جاء عرض الوسيط الأميركي آموس هوكستين للتسوية اللبنانية حول الخلاف على آبار الغاز مع إسرائيل، في وقت تنشغل تل أبيب في أزمتها السياسية، التي أدت إلى حل الكنيست وبدء التحضير لانتخابات خامسة، ما يؤدي الى تأجيل البحث في أي قضية داخلية وإقليمية، لكن الوفد الإسرائيلي المفاوض أكد للوسيط الأميركي أن تل أبيب ستبحث العرض اللبناني بما يضمن الحفاظ على حقها في السيادة البحرية ومصالحها الأمنية.
وفيما اعتبرت جهات رسمية العرض اللبناني، الذي يتضمن اعتراف لبنان بالسيادة الإسرائيلية على حقل كاريش مقابل ضمان السيادة اللبنانية على حقل قانا، تنازلاً من قبل الرئيس اللبناني ميشال عون، وصفته جهات أمنية بالخدعة، معتبرة أن لبنان لم يطلب يوماً سيادته على حقل كاريش، بل لم يحتج على ذلك، والاقتراح الذي قدمه للوسيط الأميركي مجرد وسيلة لضمان مكاسب في مناطق أخرى مثل حقل قانا وغيره. وقال وزير الطاقة السابق، يوفال شطاينتس، إنه "لا يمكن لإسرائيل الاعتماد على ما طرحه اللبنانيون، لأن لبنان طالما عرض وتراجع عن عرضه في ظل الضغوط الداخلية".
تنقيب الغاز مستمر
بعد أكثر من أسبوع من مغادرة الوسيط الأميركي لبنان، عقد اجتماعاً عبر "سكايب" مع فريق المفاوضات الإسرائيلية الذي شارك في جلسات المفاوضات مع اللبنانيين، السنة الماضية، في رأس الناقورة من دون التوصل إلى نتيجة، بل ظهرت خلافات عميقة بين الطرفين.
وطلب الإسرائيليون من الوسيط الأميركي منحهم وقتاً لدراسة المقترح اللبناني على أن تقدم تل أبيب ردها بالقبول أو الرفض أو تقديم مقترح معدل. وكان أعيد طرح الملف بعد وصول سفينة التنقيب عن الغاز إلى حقل كريش لتباشر بالعمل، ما اعتبره اللبنانيون تعدياً على حقهم في هذا الغاز، غير أن إسرائيل ردت بالإصرار على استمرار العمل وعدم توقيفه في أي ظرف كان.
في إسرائيل، وفي ظل تطور الوضع السياسي للحكومة، لم يتمكن طرف من الحسم إذا سيكون أي طرف قادر على الرد على الاقتراح اللبناني، حيث يشارك في الوفد المفاوض ممثلون من وزارات حكومية. لكن الردود الإسرائيلية تشير إلى رفض الاقتراح بالشكل الذي تم تقديمه من لبنان، وبلورة اقتراح يضمن الاتفاق بين الطرفين.
الحل الأفضل
أحد المطلعين على هذه المفاوضات، قال إن "الصراع بين لبنان وإسرائيل لن ينتهي طالما كل طرف يصر على حقه في المنطقة المتنازع عليها، لذلك فإن الحل الأفضل هو التوصل إلى اتفاق يضمن توزيع كميات الغاز المستخرجة من المنطقة". وأضاف، " الاقتراح الذي قدمته تل أبيب في مفاوضات السنة الماضية كان اقتراح تسوية، حيث كان النقاش في البداية حول منطقة أكبر، وفي هذا الاقتراح تنازلت تقريباً عن نصف هذه المنطقة. لقد تنازلت عن حوالى 1500 كيلومتر مربع. لذلك من الصعب أن أرى أي حكومة كانت الموافقة على التسوية اللبنانية، لأن هذه الموافقة ستُظهر الحكومة وكأنها تنازلت مرة أخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح، "أمام هذه الوضعية، يمكن انطلاق المفاوضات بمسار آخر. لا شك أن المكان الذي تحفر فيه إسرائيل وتجد الغاز، هو ليس في المنطقة الاقتصادية التي يدعي لبنان ـنها ملك له، لذلك يجب التركيز حول حقول الغاز المشتركة، فهناك فراغ كبير تحت الأرض، أي تحت المياه، حيث توجد حقول غاز مشتركة، ما يعني أن حقل الغاز يدخل أيضاً إلى منطقة يدعي لبنان أنها جزء من مياهه الاقتصادية. وما يحدث في هذه الحالة عموماً، تجري مفاوضات ليس على الحدود، إنما على تقسيم الغاز الموجود داخل هذا الحقل".
وإلى حين اتضاح الوضع السياسي حول الانتخابات البرلمانية، تم تحويل المقترح اللبناني إلى جهات إسرائيلية عدة، عسكرية وأمنية ومتخصصة بالغاز والاتفاقية المبرمة مع الشركة التي حصلت على مناقصة التنقيب، على أن تبلور تل أبيب رداً على المقترح اللبناني لتسلمه للوسيط الأميركي.
محادثات وخطوط
وكانت محادثات الحدود البحرية بين الجانبين إلى طريق مسدود العام الماضي، بعد أن وسع لبنان المساحة التي يطالب بها بنحو 1400 كيلومتر مربع في المنطقة المتنازع عليها من الحدود المعروفة باسم "الخط 23" جنوباً إلى "الخط 29"، بما في ذلك جزء من حقل كاريش.
وفي محاولة للتسوية اقترح الوسيط الأميركي في حينه إنشاء حدود على شكل حرف S بدلاً من خط مستقيم، لكن لبنان رفضه، علماً بأن اقتراح الوسيط الأميركي كان سيمنح كامل حقل "كاريش" لإسرائيل ومعظم حقل "قانا" للبنان.
يشار إلى أن شركة "نوبل اينرجي" اليونانية، تتولى التنقيب في حقل كاريش، الذي يقع على بعد 160 كيلومتراً شمال غربي حيفا. ويشمل التنقيب ثلاثة إلى خمسة آبار غاز في القسم الشمالي من كاريش، القريب من "بلوك 9" الذي يعد لب الخلاف بين إسرائيل ولبنان، إلى جانب استكشاف وتطوير آبار طاقة بحرية في إسرائيل.
ضمن ما في حوزة تل أبيب من مشاريع لمساحات التنقيب تم إعدادها لتكون جاهزة في حال أي تطور من طرف لبنان، الخط الأسود، وهو مسار يعتبره الإسرائيليون أكثر اعتدالاً، وخط 310 الأحمر، الذي يأكل مناطق أوسع بكثير في المياه الاقتصادية للبنان.