دائماً ما يضع إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم الذي تبلغ ثروته الشخصية 200 مليار دولار، نفسه في دائرة الضوء باستمرار. ليس فقط لأنه صاحب أكبر شركة سيارات كهربائية، "تيسلا"، أو لأنه أيضاً صاحب شركة صواريخ فضائية خاصة، "سبيس إكس"، بل أيضاً بتغريداته المثيرة للجدل على موقع التواصل "تويتر" الذي قرر أن يشتريه أخيراً، في صفقة بقيمة 44 مليار دولار. وهي الصفقة التي لم تتم بعد بانتظار موافقة السلطات المعنية بمكافحة الاحتكار وتنظيم الصفقات المالية وحماية السوق، وأيضاً لأنه حتى الآن لم يؤمن التمويل الكافي للصفقة.
إنما هذه المرة، جاءه صاروخ الاهتمام الإعلامي مرتداً عليه، في تقرير نشرته مجلة "بزنس إنسايدر" كشفت فيه عن تحرشه جنسياً بمضيفة طيران في رحلة على طائرة خاصة من أميركا إلى بريطانيا. ورد ماسك، في تقرير المجلة بأن "المسألة تتعلق بما هو أكثر... فلو أني متحرش جنسياً فلا يمكن أن تكون هذه أول حادثة التي يكشف عنها خلال مساري المهني الممتد لثلاثين عاماً".
ولم تتلق مجلة "بزنس إنسايدر" رداً من شركة "سبيس إكس" التي يملكها ويرأسها ماسك بشأن تلك الحادثة والتسوية التي تمت مع المضيفة. وبما أن المسألة لم تصل للقضاء وليست فيها أوراق محكمة، كما نشرت المجلة، فمن الصعب التحقق من الاتهام من وثائق في المجال العام، لكنها في النهاية سلطت مزيداً من الضوء الإعلامي على الملياردير الأميركي المثير للجدل.
قصة التحرش
تعود القصة، بحسب تقرير المجلة، إلى عام 2016 على متن رحلة خاصة بطائرة من طراز "غلف تسريم" إلى لندن. دخلت المضيفة كابينة إيلون ماسك حيث كان عارياً تماماً إلا من ملاءة تغطي نصفه الأسفل. وطلب ماسك تدليكاً، ثم كشف عورته للمضيفة واعداً إياها بأن "يشتري لها حصاناً إذا قامت بما هو أكثر" من التدليك، أي بأفعال جنسية، ذلك قبل أن يلمس جسدها وهو يحاول رشوتها من أجل الجنس.
مصدر القصة ليس المضيفة، إنما صديقة لها في شهادة قانونية تقول مجلة "بزنس إنسايدر" إنها اطلعت عليها، تصف الحادثة على الطائرة المملوكة لشركة "سبيس إكس". وحين رفضت المضيفة إغراءات ماسك، قررت الشركة تخفيض ساعات طيرانها بعد ذلك.
قامت المضيفة بتوكيل محامي قضايا عمالية في كاليفورنيا أرسل بدوره شكوى مفصلة بالواقعة لإدارة شؤون الأفراد في الشركة. وتولت الإدارة المسألة من أجل تسوية من دون الذهاب إلى المحكمة، ويقال إن إيلون ماسك حضر بنفسه إحدى الجلسات مع وسيط تسوية. وفي النهاية تم الاتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2018 على منح المضيفة ربع مليون دولار وأن توقع على اتفاقية "عدم إفصاح" ملزمة قانوناً، وألا تتقدم بشكوى للقضاء حول الحادثة.
ولأن اتفاقية عدم الإفصاح تلزم المضيفة المعنية بعدم الحديث حول الأمر، استندت المجلة إلى الشهادة القانونية لصديقتها، لكن إيلون ماسك، الذي نفى تلك الاتهامات تماماً واصفاً إياها بأنها "غير صحيحة تماماً" وأن "وراءها دوافع سياسية"، يرى أن إثارة هذا الأمر له علاقة بمحاولته شراء موقع "تويتر" وإعلانه تخليه عن تأييد الحزب الديمقراطي وقراره التصويت لصالح الحزب الجمهوري.
وكتب ماسك على حسابه في "تويتر" تغريدة يقول فيها: "أتحدى تلك الكاذبة التي تقول إن صديقتها رأتني عارياً: فلتصف لنا شيئاً واحداً، أي شيء، لا يعرفه عامة الناس (وشم، علامة، أثر جرح...). لن تستطيع ذلك، لأن هذا الأمر لم يحدث".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ماسك والسياسة
رغم أنه يركز أساساً على البزنس، فإن ولعه بالتغريد على "تويتر" وبشكل مثير للجدل في كثير من الأحيان، لم يبعد إيلون ماسك عن السياسة. فمع بداية الحرب في أوكرانيا أعلن عن تقديم خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية من شبكة "ستار لينك" التي أطلقها في الفضاء للأوكرانيين، وذلك حتى لا تنقطع اتصالاتهم وقدرتهم على بث حملاتهم الدعائية إذا عطلت القوات الروسية شبكة الإنترنت الأوكرانية.
قبل ذلك، استخدم ماسك حسابه على "تويتر" الذي يتابعه الملايين لحشد موجات ما يسمى "المستثمر الفردي" في الأسهم والأوراق المالية وخصوصاً في العملات المشفرة في تحد للنظام المالي الرسمي التقليدي. وأخيراً، أعلن هذا الأسبوع أنه سيتحول من تأييد الديمقراطيين إلى تأييد الجمهوريين في الولايات المتحدة.
وكتب في تغريدة له، الأربعاء: "في الماضي كنت أصوت للديمقراطيين، لأنهم كانوا (غالباً) الحزب الطيب، لكنهم أصبحوا حزب الانقسام والكراهية، لذا لا أستطيع الاستمرار في دعمهم وسأصوت للجمهوريين. الآن، شاهدوا حملاتهم القذرة ضدي".
وحين وافق مجلس إدارة شركة "تويتر" على عرض الاستحواذ من إيلون ماسك، أعلن الأخير أنه سيعيد حساب الرئيس السابق دونالد ترمب الذي حظره "تويتر". ويوم الجمعة، وصل ماسك إلى البرازيل لبحث مسائل "الاتصالات وحماية حوض الأمازون" مع حكومة اليمين المتطرف في البرازيل، بحسب ما ذكر وزير الاتصالات البرازيلي في تغريدة له على "تويتر". وربما يلتقي ماسك مع الرئيس الشعبوي جاير بولسونارو الذي يجد نفسه حالياً معزولاً عالمياً منذ خسر الرئيس ترمب الانتخابات الأميركية عام 2020.
وبعض المحللين والمعلقين الأميركيين يتحدث الآن عن مدى الضرر الذي قد تسببه ممارسات ماسك للعلامة التجارية المهمة، "تيسلا". وكيف أن بعض العاملين في شركاته وزبائن منتجاته من الجمهور يمكن أن ينصرفوا عنه بسبب إثارته للجدل وآرائه التي قد تبلغ حد "الشطط".