في الحالات العادية يكون مجلس الشيوخ الأميركي هو المكان الذي تموت فيه مشاريع قرارات تنظيم عملية حيازة الأسلحة، ولكن بعد المجزرة التي وقعت الأسبوع الماضي في أوفالدي بولاية تكساس، منح زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل مباركته للسيناتور جون كورنين لعقد مفاوضات مع أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين حول التشريعات [المقترحة] لتنظيم عملية حيازة الأسلحة، وهو ما دفع بعض المواطنين إلى الاعتقاد أن الأمور قد تسير بشكل مختلف هذه المرة.
الأسبوع الماضي كنا عرضنا كل الأسباب التي تدفع إلى التفاؤل أو التشاؤم، إضافة إلى تحديد أي من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين قد يميلون إلى التصويت بـ "نعم" [الموافقة على التشريعات].
الظروف لا تزال معاكسة لرغبة أولئك الذين يريدون إقرار مشروع قانون ينظم حيازة السلاح، لكن الفرصة كانت لا تزال قائمة.
بعدها قام زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بخطوة قد تعتبر خطأً قاتلاً فيما لو كتب لهذه المفاوضات أن تفشل، إذ سمح لأعضاء مجلس الشيوخ بالعودة لمنازلهم وأخذ إجازة كانت مبرمجة بعد تعليق أعمال مجلسهم.
تعليق أعمال مجلس الشيوخ هو تقليدياً عدو المشاريع التشريعية، ونذكر كيف قام محتجون من حزب الشاي Tea Party [جناح يميني في الحزب الجمهوري] بشكل علني بمواجهة المشرعين خلال اجتماعات هؤلاء العامة مع المواطنين في ولاياتهم ودوائرهم الانتخابية عندما كان الكونغرس يناقش مشروع أوباماكير Obamacare [لإصلاح القطاع الصحي الأميركي] عام 2009، لكن وبخصوص تشريعات تنظيم حيازة الأسلحة، لطالما كانت النتيجة أن عامل مرور الوقت كان قاتلاً. إن سلسلة عمليات القتل الجماعي التي شهدتها منطقتا بوفالو في نيويورك وأوفالدي في تكساس لا تزال ماثلة في أذهان المواطنين، وتحديداً فظاعة قيام متطرف يؤمن بعقيدة سيادة العرق الأبيض بقتل أشخاص من ذوي البشرة السوداء في بوفالو، وقتل الأطفال في حادثة أوفالدي بشكل يهتز له الضمير الإنساني، لكن في النهاية يمر الوقت وتمضي حال الشعور بإلحاح القضية، وسينسى كثير من الناس الحادثتين.
قام التيار المحافظ الأميركي بحشد قواه رداً على الأعمال الإجرامية الأسبوع الماضي، فمقابل كل الاحتجاجات الغاضبة الموجهة ضد الجمعية الوطنية للأسلحة National Rifle Association التي كانت تعقد اجتماعها السنوي في هيوستن وعلى مسافة قريبة جداً من موقع المجزرة [في أوفالدي]، نجحت المنظمة التي تدافع عن حق حيازة الأسلحة في النهاية في تعزيز مكانتها، وكما كان زميلي أندرو فاينبيرغ قد كتب فإن الرئيس التنفيذي للمنظمة واين لابيير أعاد في خطابه الحالي إعادة تدوير الكلام الذي ردده بعد مجزرة [المدرسة الإعدادية] ساندي هوك قبل عقد من الزمن تقريباً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعندما صعد الرئيس السابق دونالد ترمب إلى المنصة وجه سهام النقد إلى إلى الجمهوريين الذين تراجعوا عن حضور الفعالية، مثل حاكم الولاية غريغ أبوت ونائب الحاكم دان باتريك والسيناتور كورنين، وقام ترمب أيضاً بتوجيه الانتقاد إلى الجهود التي تبذل لتمرير تشريع يحد من حيازة الأسلحة، وأيضاً ومن دون أي تلميح ساخر قام أيضاً بانتقاد الرئيس جو بايدن لتسييسه الفعالية، متناسياً حقيقة أنه هو نفسه كان قد تلقى ملايين الدولارات كتبرعات لحملته الانتخابية من الجمعية الوطنية للأسلحة NRA.
وقال ترمب إنه "في كل مرة يقوم فيها شخص مختل أو مريض نفسياً بارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة، هناك دائماً جهود نافرة تبذل من قبل بعض مجتمعنا لاستخدام وتوظيف معاناة الآخرين لمصلحة الترويج لأجنداتهم السياسية المتشددة الخاصة".
وقام ترمب أيضاً باتباع تكتيك لطالما استخدمته الجمعية الوطنية للأسلحة NRA، عبر تحوير النقاش [عن تنظيم السلاح] للحديث عن مشكلات الصحة النفسية [لمرتكبي الفظائع].
السيناتور ماكونيل [يتولى التفاوض مع الديموقراطيين] ربما كان الجمهوري صاحب النفوذ الأكبر في واشنطن، ولكن وفيما قد يكون مسؤولاً عن تمرير ما يمكنه من القضايا التي تحفل بها جعبة الرئيس ترمب في الكونغرس، فهو يفتقر إلى التأثير الذي يتمتع به ترمب في آراء الناخبين من الحزب الجمهوري.
حالياً يخاطر أي عضو جمهوري في الكونغرس ممن يختارون دعم مثل هذا التشريع [الخاص بتنظيم حيازة السلاح في أميركا] في إثارة غضب قاعدة الناخبين المحافظين الذين يقفون إلى جانب الرئيس ترمب والجمعية الوطنية للأسلحة NRA، والتي على الرغم من تراجع تأييدها إلى حد كبير، إلا أنها لا تزال تتمتع بدعم شعبي، وبغض النظر عن موقف الرأي العام من هذه القضية بشكلها الأوسع، فإن أي مشرع أميركي يظهر أنه يتفاوض مع المشرعين الديمقراطيين سيكون تحت رقابة الناخبين المحافظين في الولايات المتحدة الأميركية.
نشرت المقالة في اندبندنت بتاريخ 30 مايو 2022
© The Independent