتجز من طريق الخطأ قبل رحلة ترحيل مقررة الأسبوع المقبل من المملكة المتحدة، يقوم باتخاذ إجراء قانوني لمقاضاة وزارة الداخلية البريطانية.
وكان جيمس ماثيوز البالغ من العمر 33 عاماً ينتظر نتيجة طلبه الحصول على إذن بالبقاء في بريطانيا، عندما اقتحم منزله سبعة من أفراد تطبيق قوانين الهجرة، زاعمين أنه يقيم في البلاد بصورة غير قانونية، وقاموا بنقله إلى "مركز هارموندوورث لترحيل المهاجرين"Harmondsworth Immigration Removal Centre (IRC).
المصرفي السابق في "بنك جامايكا الوطني" كان تقدم في يوليو (تموز) العام 2020 بطلب للحصول على إذن بالبقاء في المملكة المتحدة، على أساس علاقة ربطته بمواطنة بريطانية، لكن وزارة الداخلية قالت إن هذا الطلب رفض في فبراير (شباط)، إلا أن ماثيوز يؤكد أنه لم يتم إبلاغه هو بالقرار أو ممثليه القانونيين السابقين، ولم يتلق وثائق تتضمن قراراً بالرفض.
وبناء على ذلك يدفع محاموه بأنه لا يزال مقيماً بشكل قانوني في المملكة المتحدة، وله الحق في تقديم استئناف داخل البلاد، وهذا يعني أن احتجاز السيد ماثيوز غير قانوني، شأنه شأن إبعاده من بريطانيا، وفق ما ذكره ممثلوه القانونيون.
وقامت شركة المحاماة "أم تي سي سوليسيترز" MTC Solicitors التي تتولى تمثيل المواطن الجامايكي بتحرك استباقي تمثل في توجيه رسالة إلى وزارة الداخلية يوم الخميس، تطلب فيها منها إفراجاً فورياً عن موكلها وإخراجه من الاحتجاز، وإلغاء أمر الترحيل المتعلق به وتسليمها نسخة عن قرار رفض طلبه البقاء في البلاد، وتفاصيل عن متى وأين وكيف تم تقديم وثائق بقرار الرفض لموكلها، والرد على خطابها بحلول الساعة الخامسة من مساء يوم الجمعة.
وعلمت "اندبندنت" أن وزارة الداخلية لم تستجب ولم تقدم رداً بحلول الموعد النهائي، مما يعني أن محامي السيد ماثيوز سيلجأ إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات.
ويقول المحامي ناغا كاندياه، "لقد بذل موكلنا كل ما في وسعه للامتثال للقوانين، لكن وزارة الداخلية أخفقت في تبرير قرارها غير الإنساني والقاسي باحتجازه، تمهيداً لتسفيره على متن طائرة تشارتر مستأجرة".
تجدر الإشارة إلى أن جيمس ماثيوز كان وصل إلى المملكة المتحدة بصورة قانونية، وجرى تمديد الإذن له بالبقاء في بريطانيا حتى الـ 31 من يوليو (تموز) العام 2020 بسبب الجائحة، وقام في الشهر نفسه قبل انتهاء صلاحية تأشيرته بتقديم طلب لتمديد الإذن بالبقاء في البلاد.
ويوضح المحامي كاندياه أنه "لا يوجد ما يشير إلى أن لديه أي إدانات جنائية، ويبدو أنه موكلنا لم يتلق تبليغاً بالقرار، وهو ما أكده ممثله القانوني السابق الذي أكمل طلب تمديد فترة بقائه في البلاد".
وكان ماثيوز أفاق قرابة الخامسة من صباح يوم الجمعة الفائت على قرع مدو على الباب الأمامي لمنزله في بلدة إيلفورد شرق العاصمة لندن، وفجأة وجد نفسه محاطاً بعناصر دائرة الهجرة الذين قال إنهم أبلغوه بأنه سيتم ترحيله عن بريطانيا. ولدى مطالبة الرجل البالغ من العمر 33 عاماً بإجابات عن الأسباب، تم إبلاغه بارتكابه حالة "تجاوز مدة الإقامة".
وفي حديث مع "اندبندنت" قال ماثيوز من داخل زنزانته في مركز هارموندوورث "لقد التزمت جميع القواعد. كيف يمكن أن أكون قد تجاوزت مدة بقائي عندما لا ترد وزارة الداخلية على طلبي البقاء هنا؟ وعلى حد علمي، فإن طلبي كان قيد البحث والمراجعة".
ويتابع قائلاً، "أنا لست على ما يرام على الإطلاق، أنا معتاد على أن أكون حراً. أحاول التأقلم ما أمكن لكن الصدمة ما زالت تتملكني. لقد طغى عليّ الذهول عندما أخذوا يدقون على بابي، ثم سمعت أحدهم يناديني باسمي. لم أرتكب أي جريمة لا في هذا البلد ولا في جامايكا".
وكان جيمس ماثيوز قد دخل إلى المملكة المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2019 بتأشيرة زائر، ولم يتمكن من العودة لجامايكا في الوقت الذي انتهى فيه مفعول تأشيرته في أبريل (نيسان) العام 2020 بسبب تفشي جائحة "كوفيد-19" آنذاك، وفي وقت تم فيه تعليق السفر من جامايكا وإليها.
وقد مددت وزارة الداخلية البريطانية إقامته حتى الـ 31 من يوليو العام 2020 بسبب الظروف التخفيفية، وتم إبلاغه بأنه يحق له التقدم بطلب من داخل الدولة للحصول على إذن بالبقاء مرة أخرى في المملكة المتحدة بسبب جائحة "كوفيد-19"، ويشار إليه بمصطلح "طلب البقاء من داخل الأراضي [البريطانية]" In house، وهو ما تم حين سجل طلبه في الـ 28 من يوليو العام 2020.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معلوم أنه في الظروف العادية يتعين على مقدم الطلب أن يسافر إلى البلد الأم، وأن يقوم من هناك بتقديم طلبه البقاء في المملكة المتحدة، وكان ماثيوز قد زار المملكة المتحدة في وقت سابق للقاء شقيقيه ووالده الذي يعيش في بريطانيا خلال مناسبات مختلفة من دون أن يخرق شروط تأشيرته.
وإلى حين تبلور نتيجة المواجهة القانونية القائمة في شأن البقاء في المملكة المتحدة، يعيش هذا الرجل البالغ من العمر 33 عاماً حالاً من الحزن والارتباك والقلق والإذلال.
ويقول في وصف مشاعره، "ينبغي أن يتمتع كل إنسان بالحرية وبالحق في أن يعيش حياته وأن يكون سعيداً، ومع ذلك لا يبدو أن هذه هي الحال هنا، فلو كنت قد ارتكبت فعلاً خاطئاً حينها تكون تلك مسؤوليتي، لكنني قمت بكل شيء وفق الأصول. أنا لست بمجرم فلماذا أعامل على هذا النحو؟".
ويؤكد المواطن الجامايكي أنه بات يعاني الآن ارتفاع ضغط الدم، وهذا يحدث معه للمرة الأولى في حياته، إضافة إلى تعرضه لحالات صداع متكررة، يعزوها إلى التوتر الذي يعيشه.
ويضيف، "أحاول في بعض الأحيان أن أستوعب الواقع الذي وصلت إليه لأنني أشعر بأن ما يحصل هو أشبه بحلم مزعج"، موضحاً أنه كان يعتقد قبل ذلك أن المملكة المتحدة هي منارة للمساواة.
ويتابع، "أدعو الله أن يخرجني من هذه المحنة، فهناك شعار يقول إن الصلاة والعمل ينتصران على كل شيء، لذا فإنني ألجأ إلى الصلاة فيما يعمل محامي على قضيتي، وآمل أن ننتصر بذلك على كل شيء".
خطيبة جيمس ماثيوز التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، قالت إن خطورة الموقف هي من الصعوبة بمكان، إذ بات من الصعب على الثنائي التعامل معها، وهي تعتقد أن هناك خلفية عنصرية خلف طريقة التعاطي مع خطيبها.
وتضيف قائلة، "خلال النهار أتناسى الأمر وأحاول إشغال نفسي والتركيز على العمل، وفي موازاة ذلك أتابع المسألة مع مكتب نائب المنطقة في البرلمان، وأتواصل مع المحامي (في شأن قضية ماثيو)، مما يساعد بشكل أساس في تشتيت انتباهي عن تلك التأثيرات السلبية في حياتنا اليومية، لكن خلال الليل أعود لتذوق الحقيقة المرة".
وتضيف، "لم أتمكن من التحدث مع أصدقائي عن الموضوع، لأن الأمر يكون صعباً عندما لا يكون أحد قد اختبر مثل هذا الموقف من قبل، خصوصاً أن جيمس شخص كتوم للغاية".
وتمضي قائلة، "إن العيش في هذه البلاد التي أحبها حقاً يجعل من الصعب للغاية على المرء أن يكون على علاقة مع شخص من دولة أخرى، ونظراً إلى المعاملة التي لقيها جيمس، حتى أثناء وجوده في مركز الاحتجاز، لا يمكنني إلا أن أشعر بأن هناك جانباً عنصرياً في ما يحصل".
ويس ستريتيغ، نائب المنطقة التي يعيش الثنائي فيها (ووزير الصحة والرعاية الاجتماعية في حكومة الظل "العمالية" المعارضة) طلب من وزارة الداخلية تعليق عملية الترحيل.
واستناداً إلى تحليل تلقت "اندبندنت" نسخة منه هذا الأسبوع، فإن معظم الجامايكيين الذين يواجهون قرار الترحيل من المملكة المتحدة الأسبوع المقبل، يعانون إما من إعاقة أو من مشكلة صحية، وكانوا قد جاؤوا إلى بريطانيا عندما كانوا أطفالاً [تحت السن الـ 18].
ولم تفصح وزارة الداخلية من قبل عن عدد الأشخاص المقرر أن يكونوا على متن رحلة الأربعاء المقبل، لكن تم نقل قرابة 20 شخصاً إلى مراكز احتجاز "بروك هاوس" Brook House (في غاتويك) و"كولنبروك" Colnbrook و"هارموندسويرث" Harmondsworth (في ميدلسيكس).
وبحسب دراسة أجراها ناشطون تابعون لـ "حركة من أجل العدالة" Movement for Justice، فإن 13 منهم كانوا قد وفدوا إلى المملكة المتحدة عندما كانوا دون سن الـ 18.
ويوجد من بين المحتجزين بعض الذين لديهم ماض إجرامي وسوابق جنائية معقدة، لكن معظمهم خرجوا من السجون من دون العودة للإجرام أعواماً عدة ولأكثر من عقد من الزمن، مما يدل على أن المعيار المعتمد في الترحيل هو في أدنى مستويات الحجج الواهية على الإطلاق.
وكانت الحكومة البريطانية أصرت على القول في وقت سابق إن الهدف من رحلات الإبعاد هو إزالة "المجرمين الأجانب الخطرين" من المملكة المتحدة، لكن جيمس ماثيوز المرشح السابق لعضوية "قوة الشرطة في جامايكا" Jamaica’s Constabulary Force - لا تنطبق عليه هذه المعايير، وهو مواطن ملتزم بالقانون.
وترى المحامية في قضايا الهجرة جاكلين ماكينزي أن "هذه الممارسة التي تتعلق بالسلامة المجتمعية أو التحكم في الهجرة ليست سوى خرافة، فالأمر يتعلق بترهيب مجتمع السود لتحقيق مكاسب سياسية".
وفي تعليق على ما تقدم، قال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية "إن الأفراد الذين ليس لديهم الحق في الوجود على أراضي المملكة المتحدة، بمن فيهم الجناة من الرعايا الأجانب، يجب ألا يساورهم أي شك في أننا سنقوم بكل ما هو ضروري لإبعادهم. هذا ما يتوقعه الناس عن حق، ولهذا السبب نقوم بتشغيل رحلات منتظمة إلى دول مختلفة".
وأضاف، "ستعمل الخطة الجديدة للهجرة على إصلاح نظام الهجرة المشرذم ووقف الإساءات التي نشاهدها من خلال التعجيل بإبعاد أولئك الذين ليس لديهم الحق في أن يكونوا هنا".
إشارة أخيراً إلى أن "اندبندنت" اتصلت بـ "مركز هارموندوورث لترحيل المهاجرين"، وبالمفوض السامي لجامايكا لدى المملكة المتحدة سيث راموكان للتعليق على الموضوع.
نشر المقال في "اندبندنت" في 14 مايو 2022
© The Independent