أفادت تقارير نشرتها مجموعة من وسائل الإعلام، الثلاثاء الـ 24 من مايو(أيار)، أن آلاف الصور المسربة من شينجيانغ في شمال غربي الصين تقدم أدلة جديدة على تعرض الإيغور في المنطقة إلى اعتقال جماعي قسري.
واحتوت البيانات التي تم الحصول عليها من طريق قرصنة خوادم أجهزة الكمبيوتر التابعة للشرطة في المنطقة، على أكثر من 5000 صورة التقطتها الشرطة لمجتمع الأقلية في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) عام 2018. لا توجد ملفات يعود تاريخها إلى ما بعد عام 2018 عندما شددت الحكومة الصينية معايير التشفير في شينجيانغ.
وتتهم جماعات حقوق الإنسان الصين منذ سنوات بالقمع المنهجي للأيغور، وهم أقلية عرقية مسلمة في المنطقة، وأثيرت مخاوف في شأن الانتهاكات المنتشرة على نطاق واسع، بما في ذلك الاعتقال الجماعي والعمالة القسرية والتعذيب والاعتداء الجنسي على أكثر من مليون من الإيغور في مراكز الاحتجاز في المنطقة.
وتنفي الصين مزاعم الانتهاكات هذه، وبعد أن أنكرت في البداية وجود شبكة من معسكرات الاحتجاز في المنطقة، راحت تصفها الآن بأنها مراكز إعادة تأهيل طوعية.
ومن بين الوثائق المسربة يوجد جدول بعنوان "الأشخاص الذين تعرضوا لقمع شديد بسبب المعتقد"، يستعرض أسماء 330 شخصاً حكم عليهم بسبب أنشطة دينية "غير قانونية" مثل دراسة القرآن.
هذه الوثائق التي تحمل عنوان "ملفات شرطة شينجيانغ" والتي نشرتها المؤسسة التذكارية لضحايا الشيوعية ومقرها واشنطن، تقدم تفاصيل جديدة حول كيفية إساءة الحكومة الشيوعية معاملة الأقليات على الرغم من إنكار بكين هذه المزاعم بشكل مستمر.
تحتوي قاعدة البيانات الضخمة على آلاف صور الاعتقال المأخوذة للمحتجزين الذين لا تزيد أعمار بعضهم على 15 عاماً، كما يسلط الضوء على استخدام ضباط الشرطة المسلحين بالبنادق الآلية وصور تدريبات الشرطة.
تظهر الوثائق سجلات اعتقال تعسفي لمدد تصل إلى عقد من الزمان جزاء أفعال تافهة، مثل عدم استخدام الهاتف في محاولة مزعومة للتهرب من المراقبة الرقمية، كما تشمل اتباع سياسة إطلاق النار بنية القتل مع أولئك الذين يحاولون الفرار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت الملفات أن الحكومة الصينية احتجزت عدداً يتراوح بين مليون ومليوني مسلم من الإيغور وأقليات عرقية أخرى في منطقة شينجيانغ.
وكان تقويم للأمم المتحدة عام 2019 قد ذكر أن ما يقدر بنحو مليون شخص قد اعتقلوا في المنطقة، ونفت بكين مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان قائلة إن سياساتها في المنطقة تهدف إلى محاربة الإرهاب.
كما كشفت الملفات عن خطاب سري لوزير الأمن العام الصيني يؤكد أن السيد شي أعطى أوامر بشكل شخصي بتزويد مرافق الاحتجاز المكتظة في شينجيانغ بمزيد من حراس الأمن والتمويل، و "توسيع السجون ونظام الاعتقال في المنطقة".
وتوضح الوثائق بالتفصيل المطالب الحماسية من تشين كوانغو، السكرتير السابق للحزب الحاكم في شينجيانغ، بمعاملة الأقليات معاملة "المجرمين الخطرين" لمنع الهرب من المعسكرات وإطلاق النار على الفور لإيقاف من يحاولون الفرار.
قال أدريان زينز، زميل رفيع في الدراسات الصينية ومدير في المؤسسة التذكارية لضحايا الشيوعية: "هذه النتائج مهمة لأنها تزودنا بتوجيهات صريحة لإنفاذ السياسة إلى جانب عمليات التفكير والنيات التي جعلتها حقيقة واقعة، ويعطي هذا نظرة غير مسبوقة على المواقف الشخصية للسلطات الصينية والمشاركة الشخصية لشي جينبينغ. لم يسبق أبداً أن نشرت وثائق بمثل هذه الرؤية المطلعة، كما أن الأمور التي تكشفها مزعجة للغاية".
وقال السيد زينز إن قرصاناً إلكترونياً مجهولاً قدم له الملفات مدعياً أنه قام بتنزيلها من خوادم الشرطة، ثم نقل البيانات إلى أكثر من 12 مؤسسة إعلامية.
وقررت وزارة الخارجية الأميركية ومجلسا النواب الكندي والهولندي أن سلوك الصين ضد الإيغور يشكل إبادة جماعية بموجب القانون الدولي.
من جهتها، وصفت وزارة الخارجية الصينية يوم الثلاثاء تسرب البيانات على لسان المتحدث باسمها وانغ وين بين بأنه "أحدث مثال على القوى المناهضة للصين التي تحاول تشويه سمعة الصين. إنه مجرد تكرار لحيلهم القديمة. نشر الإشاعات والأكاذيب لن يؤثر سلباً في حكم العالم [على الصين] ولا يمكن أن يخفي حقيقة أن شينجيانغ تتمتع بالاستقرار والازدهار، وأن السكان هناك يعيشون حياة سعيدة ومرضية"، وفقاً لشبكة "بلومبيرغ".
ويبدو أن التسريب تزامن مع وصول المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليت إلى مدينة غوانغزو هذا الأسبوع في أول زيارة من نوعها للأمم المتحدة منذ 17 عاماً، ومن المقرر أن تركز الزيارة على مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان ضد المسلمين في شينجيانغ، وعلى كل حال أثار النقاد مخاوف من أن الحكومة الصينية ستستخدم الزيارة لأغراض دعائية، وأنها قد لا تسفر عن أي مكاسب كبيرة.
نشرت اندبندنت هذا المقال في 25 مايو 2022
© The Independent