سجل معدل التضخم في المملكة المتحدة أعلى مستوى له في 40 سنة، مسجلاً 9.1 في المئة في الأشهر الـ12 المنتهية في مايو (أيار)، بعدما بلغ تسعة في المئة في أبريل (نيسان).
والارتفاع المستمر يرجع جزئياً إلى تكاليف الطاقة، بعدما بدأ العمل بزيادة مقدارها 700 جنيه استرليني سنوياً (855 دولاراً) في فواتير الطاقة الشهر الماضي.
وعلى رغم هذا يخشى خبراء اقتصاديون من مواصلة التضخم، وهو معدل ارتفاع الأسعار، صعوده في الأشهر المقبلة. ويقدر بنك إنجلترا أنه قد يصل إلى 11 في المئة هذا العام.
وأشارت نمذجة لدى مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أن هذا هو أعلى معدل للتضخم منذ فبراير (شباط) 1982 على الأقل، عندما بلغ الرقم 10.2 في المئة.
وكانت تكاليف وقود النقل والأغذية من أكبر العوامل وراء هذه الأرقام التي بينت أن الأسعار تتسلق في مختلف أرجاء الاقتصاد البريطاني. وقفزت أسعار الأغذية بنسبة 8.6 في المئة، وهذا أعلى مستوى في 13 سنة، بعدما سجلت 6.7 في المئة في أبريل، ويرجع ذلك جزئياً إلى أثر غزو روسيا لأوكرانيا في أسواق الأغذية العالمية.
وأدت أزمة تكاليف المعيشية المتزايدة حدة إلى اتخاذ إجراءات قطاعية في السكك الحديد البريطانية هذا الأسبوع تُعَد الأكثر كثافة خلال عقود. وتتزايد المخاوف من احتمال إضراب العاملين في قطاعات أخرى من أجل استخدام قوة المساومة الجماعية لزيادة عروض الأجور في القطاع العام.
وجادلت الحكومة بأن تسويات للأجور أكثر سخاء من الممكن أن تدفع معدل التضخم إلى مزيد من الارتفاع، ما يطلق دوامة أسعار-أجور من ذلك النوع غير المعروف منذ سبعينيات القرن العشرين.
وقال نائب رئيس الحكومة، دومينيك راب، لـ"سكاي نيوز" إن على المملكة المتحدة أن تبدي "تقييداً" في عروض الأجور للعاملين والسبب "أننا نعرف أن أجور القطاع العام إذا واصلت الارتفاع لن تبقي معدل التضخم إلا مرتفعاً لفترة أطول". هذا على رغم اعترافه بأن الناس يناضلون الآن "من أجل تلبية الاحتياجات".
وسيكون على الحكومة الوقوف بصلابة في وجه الإضرابات في الأشهر المقبلة، على حد تعبيره، وإلا لن نواجه إلا "الدائرة المفرغة" من معدل التضخم المرتفع لفترة أطول. وأضاف أن أسس اقتصاد المملكة المتحدة قوية وسط ارتفاع في الأسعار العالمية.
وقال السيد راب: "أخشى من أننا لا يجوز لنا أن نسمح للنقابات التي تسير بهذه الطريقة الشديدة النضالية بالفوز بهذه الحجة لأنها لن تضر إلا بأشد الناس فقراً في المجتمع".
وردت النقابات على هذه التصريحات.
وقالت الأمينة العامة لمؤتمر الاتحادات المهنية، فرانسيس أوغرادي: "مع ارتفاع معدل التضخم بمعدل ضعف زيادة الأجر المتوسط، نحن في حاجة إلى حكومة تقف إلى جانب العاملين. لكننا بدلاً من ذلك لدينا حكومة تسعى إلى القتال مع العاملين الذين يتخذون الإجراءات اللازمة للدفاع عن مستويات معيشتهم.
"ليكن من الواضح أن معدل التضخم لا يحركه الممرضون وعاملو الرعاية الذين يريدون الحصول على أجور كافية تؤمن الأغذية من دون زيارة مركز لتوزيع الطعام. وإذا لم تبذل الحكومة مزيداً من الجهد لحماية الأجور والإنفاق، نكون في خطر متزايد يتمثل في ركود من شأنه أن يدمر العائلات والشركات".
وقال صندوق المشورة المالية، وهو مؤسسة خيرية تدير خط الديون الوطنية وخط ديون الشركات، إنه يشهد زيادة في طلب المساعدة على خطوطه الهاتفية.
وقالت جوانا إلسون، رئيسته التنفيذية: "مع زيادة معدل التضخم الآن إلى 9.1 في المئة، يلقي ارتفاع التكاليف بثقله على ميزانيات الأسر. وبالنسبة إلى العديد من الناس، بدأ العبء المتزايد المتمثل في ارتفاع الأسعار يفرض نفسه بالفعل، ولا يضيف إلا إلى صعوبة تلبية التكاليف اليومية.
"ولدى خط الديون الوطنية وخط ديون الشركات نسمع من عدد متزايد من الأشخاص الذين يعانون من عجز في الميزانيات – حيث لا يكفي دخلهم ببساطة لتغطية احتياجاتهم الأساسية. ومكمن قلقنا هنا هو أن الخيارات تنفد للأشخاص الذين يواجهون صعوبة مالية بالفعل".
وأضافت السيدة إلسون أن الدعم من الحكومة، بما في ذلك الحسم على فاتورة الطاقة بقيمة 400 جنيه، لن يكون كافياً لهؤلاء ذوي المداخيل الأقل الذين يحتاجون إلى "تدابير عاجلة" بما في ذلك زيادة المزايا بما يتفق مع معدل التضخم الحالي، وليس في استنساخ لها من العام الماضي.
وقالت راشيل ريفز، وزيرة المالية في حكومة الظل، إن معدل التضخم السريع كان سبباً في دفع الأوضاع المالية العائلية إلى "حافة الهاوية"، لكن البريطانيين واجهوا لفترة طويلة "دوامة من الأجور المنخفضة".
"على مدى العقد الماضي، كان سوء إدارة المحافظين لاقتصادنا يعني عدم نمو مستويات المعيشة والأجور الحقيقية. نحن نحتاج إلى أكثر من مجرد حلول مؤقتة حتى نتمكن من العودة إلى المسار الصحيح – نحن نحتاج إلى اقتصاد أقوى وأكثر أماناً"، وفق السيدة ريفز.
وأضافت: "مع تعهد الاستثمار في المناخ من قبل حزب العمال، وخططنا لمزيد من الشراء والصنع والبيع في بريطانيا، سنبني اقتصاد الأجور المرتفعة، والنمو المرتفع، والتضخم المنخفض والمستقر الذي نستحقه".
© The Independent