أجبرت الظروف المعيشية الصعبة، التي يعيشها العراق، الشباب على استبعاد فكرة الارتباط والزواج، حيث أسهمت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في عزوف كثيرين منهم عن تأسيس عائلة، نظراً إلى الغلاء وقلة فرص العمل.
بحسرة كبيرة، يشير الشاب محمد مجيد إلى أنه "يستبعد فكرة الارتباط والزواج وتأسيس عائلة، نتيجة الظروف الصعبة، التي يعيشها معظم الشباب العراقي".
وقال مجيد، العامل في أحد محلات الملابس، ويتقاضى نحو 20 دولاراً أميركياً يومياً، وتسكن عائلته في منزل بالإيجار، إن "الظروف التي أمر بها لا تجعلني أبداً أفكر في الارتباط، حيث لا أستطيع توفير أبسط مقومات المعيشة لزوجة وأولاد".
وأكد أن "كثيراً من الشباب لم يفكروا في الارتباط نتيجة تلك الظروف الصعبة، وغلاء المهر، وتكاليف العرس، إضافة إلى غلاء الإيجارات، فالرواتب المتدنية، التي يحصل عليها الشاب العراقي لا تؤسس لحياة كريمة".
اختلاف أسلوب الحياة
في السياق ذاته، قالت الشابة آية كريم، إن "كثيراً من الشباب والشابات يمتنعون عن الزواج لأسباب كثيرة لا تعد ولا تحصى، حيث اختلف أسلوب الحياة كثيراً عما كان في السابق، عندما كانت الأمور بسيطة، أما اليوم فكثير من المتطلبات الأساسية غير متوفرة، وغالبية الشباب يسكنون في منازل الأهالي، مما يولد المشكلات بين الأزواج في غالبية الأحيان ويتسبب بالطلاق، وإذا لجأ للإيجارات التي تكون دائماً غالية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأقرت بأن "بعض الشابات يفضلن الحصول على الوظيفة بدلاً من الزواج وتكوين أسرة وبعدها الطلاق، الذي كثر بشكل غير مسبوق لأسباب غريبة جداً".
يشير الباحث الاجتماعي، أحمد رائد، إلى أن "عزوف الشباب والشابات جاء نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها بشكل عام المواطن العراقي، إضافة إلى صعوبة إيجاد فرص العمل، سواء أكان في الوظيفة الحكومية التي تضمن له مستقبله، أو في القطاع الخاص".
الزواج حالة اقتصادية
بدوره، أكد الباحث الاقتصادي، بسام رعد، أن "الزواج يعتبر انتقالاً إلى مرحلة البلوغ في حياة الشباب، وهو من أهم النظم الاجتماعية، وهو العلاقة المشروعة بين الجنسين، وتنظيم تلك العلاقة يتفق مع القيم الإنسانية والاجتماعية لمجتمعنا العراقي".
وقال، "لا يمكننا أن ننكر أن العامل الاقتصادي، وانعدام فرص العمل، وارتفاع تكاليف المجوهرات (الذهب)، وعدم توفر السكن الملائم، والمغالاة في تكاليف المهور، أصبحت مشكلة تعوق الشباب عن تكوين أسرة وحياة مستقرة، حيث إن الزواج حالة اقتصادية، مثل أي وحدة اقتصادية تحتاج إلى رأس مال وتراكم مالي لسنوات من العمل قبل الإقبال على مشروع الزواج".
واستكمل الباحث الاقتصادي حديثه بالقول، "لقد أجبرت التكاليف المرتفعة للزواج كثيراً من الشباب على الاستدانة واللجوء إلى القروض، ودفعت القسم الآخر إلى العزوف أو التأخر في سن الزواج، وباتت اقتصادات الزواج، وهي مجموعة الأمور التي تتكلف مادياً ويتم الاتفاق عليها من أجل الزواج، تشكل عائقاً اقتصادياً لدى فئة الشباب، وأضحت آثارها الاجتماعية ملموسة من خلال ظهور عديد من السلوكيات والتصرفات الدخيلة على مجتمعنا الشرقي".