خيّمت الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها القاهرة متأثرةً بالأزمة العالمية منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية في نهاية فبراير (شباط) الماضي على أسواق اللحوم والأضاحي قبل أيام من عيد الأضحى، بعد أن تفشى الركود في الأسواق المحلية إثر ارتفاع الأسعار بما لا يقل عن الـ30 في المئة مقارنة بمستوى الأسعار في العام الماضي.
ويستهلك المصريون ما يزيد على الـ1.2 مليون طن لحوم حمراء سنوياً تتنج منها نحو 40 في المئة، وتسد الفجوة الاستهلاكية باستيراد باقي الكمية من خارج البلاد.
وقال رئيس شعبة القصابين بالاتحاد المصري للغرف التجارية، محمد وهبة، إن موسم عيد الأضحى هذا العام "يشهد ارتفاعاً في أسعار اللحوم الحية (العجول والخراف) والمذبوحة مقارنة بعام 2021"، موضحاً لـ"اندبندنت عربية" أن مصر "تستورد ما لا يقل عن الـ720 ألف طن لحوم حمراء من الخارج محملة بأعباء التكلفة المرتفعة بسبب الحرب، تشمل تكاليف النقل والشحن حتى الموانئ المصرية، علاوة على تكلفة النقل والنولون (الشحن الداخلي)"، مؤكداً أن التجار والجزارين، "يضيفون الأعباء على سعر المستهلك النهائي، وهو ما دفع الأسعار إلى الارتفاع بنسب تتراوح بين 20 و30 في المئة".
لا نقص في المعروض... ولكن
وأشار وهبة إلى أن أسعار اللحوم المذبوحة "تتفاوت حسب المناطق الجغرافية. كيلو اللحم الكندوز يتراوح بين 180 جنيهاً (نحو 9.60 دولار أميركي) و200 جنيه (10.70 دولار)، بينما كيلو الجملي يتراوح بين 110 جنيهات (5.60 دولار) و130 جنيهاً (6.90 دولار)، في حين يتراوح سعر كيلو لحم الضأن بين 180 و200 جنيه للكيلو"، متوقعاً ارتفاع الأسعار قبل حلول عيد الأضحى بساعات بنسبة "لا تقل عن 10 في المئة عن تلك الأسعار".
من جانبه، قال عضو شعبة المستوردين، أحمد شيحة، إن المستوردين انتهوا من صفقات استيراد اللحوم قبل حلول الشهر الحالي، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية" أن السوق المحلية "لن تعاني نقص المعروض"، ومستدركاً "الأزمة في التسعير، إذ إن تكلفة الاستيراد مرتفعة هذا العام في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، مما يدفع السوق إلى الركود في الوقت الذي يعول فيه الجزارون والمربون والتجار على موسم عيد الأضحى في زيادة المبيعات".
تراجع الشراء 70 في المئة
وحول اللحوم الحية قال رئيس شعبة الجزارين بمحافظة الجيزة، سعيد زغلول، "موسم الأضاحي هذا العام يشهد ركوداً لم نره من قبل"، مضيفاً أن الإقبال على شراء الأضاحي، سواء لحوم حية أو لحوم مذبوحة "تراجع بنحو 70 في المئة مقارنة بموسم العام الماضي"، ومرجعاً ذلك إلى "الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المصريون بسبب ارتفاع الأسعار"، ومؤكداً أن سعر العجل وزن 500 كيلوغرام ارتفع بنحو 13 ألف جنيه (692 دولاراً) مقارنة بالعام الماضي، وسعر الكيلو القائم (وزن قبل الذبح) ارتفع من 55 جنيهاً (2.90 دولار) إلى 80 جنيهاً (4.25 دولار) خلال العام الحالي بنسبة تزيد على الـ35 في المئة، وقفز سعر كيلو لحم الخروف الحي (القائم) إلى 90 جنيهاً (4.80 دولار) من 60 جنيهاً (3.19 دولار) العام الماضي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحول إمكانية خفض الأسعار نتيجة تراجع الطلب، قال رئيس شعبة الجزارين بمحافظة الجيزة، "لن يبيع تاجر أو مستورد أو حتى جزار بالخسارة في ظل ارتفاع التكاليف". وأضاف، "ارتفاع الأسعار منذ عام 2020 تسبب في خروج تجار ومربين للماشية من السوق، بسبب عدم قدرتهم على الصمود"، متوقعاً أن يخرج من التجارة خلال العام الحالي ما لا يقل عن الـ50 في المئة من التجار.
وطالب زغلول الدولة بـ"التدخل لإيجاد حلول بالتوسع في زيادة الثروة الحيوانية في مصر وتوفير الإعلاف التي تمثل أكثر من 70 في المئة من تكاليف الإنتاج، ومع ارتفاعها عالمياً بسبب الأزمة الاقتصادية بسبب الحرب ارتفعت الأسعار".
الحكومة تجهز 39 شادراً
وعلى صعيد آخر، أعلنت الحكومة المصرية خطتها واستعداداتها لموسم الأضاحي، بعد أن أكد وزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، في مؤتمر صحافي عصر الأحد الماضي، تجهيز 39 شادراً (مراكز لبيع اللحوم) في جميع المحافظات، علاوة على طرح 6320 رأس عجول حية.
وأضاف المسؤول المصري، "سعر كيلو اللحوم الضأن بالمنافذ التابعة للدولة لن يزيد على 130 جنيهاً (6.90 دولار)، بينما كيلو اللحوم البرازيلية المجمدة يتراوح بين 90 جنيهاً (4.78 دولار) إلى 85 جنيهاً (4.52 دولار)".
وأشار المصيلحي إلى أنه وفقاً لبروتوكول وقعه مع وزارة الأوقاف ستدعم الدولة الفئات الأكثر احتياجاً عبر صكوك الأضاحي بأكثر من 800 ألف طن علاوة على طرح 1800 طن لحوم أضاحي بأسعار مخفضة سيستفيد منها ما يتراوح بين 1.8 ومليوني أسرة من الأسر الأولى بالرعاية.
ارتفاع تكلفة الأعلاف
من جانبه، قال رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة المصرية، طارق سليمان، إن تكلفة الأعلاف تمثل أكثر من 70 في المئة من تكاليف التشغيل الخاصة بالإنتاج الحيواني والداجني، مشيراً إلى أنها ارتفعت 50 في المئة مع بداية الجائحة العالمية، ثم زادت 10 في المئة أخرى مع اندلاع الحرب في أوروبا.
وأكد سليمان أن "الدولة تتبنى أسساً وقواعد علمية لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال المشروعات القومية مثل مشروع البتلو ومركز تجميع الألبان ورفع كفاءة وتطوير عنابر الدواجن"، مستدركاً، "لكن التحدي الأكبر هو الزيادة السكانية التي لا تقابلها زيادة في عدد رؤوس المواشي أو زيادة في الثروة الحيوانية".
وقدر رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة حجم الثروة الحيوانية بـ8 ملايين رأس ماشية تتوزع بين العجول 1.350 مليون رأس، إضافة إلى الإناث 2.80 مليون رأس، والغنم نحو 1.9 مليون رأس، والماعز 1.9 مليون رأس، إلى جانب 239 ألف رأس جمل، علاوة على 1.7 رأس من الدواب المتنوعة.
وحول خروج نسبة كبيرة من المربين والتجار من السوق، قال رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، "خرجوا من السوق لعدم قدرتهم على تحمل التكاليف والأعباء بعد ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً، وهم يمثلون نحو 70 في المئة من إجمالي الثروة الحيوانية في مصر، إذ يمتلكون مليوني رأس ماشية"، مضيفاً أن الدولة "دشنت مركز تجميع الألبان في مدينة السادات بمحافظة المنوفية لحماية صغار المربين".
ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة الإحصاء تراجع نصيب المواطن المصري من اللحوم الحمراء من 10.7 كيلوغرام في عام 2017 إلى 7.8 كيلوغرام في عام 2020، بينما ارتفع نصيب الفرد من اللحوم البيضاء والدواجن من 10 كيلوغرامات في عام 2017 إلى نحو 15.2 كيلوغرام في عام 2020.
كما تراجعت نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء من 64 في المئة عام 2016 إلى نحو 46.5 في المئة في عام 2020، بينما ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي من الدواجن والطيور من 93 في المئة في عام 2016 إلى نحو 98.8 في المئة في عام 2020.