دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إلى تمديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى السكان في شمال غربي سوريا والتي تضغط روسيا من أجل وقف العمل بها لعدم مرورها عبر دمشق.
وفي العام 2014، سمح مجلس الأمن الدولي بعبور المساعدات إلى سوريا عبر أربع نقاط حدودية لا تخضع لسيطرة دمشق، لكنه ما لبث أن قلصها مطلع عام 2020، بضغوط من روسيا والصين، لتقتصر على معبر باب الهوى.
ومع اقتراب موعد التصويت على تمديد الآلية التي ينتهي العمل بها في العاشر من يوليو (تموز)، تضغط روسيا في مجلس الأمن الدولي لوقف العمل بها، لتصبح بذلك كل معابر المساعدات إلى سوريا مقفلة، باستثناء تلك التي تسيطر عليها دمشق.
وقال غوتيريش خلال جلسة شهرية لمجلس الأمن "على الرغم من أن زيادة المساعدات عبر خطوط الجبهة كانت إنجازاً مهماً، في الظروف الحالية، ليست على المستوى اللازم لكي تحل محل استجابة كبرى عابرة للحدود".
وتابع الأمين العام "أدعو فوراً أعضاء مجلس الأمن إلى الإبقاء على التوافق القائم حول السماح بعمليات عبر الحدود من خلال التجديد للقرار 2585 لمدة 12 شهراً إضافياً".
وأضاف "من الواجب الأخلاقي الاستجابة لمعاناة وضعف 4.1 مليون شخص في المنطقة يحتاجون إلى المساعدة والحماية".
ويقطن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في شمال سوريا وشمال غربها أكثر من أربعة ملايين شخص. ويقيم قرابة ثلاثة ملايين منهم، وغالبيتهم من النازحين، في مناطق تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) في إدلب، بينما يقيم أكثر من مليون في مناطق تسيطر عليها القوات التركية وفصائل موالية لها في شمال حلب.
وقبيل الاجتماع لفتت نائبة السفير النروجي ترين هايمرباك إلى أنه بالإضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية، فإن "تجديداً للقرار سيسهل أيضاً مشاريع إعادة تأهيل سريعة أخرى" في البلاد.
وينطوي تصريح الدبلوماسية النروجية على تلميح إلى استعداد غربي للمشاركة في مشاريع لإعادة الإعمار في سوريا، الأمر الذي يشير إلى إمكانية حصول مقايضة في هذا المجال توافق بموجبها موسكو على تمديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود مقابل زيادة المشاريع التنموية التي يمولها الغرب في هذا البلد.
ولطالما طالبت روسيا الغرب بالمشاركة في إعادة إعمار سوريا، لكن بعضاً من أعضاء مجلس الأمن، وفي مقدمتهم فرنسا، يرفضون القيام بذلك ما لم تنطلق عجلة الإصلاح السياسي في البلاد.
والاثنين قالت نائبة السفير الفرنسي ناتالي برودهيرست إنه "في غياب حل سياسي، لا يوجد أي سبب على الإطلاق لتطبيع العلاقات مع النظام السوري والتقدم نحو إعادة الإعمار"، مشيرة إلى أن هذا الموقف لن يحيد عنه الاتحاد الأوروبي.
لكن نائبة السفير النروجي ترين هايمرباك قالت في بيان مشترك مع سفيرة إيرلندا جيرالدين بيرن ناسون إن "سوريا بحاجة إلى أكبر قدر ممكن من المساعدة وفي أسرع وقت ممكن".
والنروج وهولندا مسؤولتان في الأمم المتحدة عن المفاوضات بشأن الآلية العابرة للحدود. بدورها، تطرقت واشنطن إلى إمكانية زيادة مشاركتها في بعض مشاريع إعادة الإعمار في سوريا.
وشددت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، التي زارت أخيراً الحدود التركية-السورية، على "دعم الولايات المتحدة للجهود المبذولة لإعادة تأهيل سريع" في سوريا والتي قد تشمل مرافق طبية أو مدرسية.
وأوضحت أن "هذا عنصر مهم في الجهود المبذولة لتحقيق استجابة مستدامة"، مؤكدة أن الولايات المتحدة مستعدة لأن تزيد في العام المقبل مساعدتها في هذا المجال.
كما تطرقت الإمارات العربية المتحدة والصين بدورهما إلى أهمية الدفع قدماً بمشاريع إعادة التأهيل.
لكن نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي قال إن موسكو "مقتنعة" بأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى "كل مناطق سوريا" يمكن أن يتم عبر دمشق ومن دون استخدام الآلية العابرة للحدود، متهماً العقوبات الدولية بمفاقمة الأوضاع الإنسانية في سوريا.
والأسبوع الماضي دعت 32 منظمة غير حكومية مجلس الأمن الدولي إلى تمديد العمل بهذه الآلية.
وفي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، حذرت المنظمات، وبينها منظمة الإغاثة الدولية والمجلس النروجي للاجئين و"أوكسفام" و"أنقذوا الأطفال"، من أن "حجم الأزمة يتطلب إعادة تفويض المساعدات عبر الحدود لـ12 شهراً على الأقل"، مضيفة أن "من شأن أي شيء أقل من ذلك أن يبين للسوريين أن المجلس مستعد لقبول المعاناة غير الضرورية والخسائر في الأرواح".
وتؤمن قوافل الأمم المتحدة العابرة للحدود مساعدات غذائية وطبية ومستلزمات ضرورية من دون الحصول على موافقة من دمشق. وكان مجلس الأمن جدد العمل بها في يناير (كانون الثاني) لمدة ستة أشهر.
وحذرت المنظمات أنه في حال إغلاق آلية المساعدات عبر الحدود فإن "عائلات كثيرة ستضطر إلى الاختيار بين تخطي وجبات معينة أو إرسال أولادهم للعمل، وبنات كثر سيجبرن على الزواج المبكر... وأطفال كثر سيضطرون إلى ترك مدارسهم".
وتشهد سوريا منذ منتصف مارس (آذار) 2011، نزاعاً مدمراً تسبب بمقتل نحو نصف مليون شخص واستنزف الاقتصاد وأدى الى نزوح وتشريد الملايين.