كشف مجلس الوزراء المصري عن أن كل دول العالم تتعرض في الوقت الحالي لسلسلة من الأزمات، أعنفها ما يتعلق بأسعار السلع والأمن الغذائي، لافتاً إلى أن الحرب الروسية في أوكرانيا فاقمت من أزمات الأسعار، ما دفع التضخم إلى تسجيل مستويات قياسية في أكثر من أربعة عقود.
وفي تقرير يحمل عنوان "مستقبل الغذاء"، أوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري أن تغير المناخ وما يرتبط به من ظروف مناخية قاسية، وحالات جفاف وحرائق وآفات وأمراض، يهدد إنتاج الغذاء في مختلف أنحاء العالم، كما أدت جائحة فيروس كورونا إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي العالمي في كل دول العالم تقريباً. وأشار إلى أن الدخول انخفضت، وتعطلت سلاسل إمداد المواد الغذائية، وعمّق الوباء من أزمة الجوع في العالم، لا سيما الدول الأشد فقراً، وتضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد عما كان عليه قبل الوباء ليصل إلى 276 مليون شخص، ومن المقدر، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، ارتفاع هذا العدد إلى 323 مليون شخص بحلول نهاية عام 2022 بسبب الآثار المستمرة للأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في مختلف أنحاء العالم، كما أدى الصراع الروسي - الأوكراني إلى تعطيل ما يقرب من ثلث سوق القمح في العالم، ما أدى إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي.
تحركات لتقليل الطلب على اللحوم الحيوانية
وسلّط القسم الثاني من التقرير الضوء على مستقبل اللحوم والألبان، موضحاً أن إنتاج اللحوم يرتبط بتكاليف بيئية كبيرة من حيث استخدام المياه وإنتاج غاز الميثان، والتلوث الناجم عن نفايات الحيوانات، فتربية المواشي، بما في ذلك إنتاج اللحوم مسؤولة عن 37 في المئة على الأقل من مختلف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما تسهم في تدهور الأراضي، فتستحوذ تربية المواشي حالياً على 77 في المئة من الأراضي الزراعية العالمية، وأكثر من ثلث المحاصيل العالمية، بما في ذلك ما يقرب من 80 في المئة من فول الصويا العالمي، الذي يستخدم كعلف للحيوانات.
وأشار إلى أنه تم ابتكار طرق جديدة لإنتاج اللحوم من دون اللجوء إلى ذبح الحيوانات، وذلك لتقليل الطلب على اللحوم الحيوانية، فقد تم تصنيع اللحوم من النباتات بشكل كامل، ووصل الأمر إلى استزراع اللحوم من الخلايا الحيوانية، واللحوم النباتية مثلها مثل اللحوم الحيوانية، تتكون من البروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن والماء، أما عن اللحوم المستزرعة أو القائمة على الخلايا، فهي منتجات حيوانية حقيقية تُصنع في المختبرات عن طريق المفاعلات الحيوية باستخدام الخلايا الجذعية المأخوذة من عضلات البقر الحي، ويمكن اشتقاق الخلايا المستخدمة في اللحوم المزروعة من أنواع مختلفة من الخلايا الجذعية أو السلائف، وقد تم العثور على هذه الخلايا في أجنة الحيوانات ونخاع العظام، بهدف إنتاج نوع من اللحوم يحاكي منتجات اللحوم المشتقة تقليدياً من الحيوانات. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2020، تمت الموافقة على بيع اللحوم المستنبتة من قبل الهيئة التنظيمية لأول مرة في سنغافورة، وبذلك أصبحت سنغافورة أول دولة توافق على بيع مثل هذه المنتجات.
ولفت إلى أنه خلال العقد الماضي انخفض عدد الأشخاص الذين يشربون حليب البقر، حيث استبدل الأشخاص البدائل النباتية بمنتجات الألبان، مثل حليب الشوفان واللوز وجوز الهند، ومن غير المتوقع أن يتوقف نمو الطلب على الألبان النباتية، فكل أسبوع تظهر أنواع جديدة من الحليب النباتي في مختلف أنحاء العالم.
هل الأغذية البديلة هي الحل؟
وتحدث القسم الثالث من التقرير عن موضوع الأغذية البديلة، مشيراً إلى أنه لمضاعفة الإنتاج الغذائي الحالي لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان المتزايدين، قد تكون الحشرات الصالحة للأكل حلاً لتلبية احتياجات السكان، فستساعد الحشرات الصالحة للأكل على توفير مصدر مهم للغذاء، فقد استخدم نحو ملياري شخص الحشرات بالفعل كمصدر للغذاء من قبل عديد من الثقافات المختلفة لقرون عدة، ما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من مستقبل الأمن الغذائي، ووفقاً للتقديرات، يتم استهلاك ما يقرب من 2.1 ألف نوع من الحشرات في نحو 140 دولة، ويتم استهلاك مجموعة واسعة من الحشرات في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب شرقي آسيا وأميركا اللاتينية وأستراليا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر التقرير أنه مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية من المرجح أن تلعب زراعة الأعشاب البحرية دوراً ذا قيمة متزايدة في المستقبل كمصدر رئيس للتغذية وللتعويض عن آثار التغير البيئي، فتعد تربية الأحياء المائية البحرية العنصر الأسرع نمواً في إنتاج الغذاء، فتشكل أكثر من سبعة في المئة سنوياً، والتي تتجاوز معدلات النمو الإجمالية للزراعة البالغة نحو اثنين في المئة سنوياً، ومن المقترح أن تلعب تربية الأحياء المائية دوراً مهماً في تطوير الأنظمة الغذائية.
أما القسم الرابع والأخير من التقرير، فتحت عنوان "الذكاء الاصطناعي ومستقبل الغذاء"، وأوضح أنه يمكن أن يسمح تحرير "الجينوم" بالتحول إلى نظام غذائي أكثر صحة واستدامة بيئياً، فيمكن أن يتيح إنشاء لحوم نباتية أو مستنبتة ومنتجات ألبان تحاكي طعم المنتجات الحيوانية، ويمكن التخلص من المواد المسببة للحساسية أو تصميم المواد الغذائية لتلبية احتياجات المراحل المختلفة من حياة الناس.
مصر تستهدف استيراد 10 ملايين طن قمح
في الوقت نفسه، قال وزير التموين المصري علي المصيلحي، إن مصر تستهدف استيراد 10 ملايين طن قمح، تتوزع بين خمسة ملايين طن للحكومة، ومثلها للقطاع الخاص خلال الأشهر الستة المقبلة، ويتجاوز استهلاك القمح في مصر، من قِبل الحكومة والقطاع الخاص، 18 مليون طن سنوياً، وتستهدف مصر توريدات محلية تصل إلى ستة ملايين طن من القمح خلال الموسم الحالي، مقابل 3.6 مليون طن، العام الماضي. وكشف الوزير المصري عن أن ارتفاع أسعار القمح سيكلف ميزانية مصر 22 مليار جنيه (1.2 مليار دولار)، وتسلمنا حتى الآن نحو 3.9 مليون طن قمح محلي من المزارعين، وهو مخزون يكفي احتياجات البلاد لمدة 5.7 شر، وقال إن حكومة بلاده تتوقع استيراد 180 ألف طن من القمح الهندي قريباً. وأضاف، "سيكون لنا لقاء خلال 10 أيام مع اتحاد منتجي القمح الروسي لبحث توريد القمح إلى مصر". وأشار إلى أن احتياطي مصر من الزيوت يصل إلى 6.2 شهر، وهي الأعلى على الإطلاق، وذكر أن مدة احتياطي الزيوت الحالية، لم تصل إليها مصر في أي وقت سابق، على الرغم من أنها أخطر سلعة تواجه أزمة عالمية في الفترة الراهنة، واشترت الهيئة العامة للسلع التموينية 80 ألف طن من زيوت الصويا المستوردة عبر ثلاث شركات، و21 ألف طن من الزيوت المعصورة محلياً عبر شركتين، بحسب بيانات رسمية، وتعاقدت الهيئة على كميات الزيوت المستوردة بسعر واحد عند 1.788 ألف دولار للطن، والكميات المحلية بسعر واحد عند 1.760 ألف دولار للطن، لكن الكميات المحلية سيتم دفع مقابلها بالجنيه.