Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شبح المجاعة يطل برأسه جراء تأثير الحرب الروسية في الغذاء

محللون: ارتفاعات الأسعار تتحول إلى عجز وديون سيادية ضخمة

منظمة الأغذية والزراعة العالمية تحذر من مخاوف الجوع وانعدام الأمن الغذائي   (أ ف ب)

في تقرير حديث وصادم، حذرت منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو)، من أن نحو 220 مليون شخص سيواجهون الجوع وانعدام الأمن الغذائي خلال العام الحالي، مع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وظهور تداعياتها على سوق الغذاء العالمية. وفي الوقت نفسه، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من مجاعة عالمية تستمر لسنوات بسبب هجوم روسيا العسكري ضد أوكرانيا.

ومن أجل تأمين الإمدادات الغذائية في العالم، أطلقت "فاو"، نداءً عاجلاً بعد أن دفعت الجائحة مئات الملايين من الناس إلى الفقر، في ظل نقص الإمدادات الغذائية. وقالت إن الزراعة في عديد من البلدان معرضة للخطر نتيجة للحرب الروسية - الأوكرانية، داعية إلى اتخاذ إجراءات على نطاق واسع.

وتسببت الحرب الروسية في أوكرانيا في تفاقم أزمات الغذاء مع تسجيله ارتفاعات قياسية في الأسعار، حيث تعتبر روسيا وأوكرانيا مصدرين مهمين في أسواق الحبوب العالمية، كما أن موسكو واحدة من أكبر مصدري الأسمدة في العالم. ومع استمرار الحرب فقد تفاقمت أزمات انعدام الأمن الغذائي بالدول الفقيرة بسبب ارتفاع الأسعار.

فاتورة الدين العالمي

يرى محلل الاقتصاد الكلي عماد كمال، "أن سلة الغذاء العالمي تواجه عديد من الأزمات في الوقت الحالي، وقبل الحرب الروسية في أوكرانيا كانت جميع دول العالم في مواجهة صعبة مع أزمات التوريد والإمدادات بسبب التداعيات العنيفة التي خلفتها جائحة كورونا على حركة التجارة العالمية".

وأوضح لـ"اندبندنت عربية"، "أن الحرب الروسية في أوكرانيا فاقمت أزمات الغذاء بالفعل، حيث سجلت غالبية الأسعار مستويات قياسية، وهو ما يزيد من حجم العجوزات التي تواجهها موازنات الدول التي تعتمد على الاستيراد، وجميع دول الشرق الأوسط بالفعل في هذه الأزمة، بخاصة أن دولة مثل مصر تستورد ما يقرب من 60 في المئة من إجمالي استهلاكها الغذائي".

وأشار إلى "أن المشكلة الحالية لا تتمثل في ارتفاع الأسعار فقط، ولكن أيضاً في انخفاض حجم المعروض من السلع، وصعوبة نقله في ظل الحرب المستمرة بأوكرانيا، وفي ظل هذه المعطيات، فليس من المتوقع أن تشهد الأسعار انخفاضاً خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أن التضخم العالمي مرتفع بالفعل وعند أعلى مستوياته خلال عقود".

وقال "إن أزمة ارتفاعات الأسعار ستنعكس على موازنات الدول في شكل ديون، بينما سجلت فيه الديون العالمية أعلى مستوياتها على الإطلاق بعد خطط التحفيز الضخمة التي أطلقتها الحكومات خلال الأعوام الماضية في إطار الإجراءات الاحترازية الخاصة بمواجهة تداعيات جائحة كورونا".

نقص حاد 

في الوقت نفسه، من المتوقع أن تدفع الحرب، دول العالم إلى مواجهة نقص إمدادات الغذاء خلال الأشهر المقبلة، إذا لم يتم إعادة الصادرات الأوكرانية إلى مستويات ما قبل الحرب المتواصلة منذ 24 فبراير (شباط) الماضي، حيث تهدد الأزمة بدفع عشرات الملايين من الناس إلى حافة انعدام الأمن الغذائي، وما يترتب عليه من سوء التغذية وجوع جماعي، بل ومجاعة.

واتهمت الحكومة الألمانية روسيا بزيادة حدة انعدام الأمن الغذائي، بخاصة في دول الشرق الأوسط وأفريقيا، بسبب الآثار المدمرة لأزمة المناخ، وبسبب جائحة كوفيد، والصراعات المستعرة في مناطقها، حيث تمنع روسيا تصدير 20 مليون طن من الحبوب من أوكرانيا، بشكل أساس إلى شمال أفريقيا وآسيا. ويتم حظر كثير منها في ميناء أوديسا.

ويشير تقرير حديث للأمم المتحدة، إلى تأثر 193 مليون شخص في 53 بلداً وإقليماً بشدة جراء انعدام الأمن الغذائي ويحتاجون إلى المساعدة بشكل عاجل. ووفقاً للتوقعات، سيعاني نحو 329 ألف شخص في الصومال وجنوب السودان واليمن من انعدام الأمن الغذائي بحلول نهاية عام 2022.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستناداً إلى بيانات من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، فإن أوكرانيا وروسيا منتجان رئيسان للقمح والشعير والذرة، حيث يمثلان متوسط حصة (مجمعة) من 27 و23 و15 في المئة من الصادرات العالمية بين عامي 2016 و2020 على التوالي. كما تمثل الدولتان نحو 12 في المئة من صادرات بذور اللفت عالمياً، و10 في المئة من بذور دوار الشمس. وحتى برنامج الغذاء العالمي نفسه يحصل على 50 في المئة من إمدادات الحبوب من منطقة أوكرانيا وروسيا ويواجه الآن زيادات كبيرة بالتكلفة في جهوده لمكافحة حالات الطوارئ الغذائية في جميع أنحاء العالم.

ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، فقد قفز عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد من 135 مليوناً إلى 276 مليوناً منذ عام 2019، من دون اعتبار للصراع في أوكرانيا. وفي المجموع، يواجه أكثر من 800 مليون شخص شبح الجوع بجميع أنحاء العالم، بينما يتأرجح 44 مليون شخص في 38 دولة من حافة المجاعة، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي.

تركيا ومصر تتصدران قائمة المتضررين

وتسببت الحرب الروسية في ارتفاع أسعار القمح والذرة والبذور الزيتية بشكل خاص، فقد وصل مؤشر الفاو لأسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في مارس (آذار) الماضي، وبلغ متوسطه 158.2 نقطة في أبريل (نيسان)، ولا يزال اليوم عند أعلى مستوى تاريخي.

ومنذ بدء الصراع، تم خفض التوقعات في شأن صادرات أوكرانيا وروسيا مع قيام جهات فاعلة أخرى في السوق، لا سيما الهند والاتحاد الأوروبي، بزيادة الصادرات. وقالت "فاو"، إن "هذا يعوض جزئياً الصادرات المفقودة من منطقة البحر الأسود، مما يخلف فجوة متواضعة نسبياً بنحو ثلاثة ملايين طن".

وأشارت إلى ارتفاع أسعار تصدير القمح ارتفعت في مارس الماضي، واستمرت في الارتفاع، ومن المرجح أن "تظل مرتفعة خلال الأشهر المقبلة". ودعت "فاو" الحكومات، "الامتناع عن فرض قيود على الصادرات، التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتقويض الثقة في الأسواق العالمية".

وتأثرت، بصورة كبيرة، كل من تركيا ومصر وإريتريا والصومال ومدغشقر وتنزانيا والكونغو وناميبيا، ودول أخرى تعتمد على أوكرانيا وروسيا في إنتاج القمح. وقالت المنظمة، إن هذه الدول بحاجة إلى تحديد موردين جدد، "مما قد يشكل تحدياً كبيراً، على الأقل في الأشهر الستة المقبلة".

وفي الوقت نفسه، تعتمد البرازيل والأرجنتين وبنغلاديش ودول أخرى على الأسمدة الروسية، بمستويات تتراوح بين 20 إلى أكثر من 70 في المئة، بينما تمثل أفريقيا ثلاثة إلى أربعة في المئة فقط من الاستهلاك العالمي للأسمدة، وتعد الكاميرون وغانا وساحل العاج من بين أكثر البلدان ضعفاً، حيث تعتمد بشكل كبير على الإمدادات الروسية. وأضافت "فاو"، "نحن بحاجة إلى ضمان حصول البلدان الرئيسة المصدرة للأغذية على الأسمدة اللازمة لضمان توافر الغذاء الكافي للعام المقبل".

ما خسائر روسيا من عرقلة الصادرات؟

في الوقت نفسه، من المتوقع أن تلقي الحرب الروسية على أوكرانيا بظلالها على إنتاج النفط والغاز في موسكو، بسبب العقوبات الغربية على الأخيرة. وتشير التكهنات إلى تراجع إنتاج روسيا من النفط الخام بنسبة 10.25 في المئة خلال 2022، مقارنة بالعام الماضي. وسيظل معدل الإنتاج الروسي من الخام الأسود أقل من مستوياته في عام 2021، حتى عام 2025.

وقرر عديد من الدول الغربية حظر وارداتها من الوقود الروسي، في أعقاب هجومها على أوكرانيا، كما أعلنت كبرى شركات الطاقة وقف عملياتها في موسكو، والتوقف عن شراء الخام الروسي. وبسبب العقوبات والحظر على صادرات النفط الروسي، تتوقع وزارة التنمية الاقتصادية في روسيا، انخفاض إنتاج الغاز بالبلاد بنسبة 5.91 في المئة بنهاية العام الحالي. كما سيتراجع إنتاج النفط، بما في ذلك مكثفات الغاز، من 524 مليون طن في 2021، إلى 475.3 مليون طن في السيناريو الأفضل، أو إلى 433.8 مليون طن في أسوأ السيناريوهات.

وتتوقع الوزارة أن يبلغ إنتاج النفط في السيناريو الأساس 472.8 مليون طن بحلول عام 2023، وتتراجع إلى 405.3 مليون طن في السيناريو المحافظ، ثم يصل الإنتاج إلى 476.1 مليون طن في عام 2024 (416.4 مليون طن في السيناريو المحافظ). ومن المتوقع أن يصل إنتاج النفط في عام 2025 إلى 480.5 مليون طن في السيناريو الأساس (421.3 مليون طن في السيناريو المحافظ).

وكان وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، توقع أن تخسر موسكو ما يصل إلى 17 في المئة من إنتاجها من النفط خلال 2022 بسبب العقوبات الغربية، فيما تتوقع موسكو إنتاج 720.9 مليار متر مكعب من الغاز هذا العام (702.4 مليار متر مكعب في السيناريو المحافظ). وتشير تكهنات الوزارة إلى تراجع إنتاج الغاز بحلول 2023 إلى 720 مليار متر مكعب (699 مليار متر مكعب)، و730 مليار متر مكعب في عام 2024 (665.8 مليار متر مكعب).

اقرأ المزيد