بعد الخسائر الصادمة التي تشهدها سوق العملات الرقمية المشفرة، بات أثرياء العالم الذين راهنوا عليها بقيادة الملياردير الأميركي إيلون ماسك، في مأزق، حيث خسر كبار المستثمرين بسوق الكريبتو غالبية أموالهم خلال موجة النزف الأخيرة.
ومنذ الإعلان عن اتجاه البنوك المركزية إلى تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، بدأت العملات الرقمية تواجه خسائر عنيفة، ما تسبب في أن تفقد نحو 72 في المئة من قيمتها السوقية، متكبدة خسائر بلغت نحو 2.303 تريليون دولار، بعد أن انخفضت القيمة المجمعة من مستوى 3.2 تريليون دولار في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حينما سجلت السوق أعلى قمة في تاريخها، إلى نحو 0.896 تريليون دولار في الوقت الحالي.
وبعد أزماته المتتالية لشراء "تويتر"، أقام مستثمر أميركي دعوى قضائية ضد إيلون ماسك يطالبه فيها بتعويض قدره 258 مليار دولار. واتهم الرجل الذي يستثمر في العملة الإلكترونية "دوغ كوين"، الملياردير الأميركي الشهير، بالتورط في صورة غير قانونية من صور الاستثمار، تعرف باسم المخطط الهرمي، لدعم العملة المشفرة.
وفي شكواه التي أقيمت أمام محكمة اتحادية في مانهاتن، وجه المدعي كيث جونسون اتهاماً لأكبر ثري في العالم والرئيس التنفيذي لشركتي "تيسلا" لتصنيع السيارات الكهربائية و"سبيس إكس" للسياحة الفضائية، بالابتزاز، عبر الترويج لـ"دوغ كوين" ورفع سعرها، قبل ترك السعر ينخفض في ما بعد.
غرامات ضخمة
وجاء في الشكوى أن "المتهمين كانوا يعلمون منذ عام 2019 أن عملة (دوغ كوين) ليست لها قيمة، وعلى الرغم من ذلك روجوا لها للتربح من تداولها، واستخدم ماسك مركزه كأغنى رجل في العالم لإدارة العملة والمضاربة عليها في مخطط هرمي (غير قانوني) لجني الأرباح والتسلية".
وأدرجت في الشكوى أيضاً تعليقات من وارين بافيت وبيل غيتس وآخرين يشككون في قيمة العملة المشفرة، لكن لم ترد "تيسلا" و"سبيس إكس" ومحامو "ماسك" بعد على طلبات للتعليق. وأيضاً، لم يرد محامي "جونسون" على طلبات للتعليق في شأن الأدلة المحددة التي يملكها موكله أو يتوقع الحصول عليها والتي تثبت أن "دوغ كوين" لا قيمة لها، وأن المدعى عليهم أداروا مخططاً هرمياً في استثمار غير قانوني.
ويطلب صاحب الدعوى القضائية تعويضات بقيمة 86 مليار دولار، وهو مقدار الانخفاض في القيمة السوقية للعملة المشفرة منذ مايو (أيار) 2021، ويريد مضاعفتها لثلاثة أمثال. كما يريد منع ماسك وشركاته من الترويج لعملة "دوغ كوين"، مع إعلان من القاضي بأن تداولها مقامرة بموجب القانون الاتحادي وقانون نيويورك.
وكانت شركة "تيسلا" قد أعلنت في فبراير (شباط) الماضي، أنها اشترت بما قيمته 1.5 مليار دولار من عملة "بيتكوين" المشفرة وقبلتها لفترة قصيرة ثمناً لمركباتها. كما أعلنت شركة "سبيس إكس" خلال العام الماضي أنها ستقبل الدفع بعملة "دوغ كوين" المشفرة في إحدى مهامها على سطح القمر. كما أعلن إيلون ماسك في وقت سابق من العام الماضي، أن شركة "سبيس إكس" ستضع العملة حرفياً على سطح القمر.
وحولت تغريدات ماسك هذه العملة الرقمية، التي كانت غامضة في السابق وبدأت على شكل مزحة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى حلم للمضاربين. وخلال التعاملات الأخيرة انهارت "دوغ كوين" لتخسر أكثر من 80 في المئة من قيمتها، بعد أن نزل سعرها من مستوى 0.269 دولار إلى نحو 0.053 دولار. كما انهارت قيمتها السوقية المجمعة متراجعة بنسبة 80 في المئة فاقدة نحو 27.5 مليار دولار، بعد أن تراجعت من 34.7 مليار دولار إلى نحو 7.2 مليار دولار.
هجوم عنيف
والسوق التي تواجه بالفعل موجة نزف صعبة، تلقت ضربة جديدة من الملياردير الأميركي بيل غيتس، مؤسس شركة "مايكروسوفت"، حيث قال الثري الأميركي الذي تبلغ ثروته نحو 112 مليار دولار، ويحتل الترتيب الرابع بين أكبر أثرياء العالم، إن "العملات الرقمية ظهرت نتيجة لنظرية الخداع الكبرى... ومن الواضح أن الصور الرقمية باهظة الثمن للقرود ستحسن العالم بشكل كبير، لكني لن أستثمر بها، سواء بالشراء أو البيع على المكشوف خلال الفترة الحالية أو المقبلة".
وكان بيل غيتس قد دخل في سجال مع الملياردير الأميركي إيلون ماسك خلال العام الماضي، حول مخاطر عملة "بيتكوين" على المستثمرين الأفراد، والأضرار البيئية الناجمة من تعدين العملات المشفرة.
وليس بيل غيتس الملياردير الوحيد الذي يحارب الأصول المشفرة، حيث يقول وارن بافت الملياردير الأميركي ورئيس شركة "بيركشير هاثاواي"، البالغة ثروته نحو 118 مليار دولار، إن العملات المشفرة "ليست منتجاً في الأصل ولا تنتج أي شيء ملموس". وشدد على رفضه التام شراء "بيتكوين" أو أي عملة مشفرة أخرى.
وعلى الرغم من أن وارن بافت من المستثمرين المعروف عنهم المخاطرة واستثمار الأزمات، فإنه هذه المرة يرفض مخاطر سوق "الكريبتو"، ويعتبر الاستثمار بها مخاطرة غير محسوبة.
خسائر ضخمة
في الوقت نفسه، تقلصت ثروات أكبر سبعة أثرياء في عالم العملات الرقمية المشفرة، بنسبة 78.6 في المئة خلال الفترة من 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حتى تعاملات منتصف يونيو (حزيران) الحالي.
ووفق وكالة "بلومبيرغ"، فقد بلغت قيمة ثرواتهم مجتمعة 145.2 مليار دولار في 9 نوفمبر الماضي، عندما وصلت "بيتكوين" إلى مستوى قياسي بلغ 69 ألف دولار تقريباً في 9 نوفمبر 2021، وسرعان ما تبخرت ثروات المليارديرات السبعة في سوق "كريبتو" للعملات المشفرة لتفقد 114 مليار دولار أي نحو 78.6 في المئة من قيمتها، ليصبح إجمالي حجم ثرواتهم في منتصف الشهر الحالي نحو 31.4 مليار دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتراجعت ثروة تشانجبينج زاو، البالغ من العمر 44 سنة، وهو مؤسس "بينانس" التي تعد أكبر بورصة للعملات الرقمية في العالم، بنسبة 89 في المئة لتصل إلى 10.2 مليار دولار مقابل نحو 95.8 مليار دولار في 9 نوفمبر من العام الماضي.
كما انخفضت ثروة سامويل بانكمان- فرايد، الرئيس التنفيذي لمنصة تداول العملات المشفرة "أف تي إكس" والذي يبلغ من العمر 30 سنة، لتنزل إلى 8.9 مليار دولار في منتصف الشهر الحالي، مقابل 15.1 مليار دولار في نوفمبر 2021. ومن المتوقع أن يضعف ذلك خطط بانكمان- فرايد للتبرع بأمواله والتركيز بشكل كبير على السياسة.
أيضاً، هبطت ثروة ميكي نوفوغراتز، البالغ من العمر 57 سنة، إلى 2.1 مليار دولار في التداولات الأخيرة، مقابل نحو 8.5 مليار دولار في نوفمبر 2021. وتمت تصفية صندوقه الكلي في "فورتريس إنفستمنت غروب" في عام 2015 بعد عامين من الخسائر، وراهن على عودته إلى العملة المشفرة، واصفاً عملة "تيرا" أخيراً بأنها "فكرة كبيرة لكنها فشلت".
وخسر كاميرون وينكليفوس، البالغ من العمر 40 سنة، نحو 800 مليون دولار، لتصل ثروته إلى ثلاثة مليارات دولار، مقابل 3.8 مليار دولار في نوفمبر الماضي. كما انخفضت ثروة توأمه تايلر وينكليفوس، البالغ 40 سنة، لتهبط إلى ثلاثة مليارات دولار، مقابل 3.8 مليار دولار في نوفمبر 2021.