لم تسمح وزارة الداخلية البريطانية لطفلة رضيعة تبنتها سيدة مقيمة في المملكة المتحدة بدخول البلاد، مما أدى إلى بقائها، هي والسيدةَ التي ستصبح قريباً أمها بالتبني،"عالقتين" في باكستان.
ووُجهت اتهامات لوزارة الداخلية بأنها "تدوس" على حقوق العائلات بعد أن رفضت بشكل متكرر منح إشارة دخول لصوفيا صالح، سبعة أشهر، رغم أن السيدة التي تحاول إدخالها الى المملكة المتحدة هي الشخص الوحيد المسؤول عن رعايتها، وقد استقرت في بريطانيا منذ عشرين عاماً .
و كانت نينا صالح، وهي مواطنة نرويجية تعيش في لندن ولديها تصريح بالاقامة الدائمة في المملكة المتحدة، قد سافرت إلى باكستان في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي بعدما أعطتها السلطات البريطانية موافقتها على تبني طفل بوصفها عزباء. وبعد عشر أيام من وصولها تمت اختارت طفلتها، صوفيا، التي تحمل الجنسية الباكستانية، وكان عمرها وقتذاك أقل من شهر.
وحصلت السيدة، 44 عاماً، التي تعمل في مكتب استشاري ، على حق الوصاية على صوفيا من السلطات الباكستانية في فبراير (شباط) الماضي، دون صعوبات كما قالت. ثم تقدمت فوراً بطلب للحصول على تأشيرة دخول لصوفيا حتى تتمكن من اصطحابها معها عند عودتها إلى المملكة المتحدة لإنهاء إجراءات عملية التبني هناك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن صالح تلقت رسالة من وزارة الداخلية في مارس(آذار) تفيد بأن طلب تأشيرة الدخول لصوفيا قد تمّ رفضه باعتبار أن "عمليات التبني التي تتم في باكستان لا يمكن الاعتراف بها قانونياً في المملكة المتحدة" ، علماً أنها لم تكن قد تبنت الطفلة بعد.
أعادة السيدة التي تحمل الجنسية النرويجية تقديم طلبها مرات عدة منذ ذلك الحين، لكنها كانت في كل مرة تتلقى الرد نفسه. لكن في 17 مايو(أيار) الماضي وصلتها رسالة من المدير العام لتأشيرات الدخول والهجرة في المملكة المتحدة، جاء فيها بأن قضيتها تخضع حالياً لإعادة نظر، بيد أن السيدة لاتزال بانتظار الرد النهائي.
وبسبب عدم وجود أسرة لها في باكستان، فإن صالح تقيم حالياً في غرفة استأجرتها في كراتشي، وتخشى من أن تٌستهدف لكونها امرأة وحيدة تعيش مع طفلة رضيعة، الأمر الذي يجعلها تشعر بأنها "محتجزة كرهينة"، كما قالت. واضافت "ليس لدي مكان أستطيع الذهاب إليه، وأنا لا أعرف أحداً هنا. أين أذهب بنفسي وبطفلتي؟ أمضي اليوم بأكمله في المنزل ... أعرف أن ما أقوله يبدو دراماتيكياً ولكنني أشعر أننا تعرضنا للخطف، ونحن محتجزتان في الغرفة طوال اليوم".
وتابعت " لا أشعر بالأمان عندما أخرج مع طفلتي. تتقدم البلاد في بعض النواحي، لكن لا تزال الذكورية تهيمن على المجتمع إلى حد كبير، لذا إذا أردت أن أخطو خطوة إلى الخارج، عليّ أن أكون برفقة رجل أو ضمن مجموعة من النساء. وبالتالي، إذا خرجت لوحدي مع صوفيا، سيعلمون على الفور أنني غريبة لأن ما أفعله مخالف للسلوك المتعارف عليه هنا ".
يُشار إلى أن المقيم في بريطانيا لايستطيع أن يتبنى طفلاً يعيش في الخارج ما لم يحصل أولاً على موافقة السلطات المعنية في المملكة المتحدة. كما ينبغي أن تكون بحوزته شهادة الأهلية للتبني التي تمنحها وزارة التعليم، وأن يستكمل الاجراءات القانونية اللازمة في البلد الأصلي للطفل، قبل أن يُنهي في بريطانيا الإجراءات التي من شانها أن تجعل الطفل ابنه بالتبني رسمياً.
وقد استوفت صالح الشروط المطلوبة ذات العلاقة في المملكة المتحدة وعلى أمر وصاية من محكمة الأسرة في باكستان، لكن وزارة الداخلية البريطانية لا تسمح لها بالعودة لإنهاء إجراءات التبني.
وذكرت السيدة أنها " أوضحت لوزارة الداخلية أن التبني لم ينتهِ بعد، فأنا أملك وصاية على طفلتي فقط، لذلك فإن السبب الذي يقدمونه لرفض طلبي لا معنى له. عدم الوضوح هو الجزء الصعب حقاً. فهم لا يقولون لي ما يريدون ... لم أكن أعتقد أنني سأبقى هنا لفترة طويلة. والمفارقة الأكبر هي أن وثائق صوفيا القانونية، وشهادة ميلادها، وكل ما له علاقة بباكستان، قد أُنجز بسرعة. ويرجع السبب في التأخير بأكمله إلى المملكة المتحدة".
ووصفت المواطنة النرويجية الظروف التي تعيش فيها مع ابنتها بأنها "لا تطاق"، مع انقطاع التيار الكهرباء لمدة ساعتين بشكل متواصل، مما يعني تحمل درجات حرارة قد تتجاوز 40 درجة مئوية، من دون مروحة.
وأضافت أن "عمر طفلتي سبعة أشهر، لم أكن أتصور أن تقضي حياتها حبيسة في غرفة ... أشعر بالعزلة، وأنا قلقة من حدوث شيء ما. أعاني من الأرق. أشعر أحياناً وكأنني سأفقد عقلي. تغطي الأكزيما جسدي، لقد أُصبت بالصداع، وفقدت الكثير من شعري حتى صار لدي بقع جرداء في رأسي ... ولأننا عالقتان هنا، فقد فات صوفيا الكثير من الوقت المهم الذي كان ينبغي أن تنمو فيه. كيف يمكنني أن أجعلها تشعر بالراحة في بيئة غريبة بالنسبة لي؟ ماذا علي أن أفعل؟ إلى أين أذهب؟ ... إنها طفلتي الأولى، وأنا لا أعرف أصدقاء مقربين وليس لدي علاقات اجتماعية في بلد غريب. يُفترض أن تكون هذه أسعد أوقات حياتي، مع طفلتي، أتأمل أنا وعائلتي أجمل لحظاتها وهي تكبر. لكن بدلاً من ذلك، أنا وحيدة ومتوترة بشكل لا يوصف ".
من جهتها قالت دايان أبوت، وزيرة الداخلية في حكومة الظل العمالية، إن القضية كانت "نتيجة مروعة أخرى لسياسة البيئة العدائية لهذه الحكومة ... وأنه يتم الدوس على حقوق الأسر ... وأن صمت مرشحي قيادة حزب المحافظين الحاكم حول هذا الأمر يصم الآذان، فجميعهم دعموا هذه السياسات القاسية".
يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يُحرم فيها طفل لأبوين يعيشان من بريطانيا من الإقامة فيها. ففي أبريل ( نيسان)، ذكرت صحيفة "اندبندنت" في تقرير لها أن السلطات المعنية رفضت منح حق الإقامة في البلاد لطفل مولود في المملكة المتحدة لأبوين مقيمين في بريطانيا ، في قضية وصفها المحامون بأنها "مُخزية" و "يحتمل أن تكون غير قانونية".
ومن جهته، قال متحدث باسم الداخلية إن الوزارة تدرس الخيارات المتاحة للسيدة صالح ولابنتها وقد تواصلت معها بهذا الخصوص.
© The Independent