أوردت "نيويورك تايمز" في تحليل إخباري أن لجنة مجلس النواب الأميركي التي تحقق في الهجوم على الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، إذ تبني قضية تضع الرئيس السابق دونالد ترمب في قلب المحاولة الانقلابية، تعتمد بشدة على مجموعة من الشهود المفاجئين: المستشارون الخاصون بالسيد ترمب، ورفاق جمهوريون له، بل أشخاص من عائلته نفسها. فقد تبين أن أقرب المقربين من السيد ترمب رفضوا مزاعم كاذبة أدلى بها الرئيس السابق مفادها أن انتخابات عام 2022 الرئاسية سرقت، بيد أن المعركة لمصادرة إرادة الشعب تواصلت بلا هوادة.
وأشار كاتب التحليل، شاين غولدماخر، المراسل السياسي في الصحيفة، إلى أن شهادات الجمهوريين التي أدلي بها في أربع جلسات استماع "كشفت في تفاصيل لاذعة وذات تبعات مدى الانقسام الذي يضرب الحزب الجمهوري بين فصيل يتقبل حقيقة انتخابات عام 2020 ويصدع بنتيجتها، والأعضاء الكثر الذين لا يزالون متمسكين بسردية السيد ترمب المناوئة للديمقراطية عن الانتخابات المسروقة". ونقل عن ميك مولفاني، كبير موظفي البيت الأبيض بالوكالة سابقاً في عهد السيد ترمب، قوله: "إذا كان أي من الجمهوريين يتابع الجلسات ويشاهدها، سيتعذر عليه أن يدافع عن موقف يقول بأن الرئيس ترمب فاز بالانتخابات استناداً إلى الأدلة المقدمة إلى الآن".
وإذ عددت "نيويورك تايمز" بعض الشهادات اللافتة، ولا سيما من ابنة السيد ترمب إيفانكا، وأحد محامي البيت الأبيض إيريك هيرشمان، والرئيس الجمهوري لمجلس النواب في ولاية أريزونا راستي باورز، ووزير العدل السابق في عهد السيد ترمب ويليام بي بار، نقلت عن السيد مولفاني قوله إن اقتصار الإجراءات على ديمقراطيين بعدما قاطع الجمهوريون عضوية اللجنة احتجاجاً على رفض رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بعض مرشحيهم إليها يعني أن قلة من الجمهوريين ستصغي إلى المجريات. وتضم اللجنة جمهوريين معارضيْن لترمب، بمن فيهما ليز تشيني، النائبة عن ولاية وايومينغ التي تتولى نيابة رئاسة اللجنة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت الصحيفة عن ستيفاني غريشام، الناطقة السابقة باسم البيت الأبيض، قولها: "تبدي اللجنة براعة في تكتيكها المتمثل في اللجوء إلى مسؤولين كبار وأفراد في العائلة وأعضاء بارزين في الحملة وجمهوريين أيدوه. هذا ما يعطيني أملاً بأنها ستشكل خرقاً". ولكن استطلاعاً جديداً أجرته جامعة كوينيبياك أظهر أن خرقاً كهذا لا يزال بعيد المنال. وفي حين يعتقد ستة من كل 10 أميركيين بأن السيد ترمب يتحمل كثيراً أو شطراً من المسؤولية عن أحداث السادس من يناير، يقول 25 في المئة من الجمهوريين إنه لا يتحمل كثيراً من المسؤولية و44 في المئة إنه لا يتحمل أي مسؤولية على الاطلاق.
وأعلنت سارة لونغويل، مؤسسة مشروع محاسبة الجمهوريين المناوئ للسيد ترمب: "آمل بوجود جناح عاقل في الحزب الجمهوري يهيمن من جديد – ولكن حظوظ ذلك ضئيلة للغاية". وأفادت السيدة لونغويل بأن المشاركين في مجموعتي نقاش عقدتهما منذ بدء جلسات الاستماع لأميركيين كانوا قد صوتوا للسيد ترمب عام 2020 أعربوا عن عدم رغبتهم في ترشح الرئيس السابق للانتخابات الرئاسية عام 2024. وقالت: "ما أثار اهتمامي هو أنهم أحبوا ترمب لكنهم رغبوا في تجاوز المرحلة. هكذا تحدثوا عن السادس من يناير في شكل عام".
ولفت الكاتب إلى أن السيدة تشيني، أبرز منتقدي السيد ترمب في الكونغرس من الجمهوريين، أعلنت أنها تريد دق إسفين بين السيد ترمب والقاعدة الحزبية في الحزب الجمهوري، إن لم تتمكن من فعل ذلك بينه وبين القادة الحزبيين المنتخبين في واشنطن. وقالت في أولى جلسات الاستماع في 6 يونيو (حزيران): "أقول ما يلي لزملائي الجمهوريين الذين يدافعون عما لا يمكن الدفاع عنه: سيأتي يوم يذهب فيه دونالد ترمب، لكن عاركم سيبقى ماثلاً". وتواجه السيد تشيني منافساً مدعوماً من السيد ترمب في انتخابات هذا الصيف، وهي تقول إنها ستنافس الرئيس السابق على تمثيل الحزب الجمهوري والفوز بترشيحه إذا قرر الرئيس السابق الترشح للانتخابات الرئاسية بعد سنتين.
وكان موقف جاي مايكل لوتيغ، وهو قاض سابق في محكمة الاستئناف الفيدرالية ومستشار نائب الرئيس السابق مايك بنس، من أحداث الكابيتول الأكثر حدة. فقد قال في جلسة استماع الأسبوع الماضي: "إن دونالد ترمب ومؤيديه تهديد صريح وداهم للديمقراطية الأميركية". وعن انتخابات منتصف الولاية الرئاسية هذا العام، قال إن غالبية جمهورية في الكونغرس، في حال تبلورت، "ستحاول قلب الانتخابات الرئاسية عام 2024 بالطريقة نفسها التي سعت فيها إلى قلب انتخابات عام 2020".
وبحسب الصحيفة، يخشى ديمقراطيون من مجريات الأمور ويحذرون من أن تؤدي إشادة لجنة التحقيق بحفنة من الجمهوريين الذين وقفوا في وجه السيد ترمب، إلى خلاف المرجو. فهي قد لا تزرع شرخاً بين الرئيس السابق وبين الحزب الجمهوري. فالأخير لا يزال موالياً إلى حد كبير له.
فأبرز الجمهوريين الذين مثلوا أمام اللجنة وأدلوا بشهادات تدين ترمب من أمثال باورز وبار أعربوا عن نيتهم التصويت لترمب في الانتخابات المقبلة إذا كان الخيار بينه وبين جو بايدن. ويبدو أن الشقاق في صفوف الجمهوريين شائك ومعقد ولا يؤدي إلى خلاصات حاسمة حول مآل ترمب في الحياة السياسية الأميركية. فالهوة كبيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين من جهة، وبين الجمهوريين أنفسهم من جهة أخرى.