الصدمة والأزمة المشتعلة والسكاكين المسلولة في وجه فيلم "ديزني" "لايت يير" ليست مروعة كما تبدو، أو مشتعلة كما يعتقد. حتى السكاكين فهي مسنونة ومسلولة منذ زمن.
ولى ودبر زمن الصدمات الوسطي الجميل، وقت كانت أصوات عدة في العالم العربي تحذر من "الضربات عديدة التي توجهها أفلام الكرتون الغربية إلى المجتمع المسلم بقصد تغريبه عن دينه، وتجهيله بحقيقته، ومسخه إلى مجتمع مفتوح على كل الثقافات، من دون احتفاظ بشخصيته المتميزة، بحيث يكون من دون هوية يعتنقها، أو يدافع عنها"، بحسب ما ورد في مقال ضمن آلاف وربما ملايين المقالات والآراء المتواترة في شأن التحذير والتخويف من محتوى أفلام الكرتون الغربية وحتمية منعها وحجبها عن صغار العرب والمسلمين. المقال المنشور في موقع "إسلام واي" (2005) تحت عنوان "أفلام الكرتون نظرة فاحصة"، اعتبر أن غالبية أفلام الكرتون التي يلتصق بها صغار العرب "ما هي إلا حكاية عن واقع ينقل خزايا المجتمعات الغربية وعريها وسقوطها الأخلاقي والديني إلى أذهان أطفالنا، مما يدخلهم في دوامة الصراع بين ما يرون وما يعيشون من مثل وقيم، وأفكار وحضارات، وهو ما يجعلهم في حيرة وتذبذب".
ذبذبات في كل مكان
الغالبية المطلقة من الذبابات في عام 2005 كان مصدرها جهاز التلفزيون، لكن بعد نحو عقد ونصف، باتت الذبذبات متعددة المصادر متراوحة الآثار. فبين كمبيوتر و"تابلت" (لوح) وهاتف محمول في أيادي الجميع، ومناهج تدرس رقمياً، وأماكن عمل افتراضية، وأخبار تقرأ وتسمع عبر الشاشات، وبرامج وتطبيقات لا أول لها أو آخر، لم تعد شاشة التلفزيون أو السينما المصدر الوحيد للهلع عربياً أو المنصات المحدودة القابلة للمنع والحجب والإغلاق.
إغلاق الباب أمام عرض فيلم "ديزني" الجديد "لايت يير"، الذي اكتسب دعاية مجانية قيمتها ملايين الدولارات منذ قامت الدنيا على مشهد يحتوي على قبلة مثلية، المأخوذ عن أفلام "توي ستوري" الشهيرة، فتح أبواباً لا حصر لها حول طوفان قضايا الجندر والمثلية الآتي لا محالة.
القبلة بين امرأتين مثليتين في الفيلم أثارت كثيراً من الغضب والتحفظ. ويبدو للغالبية في الدول العربية أن الغضب عربي بامتياز أو إسلامي فحسب، لكنه في واقع الأمر في دول عدة، ويشمل مجتمعات وفئات بعينها في الدول التي يظن البعض أنها تبارك المثلية قولاً واحداً.
حقوقية غربية
صحيح أن غالبية الدول الغربية تدعم المثلية وغيرها من قضايا الجندر من وجهة نظر حقوقية بعيداً من خصوصيات الثقافات والمعتقدات، إلا أن بريطانيا وألمانيا وفرنسا مثلاً تشهد زيادة ملحوظة في عدد الجرائم المرتكبة ضد مثليين في أعقاب تخفيف الإجراءات الاحترازية بسبب وباء "كوفيد-19". الولايات المتحدة الأميركية تشهد أيضاً تسارعاً في لغة خطاب معادية للمثلية بين البعض، إضافة إلى تشريعات تناهض حقوق المثليين أو ترك حبلها على غاربه.
لم تغرب شمس 22 سبتمبر (أيلول) 2017، إلا وكان معظم المصريين ومعهم ملايين العرب قد قلبوا الدنيا غضباً وسخطاً على فريق "مشروع ليلى" اللبناني. في تلك الليلة، تم رفع أعلام "راينبو" أو "قوس قزح" رمز المثلية الجنسية في الحفل المقام في القاهرة. وكان مؤسس الفريق حامد سنو قد أعلن قبلها في برنامج حواري عن مثليته الجنسية، وهو ما غطاه الإعلام المصري باعتباره "دعوات ومخططات لنشر المثلية في مصر ومنها إلى بقية الدول العربية والعالم الإسلامي".
وتبع الحفل دعاوى قضائية لمحاكمة أعضاء الفريق ومن رفعوا الإعلام ومن غردوا ودونوا عنها باستحسان، وبالطبع المنظمين والرعاة والعاملين. في الوقت نفسه، تم تناول الحفل إعلامياً باعتباره مخططاً لهدم الأخلاق. وتعامل البعض إعلامياً مع الفريق على أنه وسيلة الماسونية العالمية للنيل من شباب العرب والمسلمين، وأداة الصهيونية الدولية لهدم الدول العربية على رؤوس قاطنيها.
تأججت الحمى
كان ذلك قبل خمس سنوات. وقبل أيام، تأججت الحمى مجدداً وتم استنفار الجميع مرة أخرى لمواجهة هذا الخطر الهائل القادم، هذه المرة عبر "ديزني". وما أشبه اليوم بالبارحة. فقبل أيام، "كشف" عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ورجل الدين الإعلامي خالد الجندي في برنامجه التلفزيوني "لعلهم يفقهون" أن "المنظمات الصهيونية هي من يقف وراء مجتمع الميم وتحاول أن تفرضه على أولادك".
وشرح الجندي المقصود بـ"مجتمع الميم"، بحسب معلوماته، إذ قال، إن "المثليين جنسياً يطلق عليهم مجتمع الميم. ومجتمع الميم هو المثليون والمزدوجون والمختلفون وأي حاجة تبدأ بحرف الميم. عشان كده سموهم مجتمع الميم". وأضاف، "لو دخلت تبحث في السوشيال ميديا عن أسمائهم ستعرف معنى مجتمع الميم. وهذا هو المجتمع الذي تحاول المنظمات الصهيونية أن تفرضه على أولادك". وتابع أن كل ما يجري من جهود في الغرب من صناعة ملابس وإيموجي وأعلام وأفكار وغيرها تعكس ثقافة المثليين الغرض منها هو "عملية مخطط لها منذ زمن بعيد" وأن "الجمعيات الصهيونية تسقي المثلية الجنسية للأولاد بكوب عصير. الولد من غير ما يحس (من دون أن يشعر) يعمل دعاية للمجتمع المثلي".
المجتمع المثلي
"المجتمع المثلي" والمحيطون بـ"المجتمع المثلي" والذين يخشون على أبنائهم وبناتهم من "المجتمع المثلي" والذين يعتقدون أن "المجتمع المثلي" هو نتاج عمل جمعيات صهيونية وماسونية، وحتى أولئك الذين يعرفون أن المثليين وغيرهم من أصحاب الانتماءات الجنسية المختلفة لم يختاروا توجهاتهم بالضرورة في حالة من البلبلة والاضطراب والتشويش منذ بدء "ترند" "قاطعوا ديزني المثلية" وغيرها من الدعوات العنكبوتية المطالبة بمنع كل أفلام الكرتون وغيرها من إنتاج "ديزني" باعتبارها شركة تروج للمثلية عبر إصدارها الأحدث "لايت يير".
الطريف، وربما المؤسف أو الصادم، أن مشهد القبلة المثلية في الفيلم الأحدث ليس الأول من نوعه. فقائمة الأفلام التي تحوي مشاهد أو شخصيات مثلية في أفلام "ديزني" طويلة، لكن معظمها مر مرور الكرام. فمن "لو فو" في "الجميلة والوحش" إلى الجزء الرابع من "توس ستوري" (قصة لعبة) إلى "أونوورد" ومنه إلى "زووتوبيا" وغيرها كثير، احتوى عديد من الأفلام على مشاهد أو شخصيات ذات ميول جنسية متعددة.
متفجرات ثقافية
الميول الجنسية المتعددة ملف محفوف بالمخاطر والحساسيات والمتفجرات الثقافية والعقائدية. هذه الميول المفتوحة على مصراعيها في معظم الدول الغربية على صلة وثيقة بما يعرف بـ"الثورة الجنسية". وعلى الرغم من أن تاريخ البشر لا يخلو من حوادث وشخصيات تشير إلى وجود الانتماءات الجنسية منذ قرون، إلا أن مناقشتها والحديث عنها بعيداً من الخطاب الملغم بالأيديولوجيا الدينية والثقافية لم تبدأ إلا في ستينيات القرن الماضي، وهي السنوات التي تعرف بـ"الثورة الجنسية".
مسائل جنسية متنازع عليها بشدة، سواء على صعيد أنماط العلاقة بين الجنسين، أو العلاقة بين الجنس الواحد، أو الجمع بين أكثر من نمط انفتحت أمامها أبواب النقاش والقبول والرفض على مصراعيها في الستينيات والسبعينيات. وأدت هذه النقاشات التي قوبلت بقدر كبير من الرفض والمقاومة، وكذلك القبول والترحيب، إلى تغيرات كبرى في طريقة تفكير فئات عديدة في الغرب، في ما يختص بالنشاط الجنسي وأدوار الجنسين.
البعض اعتبر ما يدور في الغرب من فتح أبواب التعبير الجنسي على مصراعيها مجرد موجة تحرر من القوالب الجنسية الثابتة، لكن آخرين اعتبروه جزءاً من تغيرات أعمق تدور رحاها في المجتمعات. أنصار الثورة الجنسية ربطوا بينها وبين فكرة أن يكون الفرد كاملاً وشعوره بالتحقق غير مجزأ، بما في ذلك الميول والمتعة الجنسية. واعتبر أنصار الثورة الجنسية حينئذ أن الإصرار على القواعد الجنسية التقليدية هو شكل من أشكال القمع ومنع البشرية من الازدهار.
ازدهار المفاهيم الجديدة الخاصة بالهوية الجنسية في معظم الدول الغربية، كان مجرد البداية. اليوم، تحفل واجهات المحال التجارية وشرفات البيوت والمناهج الدراسية وقوائم القوانين والمواثيق الدولية بكل ما من شأنه أن يحمي حقوق أصحاب التوجهات الجنسية المختلفة أو "مجتمع الميم".
مجتمع الميم
تحت عنوان "مجتمع الميم: أحرار ومتساوون من دون تجريم"، تتيح منظمة الأمم المتحدة ورقة تعريفية باللغة العربية حول مجتمع الميم. تقول إن "المواقف المتأصلة في رهاب المثلية الجنسية والمتحولين جنسياً، التي غالباً تقترن بنقص الحماية القانونية الكافية ضد التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجنسية، تكشف عن أن عديداً من المثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً والمثليين وثنائيي الجنس (مجتمع الميم) من جميع الأعمار والأشخاص في كل مناطق العالم يعانون انتهاكات صارخة لحقوقهم الإنسانية".
ورصدت الأمم المتحدة وجود قوانين وصفتها بـ"التمييزية" في نحو 77 دولة تجرم العلاقات الجنسية المثلية الخاصة بالتراضي، وتعرض هؤلاء للاعتقال والمحاكمة والسجن، وربما الإعدام في خمس دول.
اللجوء والمثلية
وفي 17 مايو (أيار) الماضي، في مناسبة "اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية الجنسية والتحول الجنسي"، وجه مدير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي رسالة قال فيها، إن "هذه المناسبة مهمة للتعرف إلى الأشخاص المجبرين على الفرار من نوع معين من الاضطهاد والتمييز، أي الأشخاص المضطرين إلى مغادرة ديارهم بسبب ميولهم أو هويتهم أو مظهرهم أو خصائصهم الجنسية".
وأضاف أن "في مواجهة هذا الواقع، ليس لدى عديد من الأشخاص من ذوي الميول والهويات الجنسية المختلفة خيار سوى الفرار. مع ذلك، وحتى أثناء محاولتهم العثور على مكان آمن، فإنهم غالباً ما يستمرون في مواجهة المخاطر، بما في ذلك التعرض للعنف أو الانتهاك الجنسيين".
وأشار غراندي إلى أصحاب الميول الجنسية المتعددة بين اللاجئين، معتبراً إياهم أكثر عرضة للتمييز المضاعف. وقال "غالباً ما تكون مشكلة التمييز الأمر الوحيد الذي لا يستطيع اللاجئون من مجتمع الأشخاص من ذوي الميول والهويات الجنسية المختلفة تركها وراءهم. وفي كثير من الحالات، فإنها تتبعهم عبر الحدود حيث يستمرون في مواجهة الحواجز التي تحول دون إيجاد مكان آمن للعيش أو العمل أو حتى زيارة الطبيب".
يشار إلى أن هناك بين طالبي اللجوء من دول عربية من يشير إلى هويته الجنسية "غير التقليدية" وتعرضه للاضطهاد أو الخطر باعتبارها ضمن أو أبرز أسباب طلب اللجوء إلى دول غربية. وفي هذه الحالات، تتم الإشارة إلى رفض الثقافة العربية بشكل قاطع، والدين الإسلامي بشكل مؤكد (على الرغم من أن معظم الطوائف المسيحية كذلك ترفض المثلية وغيرها من الانتماءات الجنسية غير التقليدية) باعتبارهما بيئة معادية للمثليين وغيرهم وتعرضهم للخطر.
سؤال أعمق من هبة الغضب
لكن "الخطر" الحالي الذي يلوح في أفق فيلم "لايت يير"، وما تسبب فيه من جدل عنيف ومطالبات بمقاطعة كل ما يصدر عن "ديزني" يطرح سؤالاً أعمق من هبة الغضب الحالية، والمطالبات المزمنة التي تتأجج كلما لاحت في الأفق فكرة تناقض الثقافة أو توجه يعارض المعتقد والتي لا تخرج عن إطار المنع والحجب، أو ابتكار وصناعة شخصيات وأفلام كرتونية تحافظ على الهوية وتحمي المعتقد وترسخ القيم وتحرس الأخلاق.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، على الرغم من أن أحداً لا يطرحه هو ماذا نحن فاعلون في ظل العصر الرقمي حيث الاتصال بالشبكة العنكبوتية هو القاعدة وعدم الاتصال هو الاستثناء، فإذا كان المنع حامياً والحجب محصناً، فماذا عن الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي التي تجعل الحديث عن الحجب والمنع رابع وخامس المستحيلات بعد الغول والعنقاء والخل الوفي؟
التعامل مع المختلف
أحد "الحلول" طرحتها مؤسسة الأزهر الشريف وتتمثل في إطلاق مشروع قومي لتربية الأبناء. مجلة "صوت الأزهر" الناطقة باسمه اتخذت من عنوان "عالم ديزني الجديد: لا تأمن على طفلك" مدخلاً لمقترح يدعو شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إلى تبني مشروع قومي كبير يقدم للطفل بديلاً من "ديزني"! وأشارت إلى دعم الطيب لمجلة "نور" الأزهرية للأطفال، والتي "تقدم سلسلة كرتونية مهمة يمكن أن تكون بديلاً لديزني".
وبعيداً من منطقية هذا البديل أو واقعيته، فإن جانباً من "الروشتة" المذكورة في "صوت الأزهر" (لسان حال المؤسسة الدينية) يحمل شكلاً من أشكال الابتعاد عن الرفض الصارخ والتنديد الشديد وصب اللعنات على "المختلف".
وذكرت المجلة ضمن مطالبتها بإطلاق مبادرة قومية للتربية تشمل نصائح للوالدين حول السن المناسبة للحديث عن الجنس والطريقة المثلي وطريقة الرد على الأسئلة، التأكيد للصغار على وجود المختلف مع تأكيد ملاءمة أو عدم ملاءمة ما يختلف فيه للدين والعقيدة ومنظومة القيم.
وأشارت المجلة إلى أن الوضع الخاص بالفيلم يتطلب خطاباً حقوقياً يفهمه الغرب عن الطفل غير المؤهل للإدراك. كذلك حذر الأزهر مما سماه "التطبيع الممنهج" لـ"الشذوذ" الجنسي من خلال المحتويات الترفيهية الموجهة للأطفال.
والمسيحيون أيضاً
تجدر الإشارة إلى أن رفض المثلية والانتماءات الجنسية المختلفة يبدو وكأنه معركة يخوضها المسلمون وحدهم للدفاع عن الدين في العالم العربي، لكن الحقيقة هي أن الكنائس المسيحية في العالم العربي تتبنى موقفاً قريباً من الأغلبية المسلمة.
فمثلاً، تعكس "مدرسة" أنشأتها مجموعة تابعة لرابطة الإنجيليين في مصر والشرق الأوسط لـ"التعافي من المثلية الجنسية" ردود فعل متراوحة في مصر قبل نحو عامين. المدرسة مخصصة لخدمة "من يصارعون مع الميول غير المرغوب فيها والتي تكون نتيجة ما مروا به في مرحلة الطفولة"، بحسب ما قال مؤسس المدرس القس طوني جورج. ردا الفعل الرئيسان تراوحا بين فريق غضب من المجاهرة بفكرة المدرسة لأن الحديث عن "الشذوذ" أمر مقيت، وآخر اعتبر "مرضى الشذوذ" يستحقون السجن وليس العلاج.
ومضى جورج مؤكداً فكرة أن الميول الجنسية المختلفة مرض، بقوله إن "الشفاء من المثلية ليس مستحيلاً".
وأعلن بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية البابا تواضروس الثاني في عام 2019 رفض الكنيسة لزواج المثليين، مؤكداً أن "الزواج له شكل واحد بين الرجل والمرأة منذ بدء الخليقة".
وأشار إلى أنه في أحد المؤتمرات الدولية عن الأسرة "ذكرت عبارة كل أشكال الزواج، مما استوقف كنيستنا أمامه، فهناك زواج مثلي، وأخذوا علماً مذكوراً في الكتاب المقدس هو قوس قزح ليأخذوه علماً لهم على الرغم من أن الله أوجده في الطبيعة، وهي فلسفات تطفئ البصيرة".
أزمة البصيرة
البصيرة العربية الحالية لم تخرج بعد بحلول منطقية قاطعة أو شبه قاطعة لكيفية الحيلولة دون تعرض الصغار لمفاهيم وشخصيات وأحداث وأفلام تتعلق بالمثلية وبقية مكونات "مجتمع الميم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت "شبكة الباروميتر العربي البحثية" قد أجرت استطلاعاً للرأي في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لصالح "بي بي سي عربي" في عام 2019 عن توجهات الشباب العربي وأظهر أن القتل "غسلاً للعار" مقبول أكثر من المثلية الجنسية.
الموقف الشعبي العربي يتعامل مع المثلية وغيرها من التوجهات الجنسية غير التقليدية باعتبارها "جريمة ملعونة"، أو مرض يبتلى به البعض. مناقشة المسألة مرفوضة في الأغلب، إلا لو دار النقاش في إطار من التجريم والمطالبة بالاعتقال أو التشويه والإرجاع لنظريات المؤامرة التي تستهدف الإسلام والمسلمين، على الرغم من أن المسيحية والمسيحيين في العالم العربي لا ينتهجون نهجاً مختلفاً في هذا الشأن.
علمياً، خلصت دراسة علمية كبيرة أجريت عن الأساس البيولوجي للسلوك الجنسي ونشرت نتائجها في دورية "ساينس" العلمية في عام 2019، إلى عدم وجود جين محدد يؤدي إلى المثلية، وأن الميل الجنسي للشخص تحدده عوامل وراثية وبيئية. وأشارت إلى أن للمتغيرات الجينية المرتبطة بالمثلية تأثيرات محدودة للغاية لا تزيد على واحد في المئة.
"الديناصورات" يمتنعون
قائمة الدول التي منعت عرض الفيلم وصلت إلى 14 دولة، منها "مصر والسعودية والإمارات ولبنان وعمان والأردن وماليزيا"، هذا المنع قوبل بكثير من الارتياح عربياً، لكنه قوبل أيضاً بكثير من الانتقاد. منظمة العفو الدولية وصفت قرار المنع بأنه "يقوض حرية التعبير ويشكل إهانة لمجتمع الميم". وهو ما اعتبرته الملايين في هذه الدول مدعاة للفخر لا الوصم. أما الممثل كريس إفانز الذي قام بالأداء الصوتي للبطل في فيلم "لايت يير"، فقال إنه "يجب تجاهل أولئك الذين يتفاعلون بشكل سلبي"، واصفاً إياهم بـ"الناس الأغبياء". وأضاف، أنه "سيكون هناك دائماً أشخاص خائفون وغير مدركين ويحاولون التمسك بما كان من قبل. هؤلاء الناس يموتون مثل الديناصورات". ودعا إفانز إلى عدم منح هذه "الديناصورات" أي اهتمام مع المضي قدماً.
المضي قدماً في ملف المثلية والميول الجنسية المختلفة في "مجتمع الميم" لن ينتهي عند فيلم "ديزني". والمواجهة بين الدول العربية وما تحمله من حزمة ثقافات ومعتقدات وقيم وهوية من جهة، وطبيعة العصر الرقمي وتحول إتاحة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي إلى حق من حقوق الإنسان، بالتالي إتاحة المعلومات من دون قيود أو حواجز وتحلل أدوات الحجب والمنع هي البداية.