أدى تفشي ظاهرتي الجريمة المنظمة، وتجارة المخدرات في المكسيك، إلى ارتفاع عدد المفقودين إلى أكثر من 112 ألف شخص غالبيتهم من الرجال منذ عام 1964، في ظل مساهمة الإفلات من العقاب في استنساخ حالات الاختفاء القسري والتستر عليها.
300 ألف عملية اغتيال في 15 سنة
ووصل عدد حالات الاغتيال في البلاد، التي يبلغ عدد سكانها 126 مليون نسمة، 300 ألف عملية خلال الـخمس عشرة سنة الماضية، أكثر من 36 ألفاً منها سجلت في 2020، بمعدل 100 عملية يومياً.
ومنذ إعلان الرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون الحرب الشاملة على تجارة المخدرات عام 2006 تضاعفت ظاهرة الاختفاء القسري. لكن تلك الظاهرة بدأت مع "الحرب القذرة" التي شنتها السلطات على الحركات الثورية بين الستينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
واعتبرت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة الاختفاء القسري أن "الاتجاه التصاعدي لعمليات الخطف يغذيه "إفلات مطلق من العقاب"، مشيرة إلى أن ذلك يشكل مشكلة "للمجتمع برمته وللإنسانية". وأرجعت اللجنة الأممية أسباب الاختفاء القسري إلى الجريمة المنظمة في المكسيك، لكنها حمّلت جزءاً من المسؤولية إلى "إهمال السلطات العامة"، وطالبت الحكومة المكسيكية باتخاذ إجراءات فورية للحد من ذلك.
نصف طن رفات بشرية في حقل ذرة
وعثرت السلطات عام 2017 على نصف طن من الرفات البشرية في حقل ذرة سابق في ولاية تاماوليباس شمال غربي البلاد المتاخمة للحدود مع الولايات المتحدة الأميركية. وتعتبر الولاية، التي فقدت أكثر من 11 ألف شخص، ممراً للمخدرات إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهي الأكثر تضرراً من ظاهرة الاختفاء القسري بالإضافة إلى ولاية خاليسكو غرب البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المسؤولة في مركز التحقيق والخبرة الاقتصادية كارلا كوينتانا قالت إن "98 في المئة من الجرائم في المكسيك تمر من دون عقاب"، مضيفة أن آلاف الجثث مجهولة الهوية تتكدس في المشارح لأن النظام القضائي متخم بالقضايا، ولا يملك الإمكانات للبت فيها".
"معسكر إبادة" ولا أحد يبالي
وأبلغت كوينتانا العام الماضي عن اكتشاف "معسكر إبادة" جديد في ولاية تاماوليباس، لكنها أعربت عن أسفها "لعدم مبالاة المجتمع المكسيكي بذلك". وأضافت المسؤولة المكسيكية، "لا نفهم كيف أنه مع مئات الآلاف من جرائم القتل، ووجود آلاف المقابر السرية، والإفلات شبه التام من العقاب، يفضل المجتمع المكسيكي غض النظر".
وفي عام 2014 اختفت 43 طالبة مدرسة في ولاية أيوتزينابا جنوب غربي المكسيك في ظروف غامضة قبل أن تعثر السلطات على رفات ثلاث منهن بعد سبع سنوات. وفي ولاية خاليسكو شمال غربي المكسيك تواصل غوادالوبي كارامانيرا البحث عن خمسة من أبنائها فقدوا قبل خمس سنوات. وقالت كارامانيرا إنها فقدت ابنها لوسيرو عام 2016 إثر خروجه لمقابلة عمل، قبل أن يختفي أبناؤها الثلاثة الآخرون بعد ثلاث سنوات بعدما أوقفهم الشرطة البلدية خلال تنقلهم.
الإفلات المطلق من العقاب
وخلص تقرير للجنة الأمم المتحدة حول حالات الاختفاء القسري إلى وجود "مأساة إنسانية" في المكسيك بسبب "الإفلات المطلق من العقاب للخاطفين"، مشيرة إلى أنهم أعضاء في عصابات الجريمة المنظمة أو قوات الأمن. وذكر التقرير أن "الإفلات من العقاب يعتبر سمة هيكلية تسهم في استنساخ حالات الاختفاء القسري والتستر عليها".
وفي عام 2019، وبعد ساعات على اعتقال السلطات المكسيكية نجل خواكين غوزمان إل تشابو إمبراطور تجارة المخدرات في البلاد أفرجت عنه إثر اندلاع أعمال عنف واشتباكات مسلحة بين الشرطة وأفراد عصابته في مدينة كولياكان شمال البلاد.
وأعلنت السلطات أنها اضطرت للإفراج عن أوفيديو غوزمان بعد ساعات من اعتقاله خشية تفشي أعمال العنف، ولتجنب سقوط مزيد من الضحايا على يد عصابته التي اقتحمت سجناً، وأطلقت عدداً من السجناء.
وكانت محكمة أميركية حكمت عام 2019 بسجن المكسيكي خواكين غوزمان مدى الحياة، بالإضافة إلى 30 سنة بعد إدانته بتهريب المخدرات وغسل الأموال. وفي 2015 هرب غوزمان من سجن مكسيكي عبر نفق، لكنه اعتقل في وقت لاحق وسُلم إلى الولايات المتحدة في 2017.