قال مسؤولون أتراك وآخرون في المعارضة السورية المسلحة إن روسيا وسوريا عززتا قواتهما شمال سوريا، حيث يحتمل أن تشن تركيا قريباً هجوماً ضد المقاتلين الأكراد في حين تستعد أنقرة لمحادثات مع موسكو.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أسبوعين إن تركيا ستشن عمليات عسكرية جديدة في سوريا لتوسيع "المنطقة الآمنة" التي يبلغ عمقها 30 كيلومتراً على الحدود، تستهدف منطقتي تل رفعت ومنبج ومناطق أخرى جهة الشرق.
وستوفد روسيا التي حذرت مطلع الأسبوع من تصعيد عسكري شمال سوريا، وزير الخارجية سيرجي لافروف لإجراء محادثات في أنقرة غداً الأربعاء.
وتربط الدولتان علاقات قوية، وحاولت أنقرة التوسط في حرب روسيا في أوكرانيا لكن دعمهما لطرفين متحاربين في سوريا ربما يمثل اختباراً لعلاقات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الدولة الوحيدة العضو في حلف شمال الأطلسي التي لم تفرض عقوبات على موسكو بعد حرب أوكرانيا.
والأخطار كبيرة أيضاً بالنسبة إلى أردوغان، فبغير موافقة ضمنية على الأقل من روسيا، حليف الرئيس بشار الأسد القوي في الصراع السوري، سينطوي الهجوم التركي على أخطار إضافية بسقوط ضحايا، وقد كبحت كل من روسيا وتركيا الطموحات العسكرية للأخرى خلال مراحل عدة في الحرب السورية، وخلال أوقات كانتا فيها قريبتين من المواجهة المباشرة.
وليس هناك إلى الآن دلائل على تعبئة عسكرية تركية كبيرة في منطقة الحدود، لكن التقارير عن تبادل القصف الصاروخي والمدفعي باتت أكثر تواتراً خلال الأسبوعين الماضيين.
وسيكون من شأن أي عملية عسكرية تركية مهاجمة وحدات حماية الشعب، وهي جزء رئيس من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة وتسيطر على أجزاء كبيرة من شمال سوريا، فيما تعتبرها واشنطن حليفاً مهماً ضد "تنظيم داعش".
وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية وامتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، وقال متحدث باسم الجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة إن روسيا تعزز مواقعها بالقرب من تل رفعت ومنبج والضواحي الجنوبية لكوباني وعين عيسى، وتقع جميع هذه البلدات على بعد 40 كيلومتراً من الحدود التركية.
وقال الرائد يوسف حمود لـ "رويترز"، إنه "منذ الإعلان عن العملية والنظام السوري وميليشياته الإيرانية يعدون التعبئة ويرسلون تعزيزات إلى وحدات حماية الشعب"، وأضاف أن مخابراتهم رصدت طائرات هليكوبتر روسية تهبط في قاعدة جوية قريبة من تل رفعت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت وكالة "الأناضول" للأنباء المملوكة للدولة في تركيا عن مصادر محلية قولها السبت، "إن روسيا تنشر قوات في شمال سوريا لتعزز سيطرتها وتقوم باستطلاع فوق تل رفعت وتنصّب أنظمة دفاع جوي (بانتسير-إس1) في مدينة القامشلي الحدودية التي تبعد نحو 400 كيلومتر جهة الشرق".
وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي لـ "رويترز" الأحد الماضي، "إن دمشق يجب أن تستخدم أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها ضد الطائرات التركية، وإن قواته مستعدة للعمل مع القوات السورية لصد القوات التركية"، لكنه قال إنه ليس هناك حاجة إلى إرسال مزيد من القوات.
محادثات مع لافروف
تقول أنقرة إنها يجب أن تتحرك لأن واشنطن وموسكو نكصتا وعودهما بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية 30 كيلومتراً عن الحدود بعد الهجوم التركي عام 2019، ومع سعي القوتين إلى الحصول على دعم تركيا في شأن أوكرانيا، فقد يوفر الصراع لها بعض النفوذ.
وأبدت واشنطن التي لطالما شكل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية مصدر توتر للعلاقات مع تركيا قلقها، وقالت "إن أي عملية جديدة ستعرض القوات الأميركية الموجودة في سوريا للخطر وتقوض الاستقرار الإقليمي".
في المقابل، قالت روسيا الأسبوع الماضي إنها تأمل بأن تمتنع تركيا من "اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى تدهور خطر في الوضع الصعب بالفعل في سوريا".
وقال مسؤول تركي كبير إن "لافروف سيسأل عن معلومات المخابرات التي قال إنها تشير إلى وصول القوات الحكومية السورية والقوات المدعومة من إيران إلى تل رفعت أو تتجه إلى هناك".
وأضاف المسؤول الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته، "ستنفذ تركيا هذه العملية بطريقة أو بأخرى".
ورداً على سؤال عما إذا كانت روسيا تعزز مواقعها شمال سوريا، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين إن القوات المسلحة السورية هي التي "تحصن بدرجة أكبر أو أقل بعض المنشآت على أراضيها".
ولا تعلق الحكومة السورية على تحركات القوات، لكن صحيفة "الوطن" المؤيدة للحكومة نقلت أمس الإثنين عن مصادر في شمال الرقة القريبة من الحدود التركية قولها إن القوات والدبابات والأسلحة الثقيلة السورية انتشرت خلال عطلة نهاية الأسبوع رداً على التحركات التركية.
وقال المسؤول التركي والمتحدث باسم الجيش الوطني السوري، إن الهجمات من المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وتلك الخاضعة لسيطرة تركيا والجيش الوطني السوري قد زادت.
وأضاف حمود إن كلاً من القوات التركية والجيش الوطني السوري يرد على هذه الهجمات.