أسهمت زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق في العام الماضي في إحياء مدينة أور التاريخية وتسليط الضوء عليها كقبلة سياحية دولية، حيث شهدت توافد عدد من السياح الأجانب في خطوة تعزز من السياحة الداخلية التي تتمتع بها بلاد الرافدين.
ولهذه الغاية، جرى اجتماع عراقي – إيطالي ناقش خلاله وزير التخطيط، خالد بتال النجم، مع السفير الإيطالي ماوريتسيو كريكانتي والوفد المرافق له، مشروعي تطوير أور التاريخية وإنشاء سدة في شط العرب.
وقال بيان صادر عن وزارة التخطيط، إنه "جرى خلال اللقاء الذي حضره مدير عام التعاون الدولي في وزارة التخطيط، ساهر عبد الكاظم، بحث أوجه التعاون المشترك بين البلدين الصديقين، في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية وسبل تطويرها".
وأكد الطرفان عمق العلاقات الثنائية، وسعي البلدين لتطوير تلك العلاقات بما يخدم التوجهات التنموية في العراق وإيطاليا.
كما جرت خلال اللقاء، وفقاً للبيان، مناقشة عدد من المشاريع التي يجري تمويلها من القرض الإيطالي، لا سيما فيما يتعلق بتطوير مدينة أور التاريخية في محافظة ذي قار، وإنشاء السدة المائية في شط العرب بمحافظة البصرة، لمنع صعود اللسان الملحي.
تطوير مدينة أور الأثرية
وفي السياق، أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، عن توجه حكومي بتخصيص مبلغ 10 مليارات دينار (ما يقارب 7 ملايين دولار أميركي) لتطوير مدينة أور الأثرية.
وقال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "اللجنة المعنية بالأمانة العامة لمجلس الوزراء برئاسة الأمين حميد الغزي، مستمرة باجتماعاتها من أجل تطوير مدينة أور"، مبيناً أن "الاجتماع الأخير وجه بتخصيص مبلغ 10 مليارات دينار من صندوق محافظة ذي قار، لغرض المباشرة في إنشاء البنى التحتية للمدينة السياحية المجاورة لأور".
وأكد مجيد أنه "تم اتخاذ جميع الإجراءات لتطوير مدينة أور، إذ تم التعاقد مع إحدى الشركات المحلية"، مؤكداً أن "الشركة باشرت العمل بإنشاء البنية التحتية للمدينة السياحية تمهيداً للمباشرة ببقية الأعمال داخل مشروع التطوير".
وفي وقت سابق، أكد مجلس الوزراء وجود رؤية حكومية لتطوير المدينة، وأنها تعمل مع وزارة الثقافة والتخطيط والمالية والإدارة المحلية لمحافظة ذي قار للمباشرة والشروع بإحالة المشروع إلى الشركات الرصينة.
وكان الأمين العام لمجلس الوزراء، حميد نعيم الغزي، أكد في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن مشروع تطوير مدينة أور سيسهم في إنعاش اقتصاد محافظة ذي قار وتوفير فرص العمل.
لفتة دولية
وقال الغزي خلال ترؤسه اللجنة المعنية بتطوير المدينة، إن "الحكومة العراقية أبدت اهتمامها الكبير بالمشروع، ولا سيما بعد أن لاقت لفتة دولية إثر زيارة قداسة بابا الفاتيكان"، مشيراً إلى أن "عملية التطوير ستسهم في إنعاش الواقع الاقتصادي للمحافظة وتوفير آلاف فرص العمل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أن "الأمانة العامة لمجلس الوزراء عملت على تخصيص المبالغ اللازمة لتطوير البنى التحتية عبر صندوق إعمار محافظة ذي قار، وأن اللجنة وصلت إلى مراحل متقدمة في ما يخص إعداد التصاميم الأساسية للمدينة الجديدة، بالتنسيق مع الإدارة المحلية للمحافظة".
ووجه الغزي، أعضاء اللجنة، بتحديد الأولوية للمخططات المقرر تنفيذها، على أن تأخذ الطابع التراثي والتاريخي بطراز حديث، وضرورة وضع آلية الشروع بالمرحلة الأولى بعد المصادقة على التصاميم، والمتضمنة إنشاء مركز لحوار الأديان وتبادل الثقافات، ومسجد وكنيسة، فضلاً عن الأبنية الخاصة بالخدمات الأساسية التي ستقدم إلى الزائرين".
وكانت مديرية آثار ذي قار أعلنت العام الماضي، عن زيارة وفد سياحي من أميركا وبريطانيا مدينة أور، فيما كشفت عن خطة لدى شركة "إكسبلور" السياحية الأميركية لاستقطاب السياح إلى مدينة الناصرية.
إنعاش اقتصاد العراق الريعي
ويرى الباحث السياسي والاقتصادي، صالح لفتة، أن أي جهود أو مساهمة لتطوير المدينة أو غيرها من آثار العراق، كلها ستسهم في إنعاش اقتصاد العراق الريعي المعتمد على النفط، بزيادة أعداد السياح والمهتمين بقطاع الآثار العراقي، الذي ما زال كثير من مدنه وأسراره غير معروفة وغير مكتشفة للعالم، وخصوصاً إذا كانت المساعدة من إيطاليا التي لديها من الأماكن الأثرية وبها المرجعية الأكبر للعالم المسيحي، التي من الممكن الاستفادة من إمكاناتها في دعم الجانب السياحي والآثاري وتطويره في محافظة ذي قار.
وأقر بأن "مدينة أور التي تملك ميزة فريدة لأنها تمثل إرثاً مقدساً لأكثر من مليار من أتباع الديانة المسيحية، زاد الاهتمام بها بعد أن زارها قداسة بابا الفاتيكان عند توفير الخدمات والطرق وأماكن الاستراحة لزائري المدينة. والتأكيد أن تشهد محافظة ذي قار انتعاشاً في الأسواق وتوفير فرص العمل لمدينة تعاني أصلاً نقص الخدمات والبطالة وزيادة في الفقر، ويحج الملايين لهذا المعلم الأثري الكبير".
وأضاف، "هناك كثير من الدول والمنظمات التي تعرض المساعدة ومستعدة للتعاون، لكن للأسف هناك تلكؤ وبطء من قبل المسؤولين وعدم أخذ الموضوع بجدية أكبر للإسراع بتطويرها، فقد مضى أكثر من عام على زيارة البابا، وحتى الآن ما زلنا بالتخطيط والاجتماعات وإبرام الاتفاقات، ولا يوجد شيء ملموس على الأرض"، بحسب تعبيره.