انتقد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وتيرة المحادثات التي تجريها بلاده مع إيران، في أعقاب أنباء عن جولة سادسة أعلى تمثيلاً بين وزيري الخارجية، سارع الطرفان إلى نفي جدولتها.
جاء ذلك في سياق مناقشات منتدى "دافوس"، الذي سئل فيه عن إمكانية زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية الفترة المقبلة، فأجاب "أنا لا أرد على الإشاعات هنا، وإذا كانت هنالك زيارة في المستقبل فسيتم الإعلان عنها عبر الوسائل الرسمية".
وقال الوزير الثلاثاء إنه "تم إحراز بعض التقدم في المحادثات مع إيران لكنه ليس كافياً"، في لهجة أقل تحفظاً من السابق يوم وصف مستوى النقاشات مع الجانب الإيراني بأنها لا تزال في المرحلة "الاستكشافية"، مؤكداً هذه المرة أن الرياض على الرغم من ذلك "لا تزال تمد يدها إلى طهران"، معرباً عن أمله في أن يرقى التعاون بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة أفضل، مضيفاً "نتطلع إلى قرار وموقف واضح من طهران، ونحن في إطار التشاور معها، ودول المجلس لديها حوار وبصورة منتظمة معها أيضاً".
جبهة دول مجلس التعاون
واعتبر أن جبهة دول مجلس التعاون أصبحت موحدة أمام التحديات الإقليمية والدولية، وفق منظومة "تعمل في إطار وآليات معينة للتوافق... قمنا بتحسين هذه الآليات للتوافق ورأينا في الأشهر القليلة الماضية، وذلك عقب قمة العلا، تعزيزاً في المواقف الموحدة لدول المجلس سواء الموقف من أفغانستان أو القضايا التي يركز عليها المجلس بخاصة في مسألة أمن الطاقة".
وحول مساعي إحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015 بين إيران والقوى العالمية، قال وزير الخارجية السعودي "إذا تم التوقيع على اتفاق نووي بين إيران والبلدان الأخرى... فهذا مهم جداً بالنسبة إلينا، ولكن ينبغي أن يكون هناك ثقة وإرادة صادقة".
وكان عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني جواد كريمي قدوسي في تصريح لوكالة "فارس" الرسمية، أفاد أخيراً بأنه "تم التوصل إلى اتفاقات أولية بين طهران والرياض، وفي المستقبل القريب، سيعقد اجتماع بين وزيري خارجية إيران والسعودية"، في لقاء تقرر عقده في بغداد، "لمناقشة القضايا الثنائية وفتح السفارات وكذلك القضايا الإقليمية وبخاصة الأزمة اليمنية"، قبل أن ينفي كل من الرياض وطهران جدولة اللقاء بين المسؤولين، من دون أن تكشفا عن أي تطور ستشهده الجولة المقبلة من المحادثات السادسة، وسط تطلع الطرفين إلى استئناف علاقاتهما، وإن اختلفا في ما يستدعيه ذلك من خطوات وتنازلات.
انتخابات لبنان إيجابية ولكن
وعن إمكان تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قال وزير الخارجية السعودي، إن "الأولوية الآن لدفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين إلى الأمام"، مشيراً إلى المبادرة العربية للسلام التي أطلقتها الرياض في 2001، واستشهد في الجلسة التي حملت عنوان "هيكلة أمنية جديدة في الشرق الأوسط"، وحضرها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، بالتوترات في الأراضي الفلسطينية الفترة الماضية، معتبراً أن عدم حل القضية الفلسطينية "تسبب في زعزعة استقرار المنطقة".
في الشأن اللبناني، لفت الأمير فيصل إلى أن الانتخابات البرلمانية التي أجريت في الآونة الأخيرة في بيروت "ربما تكون خطوة إيجابية" لكن من السابق لأوانه قول ذلك، في إشارة إلى انتظار ما تسفر عنه من تشكيل الحكومة والبرلمان اللبنانيين، وتعاطيهما مع الملفات محل الإشكال بين بيروت والعواصم الخليجية ومن بينها التبعية لإيران، والاستسلام لتحكم وكلائها في حزب الله وحلفائهم في المشهد اللبناني برمته قبل الانتخابات، وهو ما تنفيه أطراف في البلاد ذات الأهواء والطوائف المتباينة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت السعودية وإيران رغبة جادة هذه المرة في طي صفحة الخلاف بينهما أو التخفيف من حدته، على الرغم من أجواء التشكيك التي صاحبت محاولة الطرفين تقريب وجهات النظر بينهما في البداية، خصوصاً من جانب الرياض التي لا ترى خطوات عملية من طهران تدفع إلى أخذ ما تقوله من رغبة في "الحوار وحسن الجوار" على محمل الجد.
لكن مسارعة الجانب الإيراني كل مرة إلى تسريب مواقيت وأجواء المحادثات السرية مع السعوديين، أوحى للمراقبين بأن النظام هنالك في عجلة من أمره ليصلح جانباً من مشكلاته مع جارته الإقليمية الأكثر إصراراً على كبح جماح مشروع إيران الذي يوصف بـ"التخريبي" في الخليج والمنطقة العربية.
وفي حين تحدث مسؤول إيراني الشهر الماضي عن "جو إيجابي" ساد المحادثات بين الدولتين، استعجل آخر هذه المرة إعلان عقد الجولة السادسة، مفيداً بأنها ستكون أعلى تمثيلاً من السابقات بجمعها وزيري الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود والإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في خطوة قد تبرهن على أن اللقاءات التي قلل الطرفان معاً من أهمية مراحلها الأولى، أتت بعض أكلها.
تكتل الجيران
وتدعم إيران ميليشيات الحوثي التي انقلبت على الحكومة الشرعية التي تساندها السعودية والإمارات في ظل التحالف العربي وتأييد من المجتمع الدولي، بالصواريخ والطائرات المسيرة التي استهدفت بها منشآت مدنية في كل من السعودية والإمارات والداخل اليمني خارج سيطرتها.
لكن إيران أعربت أخيراً عن أملها في تنمية العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة بعد تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة الدولة الخليجية عقب وفاة سلفه الشيخ خليفة. وقال عبد اللهيان في أبو ظبي للشيخ محمد بن زايد في المناسبة نفسها إن "دفء العلاقات بين الدول الجارة يبث اليأس في نفوس أعداء المنطقة"، وفقاً لوكالة "إرنا" الرسمية.
تطلع إلى محادثات علنية
وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، الذي تستضيف بلاده اللقاء بين جارتيها الكبيرتين، أعرب عن أمله خلال زيارة لطهران منتصف أبريل (نيسان) الماضي، في أن "نصل إلى مراحل أخرى من هذا الحوار (...) وننقل الحوار من حوارات مغلقة أو حوارات سرية أو حوارات على المستوى الأمني، إلى حوارات دبلوماسية وحوارات علنية".
لكن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان علق في وقت سابق التقدم في الحوار مع إيران بوجود "رغبة جدية لوقف التصعيد" والعمل على منطقة أكثر استقراراً.
وفي تعليق على الجولات الأربع الأولى من المحادثات قال الفرحان، إنه "على الرغم من غياب تقدم جوهري، فإن هناك إمكانات كبيرة من أجل التقدم للأمام، وهذا بالتأكيد يتطلب من إيران وجود رغبة جدية في التصدي للقضايا القائمة، ونحن نأمل بأن تكون هناك رغبة جدية في إيجاد مقاربة. السعودية مهتمة بعلاقة إيجابية مع إيران بما يقدم الفوائد لكلا البلدين".