تلقى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مطالبات بوقف حال "عدم المساواة" (التي تشبه بـ "اليانصيب") في تقديم الوجبات المدرسية المجانية خلال فصل الصيف، وسط تحذيرات من أن بريطانيا "تتراجع" في ما يتعلق بمساعدة ملايين الأطفال الجائعين.
ووجه كل من رئيس "اللجنة المكلفة شؤون التعليم" في مجلس العموم البريطاني، وهو من حزب "المحافظين"، وأحد كبار رجال الدين في المملكة المتحدة، مناشدة للحكومة بضمان عدم السماح بأن يواجه بعض أكثر الأطفال فقراً في البلاد، مزيداً من حال عدم اليقين التي يعيشونها في ما يتعلق بالحصول على الطعام خلال فترة العطلة الصيفية.
وأسهم التضخم المتزايد في بريطانيا في ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، الأمر الذي أدى إلى مواجهة أسر كثيرة مصاعب في تغطية نفقاتها، لكن جمعية "ساتون تراست" Sutton Trust الخيرية [التي تعنى بمعالجة الحرمان من التعليم] أطلقت تحذيراً من تزايد حالات "عدم المساواة" (أو ما يُعرف بـ ’يانصيب الرمز البريدي‘ Postcode Lottery في إشارة إلى التقديم غير المتكافئ للخدمات العامة) في مجال دعم الأطفال الذين يتلقون وجبات مدرسية مجانية خلال العطلة الصيفية.
وفي رد على انتقادات سابقة في هذا المجال، أعدت الحكومة البريطانية "برنامج أنشطة العطلات والغذاء" Holiday Activities and Food Programme (HAF) خلال فصل الصيف (مبادرة ممولة من الحكومة تقضي بوضع السلطات المحلية برنامج أنشطة شاملة، بما فيها تقديم وجبة ساخنة خلال الإجازات المدرسية للأطفال الذين تتفاوت أعمارهم ما بين خمسة أعوام و16 عاماً)، وفي الفترات الأخرى التي يصار فيها إلى إقفال المدارس، لكن منتقديها نبهوا إلى أن المخطط لا يغطي سوى جزء من الإجازات ويمكن أن يكون متقطعاً، وقد يتطلب مصاريف انتقال وسفر ليس في مقدور العائلات تحملها.
روبرت هالفون النائب المحافظ الذي يترأس "اللجنة المكلفة شؤون التعليم" في مجلس العموم، أكد أنه يؤيد "برنامج أنشطة العطلات والغذاء"، لكنه رأى أنه "إذا كان الدعم متقطعاً فيتعين على الحكومة أن تعمل مع المجالس المحلية على التأكد من وصول الأموال إليها، ومن أن السلطات المحلية والمدارس تعمل معاً على وضع برنامج جيد وفاعل". وأضاف هالفون أنه لا يؤيد توسيع نطاق الوجبات المدرسية المجانية لجميع الأطفال الذين تحصل أسرهم على المساعدات الحكومية المعروفة بـ "الدعم الشامل Universal Credit [معونة تمنح شهرياً لأصحاب الدخل المنخفض أو للعاطلين من العمل لمساعدتهم على تحمل كُلف معيشتهم]، موضحاً أنه يفضل اتباع نهج أكثر استهدافاً، وداعياً إلى إنفاق مزيد من الأموال على وجبات الفطور المدرسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أسقف باكينغهام الدكتور آلن ويلسون رأى في تصريح إلى "اندبندنت" أن المملكة المتحدة تتراجع في هذا المجال على الرغم من الحملة الشهيرة التي أطلقها لاعب كرة القدم ماركوس راشفورد لتأمين الوجبات المدرسية المجانية.
ومن المتوقع في هذا الإطار أن تدير الحكومة البريطانية أذناً صماء هذا الأسبوع للدعوات التي تطالبها بالعمل بشكل عاجل على زيادة عدد الأطفال الذين يتلقون وجبات مجانية في المدارس، للتخفيف من وطأة أزمة ارتفاع كلفة المعيشة.
ويوجد في الوقت الراهن نحو 1.9 مليون طفل مؤهل للحصول على الوجبات، لكن عتبة الدخل السنوي المحددة [للأسر التي يمكنها التأهل للدعم الغذائي] التي هي أقل من 7400 جنيه استرليني (9 آلاف دولار)، توصف بأنها "منخفضة إلى حد يبعث على السخرية".
وأوصى تقرير مستقل طلب وزير شؤون مجلس الوزراء مايكل غوف إعداده عن الموضوع، بمنح قرابة مليون طفل إضافي وجبات مدرسية مجانية، وهي الفكرة التي كان أيدها وزراء تعليم سابقون من حزبي "المحافظين" و"العمال"، وكذلك اتحادات نقابية وجمعيات خيرية.
لكن يعتقد أن الحكومة البريطانية لن تعلن على الأرجح يوم الإثنين عن توسيع كبير في خطتها عندما تقوم بالكشف عن استراتيجية غذائية رئيسة جديدة.
الأسقف ويلسون قال إن البرنامج الصيفي المعد للأطفال هو أشبه بـ "يانصيب الرمز البريدي"، بحيث يتركهم "محرومين نتيجة البقعة الجغرافية التي يعيشون فيها. إن هذا الإجراء لا يمكن أن يكون منصفاً".
وأشار إلى أنه في الماضي كانت الوجبات المدرسية المجانية تعد من الإجراءات المهمة للصحة العامة، لكنه أضاف "يبدو أن التركيز الأساس بات يتمحور الآن حول التعليم وليس الغذاء"، مثيراً التساؤل حول ما إذا كان الأطفال الذين يعانون سوء التغذية "ستكون لديهم القدرة على تعلم أي شيء".
وطالب بتوسيع نطاق العدد الإجمالي للأطفال الذين يتلقون وجبات مدرسية مجانية، معرباً عن خشيته من ألا يتحقق ذلك، ومسجلاً استغرابه من أن "يتحدث رئيس الوزراء عن الأفراد الذين يحصلون على مزايا تلقي قروض عقارية وليس وجبات مدرسية مجانية".
القس أندرو نان "عميد ساوثوورك" [رئيس هيئة كاتدرائية ساوثوورك] في لندن، وأحد كبار الكهنة الأنغليكانيين، ناشد من جانبه الحكومة البريطانية أن تعيد النظر في مسألة توسيع نطاق الوجبات المدرسية المجانية، وقال "لأنه خلافاً لذلك فإننا نكون قد خذلنا جيلاً بكامله".
وأضاف، "في المنطقة التي تحيط بنا وهي مختلطة للغاية، يتزايد الطلب على بنك الطعام بشكل كبير. أعتقد أن كل ما يحصل هو جزء لا يتجزأ من المسألة نفسها، فهناك عائلات هنا لا تتوافر لديها ببساطة الموارد التي تحتاج إليها".
في هذا الإطار، قال متحدث رسمي بريطاني إن الحكومة زادت فرص الحصول على وجبات مدرسية مجانية أكثر من أي حكومة أخرى خلال العقود الأخيرة. وأضاف، "نحن نقوم بتطبيق ’برنامج أنشطة العطلات والغذاء‘ خلال الإجازات المدرسية الرئيسة، وفي موازاة ذلك نقدم دعماً أكبر للرعاية الاجتماعية من خلال صندوق دعم الأسر الذي يساعد العائلات المحتاجة وغير الميسورة في تأمين حاجاتها الضرورية، كمصاريف الطعام وفواتير المياه والكهرباء".
نشرت المقالة في "اندبندنت" بتاريخ 12 يونيو 2022
© The Independent