اختتم ولي العهد السعودي زيارته للأردن اليوم الأربعاء، الـ 22 من يونيو (حزيران)، وأصدرت المملكتان السعودية والأردنية، بياناً مشتركاً عقب محادثات الملك عبدالله الثاني والأمير محمد بن سلمان، شمل كل القضايا السياسية مثل القضية الفلسطينية والتهديدات الإيرانية وإرهاب الحوثيين، إضافة إلى الأزمتين السورية واليمنية، فضلاً عن تعزيز التعاون الاقتصادي في جميع القطاعات.
وقال البيان إن الزيارة جسدت عمق العلاقات الوثيقة والتاريخية بين المملكتين، وجرى خلالها استعراض أوجه التعاون بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة، وبحث سبل تعزيزها بما يحقق مصالحهما المشتركة.
وأشاد الجانبان خلال المحادثات التي حضرها كبار المسؤولين في المملكتين الشقيقتين، بالجهود القائمة لتحقيق المصالح الاقتصادية المشتركة بتوجيه ودعم من قيادتي البلدين، وأكدا أهمية العمل المشترك لزيادة مستوى التعاون الاقتصادي والاستثماري.
كما أكد الجانبان أهمية متابعة تنفيذ نتائج اجتماعات الدورة الـ 17 للجنة السعودية - الأردنية المشتركة والاتفاقات الناتجة منها والتي أسهمت في توسيع نطاق التعاون وتعزيزه في عدد من المجالات.
تعاون اقتصادي
وأشار الجانبان إلى أهمية تعزيز التعاون المشترك في مجال الاستثمارات وتنويعها، بما في ذلك المجالات الاستثمارية لقطاعات التعدين والبنية التحتية والزراعة والسياحة والثقافة والرعاية الصحية وتقنية المعلومات، وخلق مزيد من فرص العمل بما يسهم في دفع النمو الاقتصادي في البلدين ويخدم مصالحهما المشتركة.
ورحبت السعودية بإطلاق الأردن رؤية التحديث الاقتصادي للسنوات الـ10 المقبلة، وفرص التعاون التي يمكن البناء عليها من خلال تلك الرؤية.
وأعرب الأردن عن تقديره للسعودية لما تقدمه من دعم لمشاريع تنموية في مختلف القطاعات، بخاصة قطاع النقل والطاقة، والدور الذي تلعبه استثماراتها في توسعة القطاعات المختلفة.
وفي مجال الطاقة أكد الجانبان أهمية استمرار التعاون في الربط الكهربائي بين البلدين وتعزيز التعاون المشترك في مجال كفاءة الطاقة والابتكار والتقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي وتطوير التقنيات النظيفة لاستخدام الموارد الهيدروكربونية في تطبيقات متنوعة في المجال الصناعي والإنشائي.
وفي مجال البيئة والتغير المناخي رحب الأردن بإطلاق السعودية مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، وأعرب عن دعمه لجهود المملكة في مجال التغير المناخي، وعبر الجانبان عن تطلعهما إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة والتقاط الكربون وتخزينه واستخدامه وبناء الخبرات في هذا المجال.
وأشاد الجانبان بمشاريع الشركات السعودية واستثماراتها في مجال الطاقة المتجددة في الأردن، وأكدا أهمية تبادل الخبرات بين الطرفين في مجال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة وتقنياتها. ورحبا بتوسيع سبل التعاون بينهما في مجال الهيدروجين وتطوير التقنيات وتبادل الخبرات لتطبيق أفضل الممارسات في مجال مشاريع الهيدروجين، مؤكدين أهمية استمرار التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتعزيز التعاون في مجالات الرقابة النووية والإشعاعية بين البلدين.
الأمن الغذائي حاضر
وأعرب الجانبان عن تطلعهما إلى تعزيز تعاونهما في مجالات الأمن الغذائي والصحة والتعليم وتشجيع اكتشاف فرص جديدة في مجالات مكافحة الأوبئة والجوائح العالمية والاستثمار في القطاع الصحي والصحة الرقمية، وغيرها من المجالات الصحية.
وأكد الجانبان أهمية زيادة وتيرة التعاون بين البلدين في مجالات الثقافة والسياحة والرياضة والشباب وتبادل المشاركات وتنميتها واستكشاف ما يذخر به البلدان من ثروات وطاقات، بما يحقق النماء والرفاه للبلدين والشعبين الشقيقين.
وثمنت السعودية دعم الأردن لترشيح استضافة الرياض معرض "إكسبو2030" الدولي.
دعم الوصاية الهاشمية
واستعرض الجانبان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، إذ شدد الجانبان على ضرورة انطلاق جهد دولي جدي وفاعل لإيجاد أفق سياسي حقيقي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو "حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
وشددا على ضرورة وقف إسرائيل جميع الإجراءات اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام العادل، وعلى ضرورة احترام إسرائيل الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، واحترام دور دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية بصفتها الجهة الوحيدة المخولة بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف الذي يشكل بكامل مساحته مكان عبادة خالصاً للمسلمين.
وأكدت السعودية أهمية دور الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس في حمايتها والحفاظ على هويتها العربية.
إدانة الإرهاب الحوثي
وفي الشأن اليمني، جدد الجانبان دعمهما الكامل للجهود الأممية والإقليمية الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، وفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم (2216).
وشددا على إدانة الأعمال والممارسات والهجمات الإرهابية التي تشنها ميليشيات الحوثي واستهدافها الأعيان المدنية والمرافق الحيوية في السعودية، وتهديدها أمن ممرات الملاحة الدولية وتقويضها للمساعي المبذولة للوصول إلى حل سياسي.
وشدد الجانبان على أن أمن المملكتين واحد، وأكد الأردن وقوفه المطلق مع السعودية في كل ما تتخذه من خطوات لحماية أمنها واستقرارها ومصالحها، وطالب الجانبان المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين للالتزام بالهدنة والتعاون مع المبعوث الأممي الخاص لليمن والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام.
أفق الأزمة السورية
وفي الشأن السوري شدد الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها ويعيد لها الأمن والاستقرار ويخلصها من الإرهاب ويهيئ الظروف اللازمة للعودة الطوعية للاجئين، وأكدا استمرار دعمهما لجهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، وشددا على أهمية وقف التدخلات والمشاريع التي تهدد هوية ووحدة سوريا وسيادتها.
وأكد الجانبان وقوفهما إلى جانب الشعب السوري الشقيق وضرورة استمرار المجتمع الدولي في تقديم الدعم للاجئين والدول المستضيفة، وأن عبء اللجوء مسؤولية دولية وليست مسؤولية الدول المستضيفة وحدها.
وثمن الجانب السعودي الدور الإنساني الكبير الذي يضطلع به الأردن في استضافة نحو 1.3 مليون سوري.
مكافحة الإرهاب
وفي الشأن العراقي، شدد الجانبان على مركزية أمن العراق واستقراره باعتباره ركيزة لأمن المنطقة واستقرارها، وأكدا وقوفهما إلى جانبه في جهوده المبذولة لمكافحة الإرهاب وإعادة الأعمار وتحقيق مستقبل أفضل للشعب العراقي الشقيق، وأعربا عن أملهما بتوصل الأطراف العراقية إلى صيغة لتشكيل حكومة، تكريساً لعملية سياسية جامعة تلبي تطلعات جميع المكونات.
وفي الشأن اللبناني أكد الجانبان أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار وضرورة دعم لبنان وشعبه الشقيق، والعمل على مساعدته في التصدي للتحديات التي يواجهها، وأهمية إجراء إصلاحات شاملة تكفل تجاوزه لأزمته الحالية، وضرورة حصر السلاح في مؤسسات الدولة الشرعية والتزام "حزب الله" بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ووقف كل الممارسات التي تهدد أمنها.
النووي الإيراني
وفي شأن الملف النووي الإيراني اتفق الجانبان على ضرورة دعم الجهود الدولية التي تستهدف الحيلولة دون امتلاك إيران سلاحاً نووياً، وضمان سلمية برنامج إيران النووي وتعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية والحفاظ على منظومة عدم الانتشار وإيجاد منطقة شرق أوسط خالية من السلاح النووي وجميع أسلحة الدمار الشامل، ودعم الجهود العربية لحث طهران على الالتزام بعدم التدخل في شؤون الدول العربية والمحافظة على مبادئ حسن الجوار، وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار.
وأعرب ولي العهد السعودي عن تقديره للملك عبدالله الثاني على حفاوة الاستقبال، مؤكداً حرص السعودية المتواصل على توطيد العلاقات التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين وإدامة التنسيق والتشاور تحقيقاً لمصالحهما وخدمة لقضايا المنطقة.
وأكد خلال استقباله في قصر الحسينية أن العلاقات بين البلدين تاريخية والتعاون مستمر في كل القطاعات، وقال "هدفنا هو الدفع نحو مرحلة جديدة من التعاون لمصلحة الأردن والسعودية".
ولفت إلى أن هناك فرصاً كبيرة في الأردن، مشدداً على حرص بلاده على الإسهام الفاعل والاستثمار في هذه الفرص التي ستعود بالنفع على البلدين.
فيما أكد العاهل الأردني أهمية الدور المحوري للسعودية في دعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وتعزيز العمل العربي المشترك والعمل من أجل تحقيق السلام في المنطقة والعالم.
وجدد الملك الأردني تأكيد وقوف الأردن الدائم إلى جانب السعودية في مواجهة أي اعتداءات تتعرض لها، مشدداً على أن أمن السعودية من أمن الأردن والمنطقة.
توقيع اتفاقات تجارية
وعلى هامش الزيارة وقعت اتفاقات سعودية - أردنية لتدعيم علاقات البلدين التجارية بما يحقق مصالحهما العليا المشتركة.
وشملت الاتفاقات التي وقعت في اختتام فعاليات ملتقى الأعمال الأردني -السعودي اتفاق تطوير عقاري، ووقعت هيئة الطاقة الذرية الأردنية ممثلة بالمفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب عقد تدريب كوادر مع شركة النظائر الحديث للتصنيع السعودية، وكذلك توقيع عقد بين شركة كيمياء ينبع للصناعة (كيميان) السعودية والشركة الهندية - الأردنية لتوريد حمض الفوسفوريك لإنتاج مدخلات الأعلاف الحيوانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما جرى على هامش اختتام الملتقى توقيع اتفاق يتعلق بشركات المنتجات الورقية وشركات إنتاج ومعالجة مخلفات الزيتون، إضافة إلى اتفاقات تتعلق بالتعدين والأسمنت وصناعة السجاد.
استثمارات ضخمة
كما ينتظر الإعلان عن تعزيز الاستثمارات السعودية في الأردن، إذ يدل حجم الوفد الاقتصادي والتجاري المرافق للأمير محمد بن سلمان على البعد الاقتصادي للزيارة، بخاصة بعد أيام من التوقيع في عمّان على اتفاق استثمار وتطوير بين صندوق الاستثمار الأردني وشركة الصندوق السعودي - الأردني للاستثمار لتنفيذ مشروع استثماري في قطاع الرعاية الصحية بحجم استثمار يبلغ 400 مليون دولار.
ويأمل الأردنيون بأن تسفر الزيارة عن إطلاق استثمارات سعودية بقيمة ثلاث مليارات دولار من طريق صندوق الاستثمارات العامة السعودي عبر مشاريع بنية تحتية عملاقة أبرزها مشروع سكك حديد بقيمة تصل إلى ملياري دولار.