Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روسيا تتخلف عن سداد ديون سيادية للمرة الأولى منذ 100 عام

موسكو تؤكد أنها سددت المستحقات لحملة السندات لكن العقوبات أوقفت وصولها

اعتبر مسؤول أميركي أن تخلف روسيا عن السداد للمرة الأولى منذ الثورة البلشفية يوضح قسوة تأثير العقوبات (رويترز)

سخر وزير المالية الروسي، أنطون سلوانوف، من إعلان الغرب تخلف روسيا عن سداد المستحقات على دينها السيادي (أي الإفلاس)، وقال إن ذلك "مجرد مهزلة"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "بلومبيرغ" للأنباء. وأكدت وزارة المالية الروسية أنها حولت المستحقات باليورو والدولار بالفعل عبر بنك "يوروكلار" ومقره بلجيكا. لكن وكالة "رويترز" ذكرت أن بعض حملة سندات الدين السيادي الروسي من تايوان لم تصل إليهم مستحقاتهم حتى صباح الاثنين. وتلك نهاية المهلة التي تستمر شهراً بعد موعد استحقاق المدفوعات، الذي مر بالفعل، 27 مايو (أيار) الماضي.

وفي ذلك التاريخ، كانت هناك مستحقات على موسكو بنحو 100 مليون دولار لحاملي سندات دين سيادي. منها 21 مليون دولار مستحقات سندات باليورو مدتها حتى 2036، و71 مليون دولار مستحقات سندات دولارية مدتها حتى 2026. ويعني عدم حصول حاملي السندات على المستحقات بنهاية مهلة السماح التي تعقب تاريخ الاستحقاق أن الدول المصدرة للسندات تخلفت عن السداد، أي تقنياً أفلست.

لدى روسيا دين سيادي في حدود 40 مليار دولار، نصفه تقريباً عبارة عن سندات اشتراها مستثمرون أجانب، أي نحو 20 مليار دولار. ومنذ بدأت الحرب في أوكرانيا، نهاية فبراير (شباط) الماضي، تحاول روسيا الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة السندات، متفادية إمكانية الإفلاس (التخلف عن السداد)، لكن العقوبات الأميركية والغربية جعلت عملية تحويل المستحقات للدائنين الأجانب في غاية الصعوبة. وقبل عشرة أيام وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قراراً يطلب من الحكومة تحديد البنوك التي يمكنها تحويل مدفوعات مستحقات خدمة الدائنين لحملة السندات بالعملة الوطنية (الروبل).

الحظر الأميركي

أدت العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على روسيا إلى تجميد أموالها الخارجية، ومن بينها نحو 300 مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي الروسي. كما أدت العقوبات إلى حظر روسيا من النظام المالي والمصرفي في الدول الملتزمة العقوبات، بالتالي أصبح من الصعب على البنوك الروسية التعامل المالي الخارجي.

وحتى مارس (آذار) الماضي، كانت هناك ثغرة في العقوبات مكنت روسيا من سداد مستحقات خدمة دين بنحو 40 مليون دولار لحملة سندات دينها السيادي من الأجانب في الخارج، لكن وزارة الخزانة الأميركية شددت الإجراءات الشهر الماضي، وأغلقت تلك الثغرة، بحيث لم يعد بالإمكان تحويل روسيا مدفوعات خدمة ديونها الخارجية لحملة السندات.

وقال مسؤول أميركي، الاثنين، في تصريحات لوسائل الإعلام تعليقاً على تخلف روسيا عن سداد مستحقات ديونها للمرة الأولى منذ الثورة البلشفية عام 1917، أن ذلك يوضح قسوة تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي. وأضاف، "توضح الأنباء هذا الصباح حول تخلف روسيا عن سداد أقساط الدين، للمرة الأولى منذ أكثر من قرن من الزمن، مدى قوة تأثير الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة مع حلفائها وشركائها، وأيضاً مدى تضرر الاقتصاد الروسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتحسب الأسواق والمستثمرون الأجانب الذين يستثمرون في أدوات الدين السيادي الروسي منذ أكثر من شهرين لحدوث هذا الإفلاس التقني، بالتالي لم يكن هناك رد فعل قوي في الأسواق على أنباء تخلف روسيا عن سداد مستحقات ديونها.

وتصر الحكومة الروسية على أنها لم تفلس، وأن إعلان التخلف عن سداد مستحقات الدين هو "إعلان إفلاس اصطناعي" من قبل الغرب. كما تنفي موسكو أن يكون هناك أي أساس مالي أو اقتصادي لهذا الإعلان، فقد سددت المبالغ المستحقة، لكن العقوبات الأميركية والغربية هي التي تمنع وصولها إلى مستحقيها في الغرب.

إفلاس رمزي

يقول أغلب الاقتصاديين الذين تحدثت إليهم الوكالات، مثل "رويترز" و"بلومبيرغ"، والصحافة الاقتصادية مثل "الفاينانشال تايمز"، إن إعلان إفلاس روسيا لا يعدو كونه "مسألة رمزية". فأولاً، لدى روسيا الأموال الكافية وزيادة لسداد ديونها كاملة، وليس فقط مستحقات خدمة الدين، ثم إن أهمية إعلان الإفلاس أن يجعل قدرة الدولة المعنية على الاقتراض من الخارج في غاية الصعوبة، وفي حالة روسيا فهي ليست بحاجة إلى الاقتراض في ظل الفائض الهائل في حسابها الجاري نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة، بالتالي زيادة عائداتها من التصدير، إذ تحصل روسيا نحو مليار دولار يومياً من صادرات الطاقة (غاز ونفط وفحم) منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حسب أرقام مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف في فنلندا. وزاد فائض الحساب الجاري لروسيا عن 100 مليار دولار أخيراً.

أما النتيجة السلبية الأخرى لإعلان التخلف عن سداد مستحقات الدين، فهي أن وكالات التصنيف الائتماني الدولية الرئيسة تقوم بخفض التصنيف السيادي للبلد المعني بشدة إلى مستوى متدن. ويؤثر ذلك في إمكانات الائتمان والاقتراض من الأسواق العالمية. أما في حالة روسيا، فإن أغلب تلك المؤسسات توقفت أصلاً عن تصنيف الدين السيادي الروسي في ظل العقوبات الحالية.

وهناك خلاف بين مستشاري الاستثمار والقانونيين حول مسألة إعلان إفلاس روسيا. ويتعلق ذلك بما إذا كان عدم وصول المستحقات لحملة الأسهم يعني الإفلاس أم عدم قدرة الدائن على تحصيل تلك المستحقات حتى لو سددتها الدولة المدينة في مصارف خارجية للتحويل.

لكن في كل الأحوال، لا يبدو أن إعلان إفلاس روسيا يعني الكثير عملياً في أسواق المال، بخاصة أسواق السندات حول العالم. والأغلب أن حملة السندات من المستثمرين في الدول التي تفرض العقوبات هم المتضررون من عدم حصولهم على مستحقاتهم. أما الاقتصاد الروسي فلا يواجه مزيداً من الأضرار في الوقت الحالي. فقط يبقى الاحتمال أن إعلان الإفلاس يؤثر في المدى الطويل في "السجل الائتماني" للدولة، بالضبط كما يحدث مع الأفراد حين تكون هناك سابقة في سجلهم الائتماني تعيق حصولهم على قروض أو إجراء معاملات فيها مدفوعات آجلة.

اقرأ المزيد