كشفت أرقام جديدة صدرت في إنجلترا، عن أن عدد الأشخاص الذين أدخلوا إلى المستشفيات نتيجة معاناتهم من اضطرابات في الأكل، ارتفع بنحو 84 في المئة في الأعوام الخمسة الأخيرة. وقد وجهت دعوات إلى الحكومة البريطانية تطالبها ببذل مزيد من الجهد في معالجة هذه المشكلة.
واستناداً إلى تحليل أجرته أخيراً "الكلية الملكية للأطباء النفسيين" Royal College of Psychiatrists [هيئة مهنية مسؤولة عن التعليم والتدريب في الطب النفسي، وكذلك وضع المعايير وتحسينها]، فقد سجلت 24268 حالة دخول إلى المستشفيات بسبب أمراض كاضطراب الأكل القهري "بوليميا" Bulimia أو اضطراب فقدان الشهية "أنوريكسيا" Anorexia، بين عامي 2020 و2021، في ارتفاع واضح عما كانته بين عامي 2015 و2016، حينما سجلت 13219 حالة.
ويشكل الأطفال والشباب نسبةً كبيرة من الحالات التي تتلقى العلاج داخل المستشفيات. وقد ارتفعت أعدادهم في الأعوام الخمسة الأخيرة من 3541 حالة إلى 6713، بزيادة 35 في المئة في العام الماضي وحده.
وسجل أيضاً ارتفاع حاد في عدد حالات الدخول إلى المستشفيات للذكور من أولاد وشبان، من 280 حالة بين عامي 2015 و2016، إلى 637 بين عامي 2020 و2021.
واستطراداً، دفعت تلك الوقائع "الكلية الملكية للأطباء النفسيين" إلى وضع إرشادات جديدة، من شأنها مساعدة مهنيي القطاع الصحي على تحديد الأشخاص الذين تصل اضطرابات الأكل لديهم إلى وضع يهدد حياتهم، وكذلك طرق حصول أولئك المرضى على الرعاية المناسبة لهم.
إذ ترى الهيئة التي تمثل الأطباء النفسيين في البلاد، أنه من "الحيوي" تعميم هذه الإرشادات على الفور، وأن تمد الحكومة الأطباء العامين وموظفي أقسام "الحوادث والطوارئ" في المستشفيات وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية، "بالموارد اللازمة لتطبيقها".
وكذلك لفتت "الكلية الملكية للأطباء النفسيين" إلى أن المؤشرات التي يمكن أن تدل على أن شخصاً ما لديه اضطراب خطير في الأكل، قد لا يجري التنبه لها في عيادات الأطباء العامين وفي وحدات "الحوادث والطورئ"، بسبب النقص في التوجيه والتدريب.
ونبهت أيضاً إلى أنه حتى في الحالات المرضية الخطيرة، يمكن للأفراد الذين يعانون اضطرابات الأكل، أن يبدو كأنهم يتمتعون بصحة جيدة، وتكون فحوصات الدم لديهم طبيعية. ومثلاً، يمكن أن يعاني الشخص المصاب بفقدان الشهية، مستويات منخفضة على نحو خطير من الأملاح الأساسية التي يحتاج إليها الجسم، كالبوتاسيوم، التي لا تظهرها اختبارات الدم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، يمكن أن يعاني المرضى المصابون بالشره القهري [إفراط في الأكل يكون خارج سيطرة المريض]، اضطرابات شديدة في المعادن والأملاح الأساسية ومن مشكلات في المعدة، لكن يمكن أن يكون وزنهم طبيعياً أو قد يكون لديهم وزن زائد.
في ذلك الصدد، أعربت الدكتورة داشا نيكولز التي أشرفت على تطوير إرشادات الطوارئ الطبية الجديدة في مجال اضطرابات الأكل، عن رأي مفاده أن "اضطرابات الأكل، كفقدان الشهية والشره المرضي، لا تميز بين الأشخاص، ويمكن أن تطاول أي فئة عمرية أو جنس. إنها اضطرابات نفسية، وليست مسألة متعلقة بـ"اختيار نمط حياة"، وينبغي علينا ألا نستخف بمدى خطورتها".
وبالتالي، ترى نيكولز أنه "على الرغم من أن فقدان الشهية العصبي "أنوريكسيا نرفوزا" Anorexia Nervosa غالباً ما يشار إليه على أنه أكثر حالات الصحة العقلية - النفسية فتكاً بمن يعانيه، فإنه الوقاية ممكنة في معظم الحالات التي تفضي إلى وفيات بسببه، عبر العلاج النفسي والدعم المبكر. ويمكن أيضاً أن يصار إلى الشفاء التام منه إذا شخص وعولج في مرحلة مبكرة".
واستكمالاً، شددت الطبيبة المتخصصة على ضرورة العمل على زيادة الوعي بأعراض اضطرابات الأكل الشائعة. ووفق رأيها، "فإن التوجيهات التي وضعناها يجب أن تحض المتخصصين في الرعاية الصحية على اكتشاف إذا كان شخص ما مريضاً على نحو خطير، وكذلك وتبديد المفاهيم المغلوطة التي ما زالوا غير مدركين جيداً ما يترتب عنها من عواقب وخيمة على آلاف المرضى وعائلاتهم".
يشار أخيراً إلى أن حالةً من كل 5 حالات وفاة لمصابين بفقدان الشهية، ناتجة من الانتحار، في حين أن جميع اضطرابات الأكل تشهد معدلات عالية من إيذاء النفس والاكتئاب.
أسهمت وكالة "برس أسوسيشن" في إعداد محتوى هذا التقرير
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 19 مايو 2022
© The Independent