قالت مسؤولة تنفيذية بارزة بمنظمة الصحة العالمية اليوم الاثنين إن المنظمة ليس لديها دليل على أن فيروس جدري القرود قد تحور، مشيرة إلى أن المرض المتوطن في غرب ووسط أفريقيا لم يتغير.
وقالت روزاموند لويس مديرة إدارة الجدري ببرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية للصحافيين إن التحورات أقل عادة مع هذا الفيروس لكن التسلسل الجيني للحالات سيساعد في التعرف بشكل أفضل إلى موجة الانتشار الراهنة وفهمها.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أنه من الممكن السيطرة على تفشي جدري القرود ووقف انتقال العدوى بين البشر.
وقالت المسؤولة عن الأمراض الناشئة لدى منظمة الصحة ماريا فان كيرخوف "نريد وقف انتقال العدوى بين البشر. يمكننا القيام بذلك في الدول التي لم يتفش فيها... إنه وضع يمكن السيطرة عليه".
في الوقت نفسه فقد أكدت وكالة الصحة الأوروبية أن خطر انتشار جدري القرود على نطاق واسع "ضئيل للغاية" لكنه مرتفع لدى مجموعات معينة.
وأوضحت مديرة وكالة الصحة الأوروبية أندريا أمون أن "معظم الحالات الراهنة ترافقت مع أعراض مرض خفيفة، وبالنسبة إلى العامة، فإن احتمال الانتشار منخفضة للغاية"، مضيفة أن احتمال انتشار الفيروس عبر الاتصال الوثيق بين أشخاص ذوي شركاء جنسيين متعددين اعتبر "مرتفعاً".
إصابات جديدة
سجلت السلطات الصحية في البرتغال يوم الاثنين 14 حالة مؤكدة جديدة بمرض جدري القرود، وبذلك يصل العدد الإجمالي للحالات المؤكدة إلى 37.
وفي إسبانيا المجاورة، سجلت السلطات الصحية في منطقة مدريد أربع حالات مؤكدة أخرى يوم الاثنين، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 34 إصابة. وهناك 38 حالة أخرى يشتبه في إصابتها بجدري القرود في مدريد.
وقالت هيئة الصحة العامة في اسكتلندا في بيان إنها سجلت أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس جدري القرود اليوم الاثنين، مضيفة أن المصاب يتلقى العلاج بينما يتم تتبع المخالطين له.
وقال نيك فين مدير إدارة علوم الصحة العامة في الهيئة "نعمل مع مجالس الخدمة الصحية الوطنية وشركاء آخرين في اسكتلندا والمملكة المتحدة للتحقيق في مصدر هذه العدوى. يجري تحديد المخالطين عن قرب للحالة وتزويدهم بالمعلومات والمشورة الصحية".
ويقول العلماء إن تفشي المرض أخيراً في أكثر من 10 دول لا يتوطن بها أمر غير معتاد. وتم تسجيل أكثر من 100 حالة مؤكدة أو حالة اشتباه معظمها في أوروبا.
الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر
ودق مسؤولو الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن ارتفاع عدد الإصابات بجدري القرود في أوروبا ومناطق أخرى، وهو نوع من الإصابة الفيروسية الأكثر شيوعاً في غرب ووسط القارة الأفريقية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنه تم حتى يوم السبت تأكيد 92 إصابة بجدري القرود كما أن هناك 28 إصابة أخرى يجري التحقق منها في 12 دولة لا يعد هذا الفيروس متوطناً فيها.
وأضافت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أنها تتوقع اكتشاف المزيد من الإصابات بجدري القرود بينما توسع نطاق المراقبة في البلدان التي لا يوجد فيها المرض عادة، وأنها ستقدم المزيد من الإرشادات والتوصيات في الأيام المقبلة للبلدان بشأن كيفية الحد من انتشار جدري القرود.
الأرجنتين ترصد أول حالة يشتبه في إصابتها بجدري القرود
قالت وزارة الصحة الأرجنتينية يوم الأحد إنها رصدت ما يشتبه أنها حالة إصابة بجدري القرود في بوينس أيرس، وسط تنامي القلق العالمي من تزايد الحالات في أوروبا وأماكن أخرى من العدوى الفيروسية الأكثر شيوعاً في غرب ووسط أفريقيا.
ولا توجد حالات مؤكدة حتى الآن في أميركا اللاتينية.
وقالت وزارة الصحة الأرجنتينية إن المريض المشتبه في إصابته بجدري القرود من سكان مقاطعة بوينس أيرس ولديه أعراض متوافقة مع المرض، وكان قد سافر أخيراً إلى إسبانيا. وأضافت الوزارة أن المريض في حالة جيدة ومعزول أثناء إجراء التحاليل.
خطورة الفيروس
قال مسؤول في الصحة العامة بالولايات المتحدة للصحافيين يوم الجمعة إن المخاطر على عامة الناس منخفضة في الوقت الحالي. وجدري القرود فيروس يمكن أن يسبب أعراضاً تشمل ارتفاع درجة الحرارة وآلاماً ويظهر بشكل طفح جلدي مميز.
ويرتبط هذا المرض بالجدري ولكنه عادة ما يكون أخف، لا سيما سلالة غرب أفريقيا من الفيروس التي تم رصدها في إصابة بالولايات المتحدة، والتي يبلغ معدل الوفيات الناجمة عنها نحو واحد في المئة. وقال المسؤول إن معظم الناس يشفون تماماً في غضون ما يتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع.
ولا ينتقل الفيروس بسهولة مثل فيروس "سارس-كوف-2" الذي حفز جائحة كورونا على مستوى العالم.
ويعتقد الخبراء أن التفشي الحالي لمرض جدري القرود ينتشر من خلال الاحتكاك المباشر بجلد شخص مصاب بطفح جلدي نشط. وقال الخبراء إن ذلك من شأنه أن يسهل احتواء انتشاره بمجرد تحديد الإصابة.
وقال الدكتور مارتن هيرش من مستشفى ماساتشوستس العام "ينتشر كورونا عن طريق الجهاز التنفسي وهو شديد العدوى. لا يبدو أن هذه هي الحال مع جدري القرود".
وقال ديفيد هيمان، المسؤول بمنظمة الصحة العالمية وإخصائي الأمراض المعدية، لـ "رويترز": "ما يبدو أنه يحدث الآن هو أنه قد وصل إلى السكان في صورة جنسية أو (عن طريق) الأعضاء التناسلية، وأنه ينتشر مثل الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، مما أدى إلى تضخيم انتقاله في جميع أنحاء العالم".
ما الذي يهتم به خبراء الصحة؟
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن حالات التفشي التي تم تسجيلها في الآونة الأخيرة حتى الآن غير نمطية لأنها تحدث في دول لا ينتشر فيها الفيروس عادة. ويسعى العلماء إلى فهم أصل الإصابات الحالية وما إذا كان أي شيء يخص الفيروس قد تغير.
وأبدى مسؤولو منظمة الصحة العالمية قلقهم من احتمال ظهور عدد أكبر من الإصابات مع تجمع الناس في مهرجانات وحفلات وعطلات خلال أشهر الصيف المقبلة في أوروبا ومناطق أخرى.
وبدأت بريطانيا في تطعيم العاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين قد يكونون معرضين للخطر أثناء رعاية المرضى، بلقاح الجدري والذي يمكن أن يقي أيضاً من جدري القرود.
وتقول الحكومة الأميركية إن لديها ما يكفي من لقاح الجدري المخزن في مخزونها الوطني الاستراتيجي لتطعيم جميع سكان الولايات المتحدة.
وقال متحدث باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية في بيان إن هناك أدوية مضادة لفيروسات الجدري يمكن استخدامها أيضاً لعلاج جدري القرود في ظل ظروف معينة.
وعلى نطاق أوسع، يقول مسؤولو الصحة إنه يجب على الأشخاص تجنب المخالطة الوثيقة لشخص مصاب بطفح جلدي أو يبدو مريضاً. ويجب على الأشخاص الذين يشتبهون بإصابتهم بجدري القرود عزل أنفسهم وطلب الرعاية الطبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت أنجيلا راسموسن عالمة الفيروسات في منظمة اللقاحات والأمراض المعدية بجامعة ساسكاتشوان بكندا "الفيروسات ليست شيئاً جديداً وهي متوقعة".
وأضافت أن عدداً من العوامل عجل من ظهور وانتشار الفيروسات من بينها زيادة السفر على مستوى العالم وتغير المناخ. وقالت إن العالم أيضاً في حالة تأهب أكبر لعمليات تفش جديدة لأي نوع من الفيروسات في أعقاب جائحة كورونا.
تحذير من العنصرية بشأن جدري القرود
حذر برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز الأحد من أن التعليقات المسيئة العنصرية والمعادية للمثليين التي تسجل أحياناً بشأن جدري القرود قد "تقوض بسرعة جهود مكافحة الوباء".
وتتعلق نسبة كبيرة من مئات حالات جدري القرود التي أكدتها منظمة الصحة العالمية أو السلطات الصحية الوطنية، بمثليين أو مزدوجي الميول الجنسية، كما أشار البرنامج موضحاً أن العدوى تنتقل عن طريق الاتصال الوثيق بشخص مريض وبالتالي "يمكن أن يصاب به الجميع".
قال ماثيو كافانو نائب مدير برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز "هذه الوصمات والملامات تقوض الثقة والقدرة على مواجهة تفشي هذا المرض، بفاعلية".
وترى وكالة الأمم المتحدة التي تستند إلى خبرتها الطويلة مع مرض الإيدز أن هذا النوع من الخطاب يمكن أن يقوض بسرعة كبيرة الجهود القائمة على العلم والحقائق العلمية لمكافحة المرض.
ويؤكد المسؤول أن هذه الحملات العنصرية أو المعادية للمثليين "تتسبب بحلقة من الخوف تدفع الأفراد إلى تجنب المراكز الصحية ما يحد من نطاق الجهود لتحديد حالات العدوى وتشجع على اتخاذ تدابير قسرية غير فعالة".
وجدري القرود مرض نادر وعادة ما تكون أعراضه الحمى وآلام العضلات وتضخم الغدد اللمفاوية وطفح جلدي على اليدين والوجه. ولا علاج لهذا المرض الذي تم القضاء عليه قبل أربعة عقود.
وأبلغت ما لا يقل عن 10 دول أوروبية بالإضافة إلى أستراليا وكندا والولايات المتحدة عن حالات جدري القرود، وهي دول لا تسجل عادة إصابات بهذا المرض. وهو مرض شائع عادة في 11 دولة أفريقية.
منظمة الصحة العالمية تبحث في تداعيات كورونا
باشرت الدول الأعضاء الـ194 في منظمة الصحة العالمية الأحد اجتماعاً في جنيف للبحث خلال الأسبوع الراهن في سبل بناء نظام صحي عالمي فعال وأكثر عدلاً بعدما أظهرت أسوأ جائحة يشهدها العالم منذ قرن ثغراته وفي ظل التداعيات العالمية للحرب في أوكرانيا.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في الخطاب الافتتاحي للجمعية "أينما حلت الحرب تلحق بها المجاعة والمرض"، مستعيداً ذكرياته كطفلٍ عايش الحرب في بلده إثيوبيا. وشدد غيبرييسوس على أن "السلام عنصر أساسي لتأمين الصحة"، مردداً كلمة "سلام" ثلاث مرات.
وضمن غيبرييسوس التجديد له لخمس سنوات إضافية، على رغم مشكلات اعترت ولايته الأولى، لا سيما موقفه الذي اعتبر متساهلاً جداً حيال الصين في بداية تفشي كورونا، ورده البطيء جداً على فضيحة استغلال جنسي ارتكبه بين 2018 و2020 عاملون لدى المنظمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وهو سيستمر في شغل هذا المنصب لكونه المرشح الوحيد.
واعتباراً من الاثنين، سيتعاقب وزراء الصحة في الدول الأعضاء في المنظمة على المنبر خلال أول لقاء لجمعية الصحة العالمية يُعقد حضورياً منذ بداية الجائحة، على أن يطرح التمويل المستدام لمنظمة الصحة العالمية، أحد أكثر المواضيع دقة وصعوبة. وتبلغ ميزانية منظمة الصحة العالمية على سنتين حوالى 6 مليارات دولار.
ويعود سبب ذلك إلى كون المساهمات الثابتة لميزانية منظمة الصحة العالمية، أي الرسوم الإلزامية التي تدفعها الدول الأعضاء، لم تشكل إلا 16 في المئة من ميزانية عامي 2020-2021. أما الباقي، أي المساهمات الطوعية، فالتخطيط لها أصعب ويتطلب جهوداً حثيثة وغالباً ما يحصل لأهداف محددة جداً.
وستتمكن منظمة الصحة العالمية من لعب دورها بشكل أفضل إذا رُفعت نسبة الرسوم الإلزامية إلى 50 في المئة من ميزانيتها على مدى عشر سنوات تقريباً، لكن سيبقى عليها إجراء إصلاحات أيضاً. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة "ما من استثمار أفضل من ذلك الذي يحصل في مجال الصحة". وسمحت جائحة كورونا بالكشف عن مكامن الخلل في نظام الصحة العالمي.
لذلك، ستنظر الجمعية في تجديد اللوائح الصحية الدولية للسماح بتوفير استجابة سريعة وفعالة أكثر لحالات الطوارئ الصحية.
وسيتوجب على جمعية الصحة العالمية أيضاً اتخاذ قرار بشأن إنشاء لجنة دائمة للطوارئ منبثقة من المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية وتفعيلها في غضون 24 ساعة عند حدوث حالة طوارئ صحية دولية أي أعلى مستوى من التأهب لمنظمة الصحة العالمية.
بموازاة ذلك، أُطلق العمل على اتفاق دولي جديد حول الصحة العالمية والذي يجب أن يكون ملزماً لمؤيديه، على أن يُكمل اللوائح الصحية الدولية. وشُكلت مجموعة تفاوض حكومية في ديسمبر (كانون الأول) للعمل على الاتفاق.
وفيما بدأ تفشي مرض جدري القرود الفيروسي غير الخطر حتى الآن في أميركا الشمالية وأوروبا، يسيطر على السلطات الصحية طيف أزمة صحية جديدة محتملة واسعة النطاق.