معدلات الفائدة آخذة في الارتفاع مع توقع مزيد من الزيادات على مدى الأشهر المقبلة إذ يسعى بنك إنجلترا إلى احتواء التضخم – الذي يتجه إلى تجاوز عشرة في المئة هذا العام.
هذا الرقم -الأعلى منذ عام 1982- يدعو إلى القلق حقاً، لكن في سوق الإسكان سُمح لمعدل تضخم الأسعار الذي يبلغ عشرة في المئة بالاستمرار لفترات طويلة. وتظهر آخر الأرقام الرسمية الصادرة الأربعاء أن أسعار العقارات في إنجلترا قفزت 9.9 في المئة في السنة المنتهية في مارس (آذار)، ما رفع متوسط سعر البيع إلى 297 ألفاً و524 جنيهاً استرلينياً (370 ألفاً و266 دولاراً).
خفضت معدلات الفائدة المتدنية جداً تكاليف اقتراض الرهن العقاري، ما ضخم فقاعة الإسكان التي جعلت من ملكية المنازل حلماً بعيد المنال للعديد من المستأجرين في بعض من أجزاء المملكة المتحدة. هل تساعد معدلات الفائدة الأعلى إذاً في تهدئة سوق العقارات التي خرجت عن نطاق السيطرة في البلاد؟
ما أحدث البيانات عن أسعار البيوت في المملكة المتحدة؟
تظهر الأرقام الرسمية أن الأسعار ارتفعت في كل منطقة من مناطق المملكة المتحدة العام الماضي. وبين فبراير (شباط) ومارس 2022، انخفضت الأسعار بنسبة 0.9 في المئة في لندن و0.8 في المئة في شرق إنجلترا.
وتظهر الأرقام التي أصدرتها "هاليفاكس" [مؤسسة للقروض العقارية] الجمعة، والتي تتعلق بالفترة السابقة لرفع بنك إنجلترا معدلات الفائدة، غياباً كبيراً لعلامات التباطؤ في أبريل (نيسان).
وعلى الرغم من المخاوف من تكاليف المعيشة والزيادة الكبيرة في فواتير الطاقة، ارتفعت أسعار البيوت بنسبة 1.1 في المئة (نحو ثلاثة آلاف جنيه) مقارنة بمارس.
وبلغ متوسط سعر البيت 286 ألفاً و79 جنيهاً بعد الارتفاع الشهري العاشر على التوالي في الأسعار، في ما يعتبر أطول سلسلة من الزيادات في ست سنوات.
وقالت "هاليفاكس" إن "سباقاً إلى الفضاء"، بدأته الأسعار خلال الجائحة، من المرجح أن يستمر مع انتقال الناس من شقق تقع في المدن إلى بيوت أكبر حجماً في مناطق أكثر ريفية.
وكانت الزيادة في أسعار أبريل أبطأ قليلاً من نسبة الـ1.4 في المئة المسجلة في مارس، لكن الزيادة السنوية كانت لا تزال 10.8 في المئة وهي زيادة تتجاوز بكثير متوسط ارتفاع الأجور.
وتوقع بعض المحللين أن تنخفض الأسعار بعد انتهاء العمل بالإعفاء من ضريبة الدمغة العام الماضي. لكن هذا لم يحدث.
هناك علامات أخرى تشير إلى أن الأسعار قد لا تنخفض في المستقبل القريب. فقد ارتفع عدد المبيعات بنسبة 28 في المئة في أبريل مقارنة بيناير (كانون الثاني).
وأفادت الوكالة العقارية "تشيسترتونز" بأنها شهدت قفزة بنسبة 31 في المئة في عدد الأشخاص المسجلين في فروعها بلندن بغرض مشاهدة عقارات.
وقال الرئيس التنفيذي غاي جيتينز إن هناك الآن "سوقاً قوية للبائعين" وإن عدد البائعين المستعدين لخفض أسعارهم المطلوبة تراجع بنسبة 38 في المئة العام الماضي.
وأضاف "فرض الحجم الهائل للمبيعات المتفق عليها في أبريل عبء عمل صعب على المحامين والمصارف، ما أثر في الوقت الذي يستغرقه إتمام عملية البيع".
وستؤثر معدلات الفائدة المتزايدة في قدرة بعض المشترين على شراء منزل لكن الأثر قد يكون محدوداً.
ما الذي يدفع أسعار البيوت في المملكة المتحدة إلى الارتفاع؟
تضخمت الأسعار بسبب المعروض من الائتمان الرخيص. وفي حين أن المعدلات آخذة في الازدياد، هي لا تزال منخفضة جداً بالمعايير التاريخية. ولا يزال بإمكان المشترين الذين يسددون دفعة أولى كبيرة الحصول على اتفاق ثابت لمدة سنتين بمعدل فائدة أولي يبلغ نحو اثنين في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا يزال المعروض من المنازل يمثل مشكلة أيضاً. فلا يوجد ما يكفي من العقارات المرغوبة من الناس في المناطق التي يودون العيش فيها.
وهناك الآن خط فاصل واضح في السوق بين البيوت التي تشهد ارتفاعاً في الطلب والشقق التي يزيد بيعها صعوبة في بعض المناطق.
وأنحيت باللائمة على نظام التخطيط في المملكة المتحدة في تباطؤ عملية بناء العقارات الجديدة وتقييد المعروض منها.
وأخيراً طرحت الحكومة مقترحات لإصلاح النظام جذرياً والاستعاضة عنه بنموذج لفرز المناطق من شأنه أن يجعل الموافقة على مشاريع التطوير في مناطق معينة أسرع كثيراً. لكن بدلاً من ذلك، أشار خطاب الملكة إلى خطة أقل طموحاً.
كذلك يتعرض كبار المطورين إلى انتقادات بسبب اكتناز كميات ضخمة من الأراضي التي قد لا تستخدم للبناء عليها لسنوات. ومن ناحية أخرى، تستفيد شركات البناء من الاحتفاظ بالأرض مع استمرار القيم في الارتفاع في حين يصبح المعروض من المنازل الجديدة مقيداً.
ولن تتأثر هذه العوامل بارتفاع معدلات الفائدة.
ماذا بعد لأسعار البيوت في المملكة المتحدة؟
ينقسم الخبراء في السوق العقارية في المنحى الذي ستتخذه أسعار البيوت في المرحلة المقبلة، لكن قلة منهم تتوقع تراجعاً كبيراً في الأسعار هذا العام.
وقال رئيس قسم البحوث السكنية في المملكة المتحدة في مؤسسة "نايت فرانك" الاستشارية العقارية، توم بيل، إن الفترة الأخيرة لنمو الأسعار بدت وكأنها وصلت إلى قمتها الشهر الماضي.
وأضاف: "لا نتوقع هبوط الأسعار لكننا نفترض أننا في الشهر الأخير أو الشهرين الأخيرين من النمو السنوي البالغ عشرة في المئة".
"أما الأثر النفسي المترتب على ارتفاع معدل الفائدة الأساسي إلى ما يزيد على واحد في المئة، وارتفاع معدلات الرهن العقاري، والضغط الذي تفرضه تكاليف المعيشة، وإعادة البناء التدريجي للمعروض، فهذا كله من شأنه أن يسهم في التباطؤ مع عودة أسعار البيوت إلى التراجع في وقت لاحق من هذا العام".
وتتوقع "هاليفاكس" مزيداً من التباطؤ لوتيرة نمو أسعار البيوت مع زيادة الإجهاد على صعيد تحمل التكاليف.
وقال المدير الإداري لـ"هاليفاكس"، راسل غالي "بلغت نسبة سعر البيت إلى الدخل بالفعل أعلى مستوى لها على الإطلاق، ومع استمرار معدلات الفائدة في الارتفاع والتضخم في الضغط على ميزانيات الأسر، من المرجح أن يتباطأ معدل نمو أسعار البيوت بحلول نهاية هذا العام".
كذلك تتوقع "كابيتال إيكونوميكس" تباطؤاً حاداً في نمو الأسعار قرب نهاية العام.
© The Independent