بعد ستة أشهر فقط من توليه المنصب، يستضيف المستشار الألماني أولاف شولتز قمة مجموعة السبع في وقت خطر على الغرب، حيث يختبر ارتفاع التضخم وأزمة الطاقة وخطر الركود قدرة الاقتصادات الأكثر ثراء على نشر استجابة منسقة.
ويأتي الاجتماع، الذي يحضره أيضاً قادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان وكندا، في الوقت الذي يخفض فيه الاقتصاديون في جميع أنحاء العالم توقعاتهم للنمو، ويراجعون توقعاتهم للتضخم. وارتفعت أسعار الطاقة والمواد الغذائية بشكل كبير منذ الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير (شباط)، ورفعت البنوك المركزية هذا الشهر أسعار الفائدة بهوامش ربح أكبر مما توقعته الأسواق.
وقال هولغر شميدنغ، كبير الاقتصاديين في بنك "بيرنبرغ": "كان من المستحيل أن نتخيل في قمة مجموعة السبع الأخيرة، أننا سنواجه وضعاً كهذا". وأضاف، "الأمور سيئة للغاية ويمكن أن تزداد سوءاً".
إظهار الوحدة
وكان قد تم تأكيد التوقعات السيئة، الأسبوع الماضي، عندما اتخذت ألمانيا خطوة أقرب إلى تقنين الغاز بعد انخفاض حاد في الشحنات الروسية عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1".
وقال شولتز، إن الهدف الرئيس للقمة، التي عقدت في منتجع "شلوس إلماو" الفاخر في جبال الألب البافارية، كان إظهار الوحدة. وقال المستشار الألماني لبرلمان الاتحاد الألماني "البوندستاغ" الأربعاء، يجب على الديمقراطيات الرائدة أن تظهر أنها "موحدة كما لم يحدث من قبل"، ليس فقط في "النضال ضد إمبريالية (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، ولكن أيضاً في الكفاح ضد الجوع والفقر والأزمات الصحية وتغير المناخ".
خطة مارشال لأوكرانيا
سوف يدفع شولتز بشكل ملحوظ من أجل "خطة مارشال" لأوكرانيا، على غرار المخطط الأميركي الذي مول إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب. وسيشارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في القمة عبر رابط الفيديو.
كما سيناقش القادة الاضطرابات في الإمدادات الغذائية العالمية بسبب الحصار الروسي لموانئ أوكرانيا على البحر الأسود. وقال شولتز، الذي دعا أيضاً إندونيسيا والهند وجنوب أفريقيا والسنغال لحضور القمة، إنه كان من واجب مجموعة السبع "منع حدوث مجاعة كارثية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن قد يكون من الصعب الوصول إلى استجابة سياسية مشتركة في شأن التهديدات الاقتصادية الكلية، التي تلوح في الأفق لدول مجموعة السبع نفسها، والتي ستهيمن مناقشة حولها في اليوم الأول من القمة.
وينظر إلى بعض التطورات الأخيرة على أنها خارجة عن سيطرة القادة، حيث تؤثر سياسة الصين الخاصة بعدم وجود "كوفيد" على سلاسل التوريد العالمية، كما خفض الكرملين تدفقات الغاز إلى أوروبا، الأمر الذي أزعج أسواق الغاز وزاد من احتمالات أزمة الطاقة الشتوية.
"صعوبة الوضع"
وقال شميدنغ: "ليس زعماء مجموعة السبع هم من تسببوا في هذه المشكلات، بل (الرئيس الصيني) شي جينبينغ وفلاديمير بوتين".
ويتناقض هذا مع جائحة "كوفيد-19"، عندما تبنت الحكومات دعماً مالياً هائلاً وتحفيزاً نقدياً لحماية الشركات أثناء عمليات الإغلاق، ثم كان هناك، كما قال مسؤول ألماني كبير، "إجماع بسيط" حول كيفية الرد، "إجابة اقتصادية كلية نموذجية، أي سياسة نقدية ومالية توسعية".
وأضاف، "الوضع الذي نحن فيه الآن أكثر تعقيداً وأصعب بكثير". وتابع: "هذه الفكرة الواضحة تماماً والغريزية بأنك فقط تتبع سياسات توسعية، لم تعد واضحة جداً".
وقال باسكال دونوهو، رئيس مجموعة وزراء المالية الأوروبية، إنه سيتعين على صانعي السياسة هذه المرة تحقيق توازن بين دعم الأسر الأكثر تعرضاً لارتفاع أسعار الطاقة، والحرص على عدم تأجيج الضغوط التضخمية، وهي مهمة وصفها بأنها "متطلبة".
وقال في بروكسل الجمعة: "هذا تحد صعب للغاية بالنسبة للبنوك المركزية والحكومات". وأضاف: "يوضح لنا التاريخ أنه إذا أصبح التضخم ظاهرة متعددة السنوات بمعدلات عالية جداً، فإن التحديات التي نواجهها في تكلفة المعيشة ستزداد فقط".
تخفيف الضغط على أسعار الطاقة
وتجري الولايات المتحدة محادثات مع القادة الأوروبيين حول كيفية تخفيف الضغط على أسعار الطاقة. وقال المسؤولون إن التركيز ينصب على سبل منع قيود مجموعة السبع على النفط الروسي من دفع أسعار الخام للارتفاع وتعزيز عائدات تصدير بوتين.
إحدى الإجابات التي طالما دفعت بها الولايات المتحدة وستتم مناقشتها هي تحديد سقف لأسعار النفط المدفوعة لروسيا. وسيتطلب ذلك تغييرات في الحظر الأوروبي على تأمين شحنات النفط الروسية، وقد يسمح حل وسط للدول بالحصول على تأمين إذا التزمت سقف السعر.
لكن شولتز فاتر في شأن الفكرة، إذ قال الجمعة، إنه "ليس من المفيد" أن تلتزم دول قليلة فقط بسقف أسعار النفط، فلن ينجح الأمر إلا إذا فعل الجميع ذلك. وأضاف، "الطلب (على النفط) عالمي، وما لم نتمكن من إشراك الجميع، أو الجميع تقريباً، فلن يكون الأمر فعالاً للغاية".