تتسع ظاهرة "عمالة الأطفال" في اليمن، وتتفاقم كل يوم، حتى أصبح من المعتاد مشاهدة الأطفال "باعة متجولين" في الشارع في أوقات الدراسة، حاملين عبوات المياه وأدوات الزينة وما يتوقعون أن يستهوي المسافرين والزوار.
المشاهد من ذلك النوع باتت جزءاً من حياة اليمنيين، فلا تخلو الحدائق والأماكن العامة من الأطفال، أمثال رهيب ووهيب، الشقيقين اللذين يقومان ببيع الماء على قارعة الطريق في أحد شوارع مدينة مأرب، شرق اليمن، من الصباح حتى المساء يومياً، تحت درجات حرارة تفوق 40 مئوية.
وكانت أسرة الطفلين تسكن ريف العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ومع مضايقة الميليشيات والدهما الذي كان أحد منتسبي القوات المسلحة اليمنية وضيق المعيشة وانقطاع الرواتب، قررت العائلة النزوح إلى محافظة مأرب، التي استقبلت معهم ملايين اليمنيين النازحين الفارين والباحثين عن الحياة، وباتت المدينة التي لا ترفض من فر إليها ملجأ اليمنيين الأخير، في تلك الناحية من البلد المنكوب.
ويرافق عديد من الأطفال آباءهم في المتاجر أو بسطات الباعة المتجولين لساعات طويلة من أجل الحصول على بضعة آلاف من الريالات، التي دفعتهم لترك دراستهم ومساعدة آبائهم على أعباء الحياة القاسية.
ظروف "رهيب" و"وهيب"
وأسهم عديد من العوامل في تنامي ظاهرة عمالة الأطفال بفعل الحرب والصراع الدائر في اليمن وانقطاع رواتب الموظفين المدنيين وفقدان الآلاف أعمالهم ووظائفهم، في حين يتمدد الفقر والجوع والبطالة وانهيار الأمن الغذائي ليشمل معظم سكان البلاد.
يقول "رهيب"، البالغ من العمر 10 أعوام، إنه يحصل على 6 آلاف ريال يمني كربح يومي صافٍ، أي ما يقابل (6-10 دولارات)، حسب تقلبات أسعار العملة المحلية، مقابل العمل لأكثر من عشر ساعات، من أجل مساعدة عائلته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف شقيقه "وهيب"، البالغ من العمر 13 عاماً، "نحن هنا نبيع المياه من أجل مساعدة أبي في مصروفات البيت. كنا ندرس قبل النزوح، لكن الآن نحن متوقفون منذ عام ونصف العام في انتظار ملفات الدراسة ليأتي بها أحد أقاربنا لنتمكن من الالتحاق ومواصلة الدراسة هنا في مأرب".
أما والدهما حسين أحمد، فيقول إن ظروف الحياة والنزوح قاسية وتستدعي التعاون لتجاوز المعاناة، مؤكداً أن "وهيب" و"رهيب" سيعودان إلى مقاعد الدراسة في بداية الفصل الدراسي الجديد.
قصور منظمات الإغاثة
يقول الناشط الحقوقي علي التام رئيس منظمة حماية للتوجه المدني، إن المنظمات الدولية تتحمل مسؤولية قانونية، فضلاً عن مسؤوليتها الأخلاقية تجاه الأطفال بشكل عام، وخصوصاً عمالة الأطفال التي لم تقدم المنظمات العاملة في المجال الإنساني أي إجراء يُذكر للحد منها أو معالجة أسبابها.
وأضاف، "نرى مستقبلاً صعباً يواجه الأطفال هنا، ونتمنى من الجهات المعنية أن تراجع حساباتها مع هذه المنظمات في بروتوكولاتها، وأن تعمل على تفعيل دورها للحد من ظاهرة عمالة الأطفال، ولو نسبياً".