بعد مُضي ستة أعوام على استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بيّنت دراسة أجريت أخيراً أن اتفاق "بريكست" خلّف "ندوباً عميقة" في نفوس المواطنين الأوروبيين الذين يعيشون في بريطانيا.
وأشار باحثون من جامعة برمنغهام وجامعة لانكاستر، إلى أن ثلثي المقيمين في المملكة المتحدة من مواطني الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية الذين شاركوا في الاستطلاع، قالوا إن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "انعكس بشكل كبير - وسلبي في الغالب - على مشاعرهم تجاه بريطانيا".
وأكد عدد من الأفراد الأوروبيين المستطلعين، والبالغ مجموعهم 364 شخصاً، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعهلم يعيدون النظر في مستقبلهم في المملكة المتحدة، وقوض ثقتهم في المؤسسات البريطانية والسياسيين فيها.
ومن بين التعليقات التي رأى الباحثون أنها تعكس تجربة كثير من المستجوبين في هذا البحث الاستقصائي، قالت مشاركة بريطانية مجنسة، وعمرها 64 عاما، "لن أنسى ما حييت ذلك الخميس من عام 2016 عندما استيقظت وعلمت بنتيجة الاستفتاء".
وأضافت، "أجهشت بالبكاء فيما كنت أهم بالتوجه إلى العمل. شعرت بأنني تعرضت لخيانة وعدم اكتراث، وبأن رأيي لم يأخذ في الحسبان، وكنت في حال من القلق في شأن حياتي في المملكة المتحدة وماذا كان الهدف منها".
ونتيجةً للاستفتاء ومفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي عقبته، أعرب المشاركون في الاستطلاع عن شعور قوي تولد لديهم بالانتماء إلى الاتحاد الأوروبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا الإطار، قالت امرأة مزدوجة الجنسية، في الخامسة والخمسين من العمر، إنه قبل الاستفتاء لم يكن لديها سوى صورة "مبهمة" عن الاتحاد الأوروبي، لكنها أضافت، "تعلمت المزيد عنه منذ عام 2016، وأعجبت بهذا المشروع وبتأثيره الإيجابي على حياة مواطني الاتحاد".
ومن جانبه، أكد مواطن إيرلندي يبلغ من العمر 35 عاماً لفريق الباحثين، أنه بات الآن يعتبر الاتحاد الأوروبي موطناً له. وقال، "أعرف عن نفسي بأنني مواطن ينتمي إلى الاتحاد الأوروبي أكثر من أي بلد آخر".
وعلى الرغم من أن غالبية الذين تم استجوابهم يتمتعون بوضع مستقر أو يحملون الجنسية البريطانية، ما زال الوضع القانوني والحق في الإقامة يشكلان قلقاً رئيساً بالنسبة إلى مواطني الاتحاد الأوروبي الذين شاركوا في الاستطلاع، لجهة التمكن من التخطيط مستقبلاً في شأن البقاء في المملكة المتحدة.
ولدى صدور التقرير لمناسبة الذكرى السادسة لاتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال المؤلف الرئيس البروفيسور ناندو سيغونا من "جامعة برمنغهام"، "فيما تشير السردية العامة إلى أن ملف "بريكست" قد طُوي، إلا أنه ما زال يترك ندوباً عميقة في نفوس مواطني الاتحاد الأوروبي".
وأضاف البروفيسور سيغونا، "تطغى مشاعر عدم الأمان واللا استقرار والحزن، وتتداخل مع مشاعر الانتماء إلى الوطن والحق في الحصول على الفرص. وهذه المشاعر هي الأكثر شيوعاً في إنجلترا، فيما أعرب الأفراد الذين يعيشون في اسكتلندا وويلز عن مشاعر أكثر إيجابية".
ولفت إلى أن "إعادة بناء الثقة تشكل تحدياً كبيراً ما دامت تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تخلف مثل هذه الندوب العميقة في نفوس المواطنين الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة".
إشارة أخيراً إلى أن استطلاع الرأي هذا أجري بين شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2021، ويناير (كانون الثاني) 2022، أي بعد سنة من انتهاء الفترة الانتقالية لاتفاق "بريكست".
© The Independent