خلال أيام الطفولة والمراهقة، لم أشاهد من يمثلني على الشاشة. وكنت أتوق لأن أتشبه بنجوم أفلامي وبرامجي التلفزيونية المفضلة وأن أجد صلة تربطني بهم، وانتهى الأمر بشعوري بالدونية مقارنةً بهم.
كان من النادر تجسيد مثيلاتي على الشاشة، أنا الفتاة صاحبة البشرة غير البيضاء ومن البيئة الباكستانية المسلمة. وفي المرات القليلة التي حصل ذلك، غالباً ما كان ينظر إلينا من منظار نمطي وأحادي البعد. فمن ربة المنزل أو الابنة المقموعة إلى الإرهابي العنيف، كان هذا التصوير مثيراً للإحباط ولا يعكس صورتي أو أياً من النساء اللاتي أعرفهن.
ولهذا السبب، تأخذنا أنا وكثيرين غيري حماسة شديدة لمشاهدة مسلسل الآنسة مارفل على ديزني بلاس والشعور أننا مرئيون. تتابع السلسلة قصة الفتاة الباكستانية المسلمة كامالا خان ذات الـ17 ربيعاً، من جيرسي سيتي في الولايات المتحدة، المعجبة بالشخصيات ذات القدرات خارقة، والتي تجد نفسها فجأة تتعامل مع قدراتها الخارقة الخاصة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إضافة إلى تعاملها مع مهاراتها التي تتخطى القدرات البشرية، نتابع خان فيما تتعامل مع بيئتها الثقافية والدينية وصداقاتها وإعجابها بالآخرين وغيرها من الأزمات التي تمر بها المراهقات.
يستند المسلسل إلى مجلات مصورة (كوميكس) تحمل الاسم نفسه ولاقت نجاحاً في أوساط النقاد كما رواجاً تجارياً عند إطلاقها في عام 2014، فبيعت منها أكثر من 500 ألف نسخة إلكترونية وشكلت بالنسبة إليَّ إحدى المرات الأولى التي شعرت فيها بأنني مرئية فعلاً في إطار الثقافة الشعبية.
والآن، نقلت هذه الكوميكس المحبوبة إلى الشاشة الصغيرة بمشاركة الممثلة الباكستانية الأميركية إيمان فيلاني بدور خان. ويعرض العمل حالياً بعد انتظار وترقب كبيرين من معجبي مارفل، والجنوب آسيويين والمسلمين الذين يبحثون مثلي عن تمثيل دقيق لهم في الإعلام.
رأينا في المسلسل إلى الآن استكشافات وإشارات إلى الطعام الباكستاني واحتفالات العيد وصلاة المسلمين وتقسيم الهند وباكستان والحجاب، من بين غيرها من رموز الثقافة والدين المنثورة بين العناصر الخارقة- وكانت مشاهدته مصدر فرح.
بشكل عام، عمل الإعلام إما على الإغفال عن تصوير المسلمين أو تصويرهم بشكل سلبي. وجد تقرير وضعته جامعة جنوب كاليفورنيا أن نسبة المسلمين لم تتخطَّ 1.6 في المئة من الشخصيات في الأفلام الكبيرة على الرغم من أنهم يشكلون نحو ربع سكان العالم، فيما ارتبطت 90 في المئة من هذه الشخصيات بالعنف.
أما بالنسبة إلى النساء، فقد وصل معدل الإناث إلى الذكور بين الشخصيات المسلمة في 200 فيلم حللتها الدراسة من 1 إلى 175. وهذا يبين بالتحديد كم نحن معرضات للتجاهل في التيار العام، ولماذا اعتبر مسلسل الآنسة مارفل نفساً منعشاً.
ولكنه ليس مثالياً- وليس علينا توقع ذلك منه.
عندما سألتها عن تنوع التمثيل في البرنامج، أجابت الممثلة الرئيسة فيلاني "إنها قصة واحدة عن فتاة واحدة من أسرة واحدة، ولا يمكن للآنسة مارفل أن تمثل ملياري مسلم أو كل المواطنين الجنوب آسيويين في العالم".
"أردنا أن يكون العرض مماثلاً لنشأتنا عليه، وعمل في البرنامج كثير من المسلمين والجنوب آسيويين وضعوا جميعهم الكثير من تجاربهم الخاصة في شخصية كامالا وفي رواية القصة كلها".
قد لا يتمكن الجميع من إيجاد صلة مع الآنسة مارفل، ولكن ذلك غير ممكن أساساً. إنما هذه بداية مذهلة، وبالنسبة إليَّ فقد تجاوبت جيداً مع البرنامج حتى الآن.
وظل مشهد واحد تحديداً عالقاً بذهني، فيما تتحدث خان مع صديقة محجبة اسمها ناكيا، بدل الخطاب التقليدي حول كون المحجبات مقموعات أو معرضات لغسيل دماغ. تقول ناكيا "عندما أضعه، أشعر بأنني نفسي".
سوف يرسل هذا المشهد وحده رسالة للعديد من الناس، سواء من المسلمين أو غيرهم، بأن الحجاب والثياب المحتشمة ليسا مصدر قمع للجميع، بل تمكين للشخص لكي يكون نفسه. وهي واحدة من الرسائل القوية التي يمكنها تثقيف الجمهور، وهذا ما ستفعله.
إن التمثيل مهم. فهو يقلل شعور الناس بالوحدة ويعطيهم إحساساً بالانتماء. أشعرتني وسائل الإعلام التي تابعتها أثناء نشأتي بالعزلة ولكن تنتابني حماسة شديدة إزاء شعور جيل جديد من المسلمين والجنوب آسيويين يمكنهم مشاهدة برامج مثل الآنسة مارفل بأنهم مرئيون بعد طول انتظار.
© The Independent