قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الأربعاء، إن مسؤولية حل مشكلة استئناف شحنات الحبوب من الموانئ الأوكرانية تقع على عاتق كييف وذلك من خلال نزع الألغام في المياه المحيطة بتلك الموانئ.
وأضاف لافروف، بعد محادثات مع نظيره التركي مولود تشاويش أوغلو، أنه ما من إجراء ينبغي على الجانب الروسي اتخاذه لأنه نفذ بالفعل الالتزامات الضرورية.
وتابع "نعلن كل يوم استعدادنا لضمان سلامة السفن التي تغادر الموانئ الأوكرانية إلى خليج البوسفور، ونحن على أهبة الاستعداد للقيام بذلك بالتعاون مع أقراننا الأتراك".
وأضاف "الأمر الوحيد المطلوب لحل المشكلة هو أن يدع الأوكرانيون السفن تخرج من موانئهم، إما عبر إزالة الألغام أو عن طريق تحديد ممرات آمنة، ولا شيء أكثر من ذلك".
وقال لافروف إن المشكلة الأساسية هي أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "رفض رفضاً قاطعاً" حل مشكلة الألغام في الموانئ.
وبينما تخشى كييف من أن إزالة الألغام تجعلها أكثر عرضة للهجمات من البحر، قال لافروف "إذا غيّروا موقفهم الآن، فلن تكون هناك تعقيدات من جانبنا، دعونا ننظر كيف يمكن تنفيذ الاتفاقات الأولية التي ناقشناها أمس واليوم".
وقال وزير الخارجية الروسي متحدثاً إلى جوار نظيره التركي في أنقرة إن "العملية العسكرية الخاصة" التي تنفذها روسيا في أوكرانيا تسير وفق ما هو مخطط له، وإنه ينبغي استئناف محادثات السلام قبل أن تسنح أي فرصة لعقد مفاوضات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني زيلينسكي.
هجوم عنيف
وميدانياً، تعرضت القوات الأوكرانية المتحصنة وسط أطلال سيفيرودونتسك لهجوم عنيف جديد، اليوم الأربعاء، شنته القوات الروسية التي تعتبر الاستيلاء على المدينة الصناعية مفتاحاً للسيطرة الكاملة على منطقة لوغانسك التي تقع المدينة داخل حدودها.
وفي جنوب أوكرانيا، وهو ساحة رئيسة أخرى للمعارك، قالت السلطات إن الهجمات الروسية على المناطق الزراعية، بما في ذلك المخازن، تفاقم أزمة الغذاء العالمية التي أثارت أشباح المجاعة في بعض الدول النامية.
وتركز القوات الروسية منذ أسابيع على الاستيلاء على سيفيرودونتسك، التي كان يعيش فيها نحو 106 آلاف شخص قبل هجوم موسكو على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط). وقال حاكم منطقة لوغانسك سيرهي جايداي إن القوات الأوكرانية لن تسلّم المدينة.
وأضاف للتلفزيون الأوكراني "لا يزال القتال محتدماً ولن يتخلى أحد عن المدينة، حتى لو اضطر جيشنا إلى التراجع لمواقع أشد تحصيناً، فلن يعني هذا التخلي عن المدينة، لن يتخلى أحد عن أي شيء، لكنهم قد يضطرون إلى التراجع".
وقال إن القوات الروسية ستكثف القصف على سيفيرودونتسك والمدينة الأصغر الملاصقة لها، ليسيتشانسك، على الضفة الغربية لنهر سيفيرسكي دونيتس.
وتشكل لوغانسك ودونيتسك المجاورة معاً منطقة دونباس، التي تطالب موسكو بخضوعها للانفصاليين الناطقين بالروسية الذين سيطروا على الأجزاء الشرقية منها منذ عام 2014.
وقال زيلينسكي في بيان مصور أمس الثلاثاء إن "(ملحمة) الدفاع البطولية عن دونباس مستمرة. لم يكونوا يعتقدون أن مقاومة جيشنا ستكون قوية للغاية، وهم يحاولون الآن جلب موارد جديدة إلى دونباس".
"أنقذتني العناية الإلهية"
حوّلت روسيا تركيزها إلى منطقة دونباس بعد هزيمة قواتها في ضواحي كييف في مارس (آذار)، وصرّح مكتب زيلينسكي أن شخصين قتلا وأصيب اثنان آخران في منطقة لوغانسك خلال الساعات الـ24 الماضية، فيما أصيب خمسة مدنيين في منطقة دونيتسك، ولقي أربعة حتفهم وأصيب 11 في منطقة خاركيف.
في سلوفيانسك، وهي إحدى المدن الرئيسة في دونباس التي لا تزال تحت سيطرة أوكرانيا، وتقع على بعد نحو 85 كيلومتراً إلى الغرب من سيفيرودونتسك، اصطفت نساء مع أطفال صغار لتلقي المساعدات، بينما كان سكان آخرون يحملون دلاء المياه عبر المدينة.
وفرّ معظم السكان لكن السلطات تقول إن نحو 24 ألفاً ما زالوا في المدينة التي تقع على طريق هجوم متوقع من القوات الروسية التي تعيد تجميع صفوفها إلى الشمال.
قالت إيرينا، التي لم تذكر اسم عائلتها، بينما كانت تنتظر مع طفل جالس في عربة أطفال خارج مركز لتوزيع المساعدات "سأبقى، لن أغادر من دون زوجي. إنه يعمل هنا، هذا قرارنا، نحن باقون".
وتحدثت ألبينا بتروفنا (85 سنة) عن لحظة وقوع هجوم على المبنى الذي تقيم فيه، ما أدى إلى تحطم نوافذ منزلها وتدمير شرفتها. وقالت "تطايرت علي شظايا الزجاج المكسور ولكن العناية الإلهية أنقذتني، أصبت بخدوش في كل مكان".
وفي خاركيف، ثاني أكبر المدن الأوكرانية، كان السكان يزيلون الركام الناتج من القصف في اليوم السابق. وطردت أوكرانيا القوات الروسية الشهر الماضي من ضواحي المدينة، لكن روسيا ما زالت تقصفها بشكل متقطع.
وقال فياتشيسلاف شولغا، وهو موظف في مطعم بيتزا في شمال خاركيف تم استهدافه في آخر جولة قصف "لقد دمر كل شيء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كتاب الجلادين
في سياق آخر، أعلن زيلينسكي أن بلاده ستنشر الأسبوع المقبل ما أُطلق عليه اسم "كتاب الجلادين" ليروي بالتفصيل جرائم الحرب الروسية.
وذكر المدعي العام الأوكراني، اليوم الأربعاء، أن بلاده فتحت أكثر من 16 ألف تحقيق في جرائم حرب محتملة، ورفعت ثماني دعاوى قضائية وحددت 104 أشخاص مشتبه فيهم.
وتنفي روسيا استهداف المدنيين في أوكرانيا وترفض اتهامات بأن قواتها ارتكبت جرائم حرب.
وللصراع تأثير ضخم في الاقتصاد العالمي، فأوكرانيا إحدى أكبر الدول المصدرة للحبوب في العالم وتتهم دول غربية روسيا بالتسبب في احتمال مواجهة العالم لمجاعة من خلال إغلاقها لموانئ أوكرانيا على البحر الأسود. وتنفي موسكو مسؤوليتها وتقول إن العقوبات الغربية هي السبب في نقص الغذاء.
وأشارت القيادة العسكرية الجنوبية لأوكرانيا إلى أن هجمات على حقول ومرافق زراعية أخرى في منطقة ميكولاييف تسببت بشكل خاص في ضرر بالغ.
من جهته، حذر وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو الأربعاء من الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية الذي يعرقل صادرات القمح وقد يتسبب بوفاة "ملايين" الأشخاص.
وقال دي مايو إن "الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة لحلحلة الوضع. ننتظر من روسيا مؤشرات واضحة وملموسة لأن عرقلة صادرات القمح يعني إبقاءها رهينة والحكم بالإعدام على ملايين الأطفال والنساء والرجال".
وكان وزير الخارجية الإيطالي يتحدث في ختام مؤتمر وزاري حول الأمن الغذائي في الدول المتوسطية بمشاركة منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وألمانيا التي تتولى راهناً الرئاسة الدورية لمجموعة السبع إلى جانب أطراف أخرى.