في مسعى حثيث لتدارك الخطر المحدق الذي قد يلحق بالبيئة المائية، أعلنت السعودية، عن تقديم مبلغ 10 ملايين دولار للإسهام في مواجهة التهديد القائم من ناقلة النفط "صافر" الراسية في ساحل البحر الأحمر شمال مدينة الحديدة اليمنية (غرب البلاد).
وقال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في بيان صحافي، اليوم الأحد، إن المملكة دأبت على دعم جهود الأمم المتحدة لمواجهة وتجنب التهديدات الاقتصادية والإنسانية والبيئية المحتملة لناقلة النفط "صافر"، وتداعيات تسرب النفط منها، التي قد تسبب كارثة بيئية وملاحية كبيرة تهدد ساحل البحر الأحمر ومجتمعات الصيد والملاحة الدولية ودخول الغذاء والوقود والإمدادات المنقذة للحياة إلى اليمن، ما سيفاقم الأوضاع الإنسانية وسيهدد الدول المطلة على البحر الأحمر.
وكانت الرياض حسب المسؤولين فيها حذرت في أكثر من مناسبة أنه في حال تسرب النفط من ناقلة "صافر" التي تحتوي على أكثر من مليون برميل ولم تتم صيانتها منذ عام 2015، سيشهد العالم أكبر كارثة بيئية تهدد الحياة تحت الماء والثروة السمكية والتنوع البيولوجي جراء التسرب النفطي.
وقال، "جرى خلال ذكرى يوم الأمم المتحدة العالمي للمحيطات، في 8 يونيو (حزيران) 2022 تسليط الضوء على ضرورة تنشيط العمل الجماعي لحماية المحيطات، حيث تعد المحيطات أحد المصادر الرئيسة للغذاء والحليف الأكبر في مواجهة التغير المناخي، وتتابع المملكة المستجدات الدولية بهذا الخصوص في إطار الاهتمام بالحفاظ على أهم الموارد والأنظمة البيئية البحرية".
اشتراط وابتزاز
وعلى مدار السنوات الأخيرة يواجه اليمن، وكذلك الدول المجاورة له، أزمة بيئية، مع تزايد احتمالات التسرب النفطي من الناقلة.
ومنذ سيطرتها على مدينة الحديدة وموانئها قبل نحو ثماني سنوات، ترفض مليشيا الحوثي، على نحو مستميت السماح للفرق الهندسية التابعة للأمم المتحدة بصيانة باخرة "صافر" العائمة في ميناء رأس عيسى التي تحوي خزاناً نفطياً قديماً ومهترئاً يمتلئ بـ 150 ألف طن (أكثر من مليون برميل) ويهدد بوقوع واحدة من أكبر الكوارث البيئية في الإقليم والعالم، وهو ما دفع بجهات يمنية ودولية فاعلة إلى المطالبة بشكل متكرر بضرورة حل أزمة الخزان.
وقالت الأمم المتحدة، إن الناقلة تحتوي على أربعة أضعاف كمية النفط التي تسربت في كارثة "إكسون فالديز" عام 1989، هي واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في العالم التي لوثت مياه ألاسكا.
ومقابل صيانة الخزان الذي يتعرض للتحلل والتلف، تشترط مليشيا الحوثي بيع النفط المتواجد في الخزان لصالحها، إضافة لشروط أخرى، وهو ما ترفضه الحكومة اليمنية بشدة ما جعل أزمة الخزان قائمة لتدخل موضع الابتزاز المتبادل.
تحرك دولي
وكانت السعودية، ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة قد رعت سلسلة من جولات المباحثات مع الجهات الدولية الفاعلة في هذا الجانب لوضع خطة إنقاذ عاجلة للناقلة. كما حثت الأمم المتحدة بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان منع تسرب النفط ونقله إلى مكان آمن، أو "الاستفادة منه لصالح الشعب اليمني الشقيق".
ويضاف المبلغ السعودي إلى 33 مليون دولار تعهّدت دول مانحة بتقديمها الشهر الماضي خلال مؤتمر "مانحين" نظمته الأمم المتحدة وهولندا للمساعدة في منع التسرب النفطي الكارثي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتأتي المساهمة السعودية بعد أربعة أيام من حض منظمة "غرينبيس" جامعة الدول العربية على عقد اجتماع طارئ من أجل تمويل خطة الأمم المتحدة لإنقاذ الخزان العائم.
سباق الريح
وسبق أن حذرت الأمم المتحدة من مماطلة ورفض الحوثيين السماح لفرق الصيانة الدولية من الوصول إلى الخزان وإجراء الصيانة اللازمة قبل تفريغه في سفينة أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت، إن العملية يجب أن تنتهي بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل لتجنب "الرياح المضطربة" التي تشتد في هذا الوقت من العام.
على مستوى القمة
وضمن جولته العربية الأولى، بحث رئيس المجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس السبت، في القاهرة، ملفات الأمن المائي في البحر الأحمر والعلاقات الثنائية بين البلدين في هذا الجانب مع تنامي المخاطر الحوثية التي "باتت تشكل خطراً محدقاً على الأمن المائي في الممرات البحرية الدولية"، بحسب الحكومة الشرعية.
وتناولت المباحثات كذلك، وفق ما أعلن الرئيس المصري، خطورة أزمة خزان "صافر" النفطي وما يحمله من تهديدات متعددة الأوجه، الأمر الذي قال بشأنه العليمي، في كلمته خلال المؤتمر الصحافي المشترك، إن "انهيار ناقلة النفط صافر يشكل كارثة بيئية تهدد اليمن ومصر وكل الدول المطلة على البحر الأحمر"، مشدداً على "أن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن مصر ودول الجوار والمنطقة برمتها".
وفي أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أنها "تحتاج نحو 144 مليون دولار لحل أزمة خزان النفط صافر"، في وقت تشير تقارير إلى أن "احتمالات التسرب النفطية من الناقلة العملاقة، قد تتجاوز 4 أمثال تلك التي تسببت بها كارثة (إكسون فالديز) قبالة ألاسكا في 1989".
ضمانات وأزمة
من جانبه، كتب القيادي في صفوف الحوثي محمد علي الحوثي على "تويتر"، أن الحوثيين يريدون ضمانات بإصلاح الناقلة في حال تم إرسال فريق، وأن تتحول قيمة النفط لرواتب موظفين ضمن سلطتهم. وهو الطلب الذي كانت ترفضه الشرعية اليمنية نظراً لأزمة الثقة الحاصلة بين الطرفين عقب رفض الحوثيين دفع الرواتب من الإيرادات الضخمة التي يسيطرون عليها في الحديدة وبقية المدن.