فرضت السلطات الصينية موجةً من الإغلاقات والاختبارات الجماعية الجديدة لعدوى "كوفيد" بدءاً من يوم الجمعة الفائت، شملت كلاً من المركز التجاري للبلاد في مدينة شنغهاي، والعاصمة بكين، وذلك بعد أيامٍ فقط من رفع القيود المشدّدة والمرهقة.
وفي محاولةٍ يائسة لاحتواء تفشّي المرض على نطاق أوسع، بعد اكتشاف بعض حالات العدوى في المجتمعات المحلية إضافةً إلى مجموعةٍ من الإصابات المؤكّدة، فرضت سلطات شنغهاي الإغلاق على ملايين الأشخاص في خمسة قطاعات.
وتمّ تعقّب مصدر مجموعة الإصابات في صالون تجميل مشهور يُعرف باسم "الوردة الحمراء" Red Rose، بعد أقلّ من 10 أيام من رفع قيود الإغلاق الصارمة عن مختلف أنحاء المدينة في مطلع يونيو (حزيران)، عندما ثبُتت إصابة ثلاثة من عمّال الصالون بفيروس كورونا يوم الخميس الفائت.
وفي أعقاب ذلك، تمّ خلال عطلة نهاية الأسبوع فرض اختبارات جماعية بشكل إلزامي على جميع المقيمين في 14 منطقة من أصل 16 في مدينة شنغهاي، واكبتها أوامر حكومية بوجوب ملازمة الناس منازلهم.
وعلى أثر ذلك، أقامت السلطات الصينية حواجز تنوّعت ما بين سياجات خضراء وألواح خشبية حمراء، في المناطق السكنية التابعة للمقاطعة المركزية زوهوي، بهدف محاصرة السكّان، الأمر الذي أثار موجةً عارمة أخرى من الغضب العام.
وتسبّبت الأوامر الأخيرة بحالٍ من الهلع بين السكان، الذين هُرعوا إلى متاجر البقالة ومنصّات التسوّق عبر الإنترنت، سعياً إلى تخزين موادّ غذائية وسلع ضرورية، تحوّطاً لإغلاق آخر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يُشار إلى أن شنغهاي - التي يبلغ عدد سكّانها 26 مليون نسمة – شهدت أسوأ موجة تفشٍ للوباء في الصين، ورزحت طيلة شهر كامل تحت قيود مشدّدة من الإغلاق الصارم على مستوى المدينة، ما تسبّب بإحباط شديد للسكّان وأثار احتجاجاتٍ غير مسبوقة، وسط تصاعد الشكاوى من نقصٍ في الأغذية والبقالة والأدوية التي كانت تزوّدهم بها السلطات المحلية.
وفرضت بكين عمليات إغلاق محلية، وأقفلت الأماكن العامّة وشبكة المواصلات، إضافةً إلى إصدار أوامر للأفراد بوجوب العمل من المنازل.
وقامت الحكومة لاحقاً بالتخفيف من هذه القيود مع تراجع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، متباهيةً بنجاحها في احتواء تفشّي متحوّرة "أوميكرون"، على الرغم من أن معدّل الإصابات في الصين يُعدّ منخفضاً وفقاً للمعايير المعتمدة عالمياً.
لكن يوم الخميس، أغلقت بكين أماكن في اثنين من أكبر أحياء العاصمة، بعد تتّبع حالات الإصابة ورصد مصدر نشوئها في عدد من الحانات.
وجاءت هذه القيود التنظيمية الجديدة في وقتٍ ضاعف الرئيس شي جين بينغ سياسته "صفر كوفيد" التي كانت موضع كثير من الجدل - تقضي بإعادة عدد الحالات في المجتمعات الصينية إلى الصفر - في ظل حرصه على تعزيز النمو الاقتصادي.
وفي خطاب ألقاه الرئيس الصيني في مقاطعة سيتشوان جنوب غربي البلاد يوم الجمعة، قال إن "المثابرة تقود إلى الانتصار"، مشيراً إلى ضرورة "التمسّك بحزم بالسياسة العامّة المتمثّلة في التطهير الديناميكي للعدوى، وتعزيز الثقة، والحدّ من أيّ تدخل، ودحض الأفكار الباعثة على الشلل، والاهتمام الوثيق بالمهمّات الرئيسية الرامية إلى الوقاية من الأوبئة ومكافحتها، إضافةً إلى توطيد النتائج التي تحقّقت بشقّ الأنفس، والمتمثّلة في الوقاية من الأوبئة ومكافحتها".
معلوم أن البَر الرئيسي للصين سجّل يوم الجمعة 151 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا في التاسع من يونيو منها 45 حالة مصحوبة بأعراض، فيما كان البعض الآخر منها بلا أعراض.
وتأتي تصريحات الرئيس الصيني في الوقت الذي يستعدّ فيه لإجراء تعديلٍ وزاري في قيادة "الحزب الشيوعي" هذه السنة، يُتوقّع أن يضمن ولايةً ثالثة غير مسبوقة له في رئاسة البلاد، وسط موجة القيود الصارمة لاحتواء وباء كورونا الذي يهزّ الكيان الاقتصادي للدولة.
إلى ذلك، تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد الصيني قد يفشل في تحقيق هدف النمو المحدّد لهذه السنة، بنسبة 5.5 في المئة، وذلك نتيجة عمليات الإغلاق التي أدّت إلى توقّف الأعمال وتعطّل سلاسل التوريد.
ساهمت وكالات إخبارية في إعداد محتوى هذا التقرير
© The Independent