اشتعلت أسعار اللحوم في مصر قبل 40 يوماً من حلول عيد الأضحى بنسبة تراوحت بين 10 و25 في المئة، ووسط توقعات تُشير إلى استمرار وتيرة الارتفاع حتى 19 يوليو (تموز) المقبل. في الوقت الذي نفت فيه الحكومة المصرية زيادة أسعار اللحوم سواء الحمراء أو البيضاء (لحوم الدواجن والطـيور)، وتعهدت بضخ لحوم لا تزيد أسعارها على 85 جنيهاً للكيلو غرام الواحد (حوالى 5.5 دولار أميركي)، في المنافذ التموينية التابعة لها في جميع المحافظات المصرية.
ونجحت القاهرة في الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن والطـيور (اللحوم البيضاء) بنسبة 95 في المئة، إذ بلغ متوسط استهلاك الفرد نحو 14 كيلو غراماً سنوياً، بينما بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء 55 في المئة، وبلغ متوسط نصيب الفرد منها نحو 7.2 كيلو غرام سنوياً حتى نهاية عام 2020، وفقاً للنشرة السنوية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مارس (آذار) الماضي.
الارتفاع أمر طبيعي لكن الزيادات مبكرة
وقال رئيس شعبة القصابين في الاتحاد المصري للغرف التجارية، محمد وهبة، إن ارتفاع أسعار اللحوم يُعد أمراً طبيعياً قبل حلول عيد الأضحى بأسبوعين على الأكثر مع زيادة الطلب والإقبال من المصريين على الشراء، مؤكداً أن اللافت للنظر هذا العام هو ارتفاع أسعار اللحوم مبكراً. ولفت إلى أن الأسعار ارتفعت لأسباب أخرى ليس منها قرب موسم العيد، موضحاً أن ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً وعزوف فئة من المربين عن تربية المواشي علاوة على التداعيات السلبية لجائحة كورونا، وأضاف أن هناك فئة من المصريين رشدت الاستهلاك من اللحوم الحمراء والبيضاء بعد الجائحة.
وتابع وهبة أن أسعار لحوم الكندور ارتفعت بنحو 20 جنيهاً (1.25 دولار أميركي) بنسبة 17 في المئة الشهر الجاري، إذ سجل سعر الكيلو غرام 140 جنيهاً (حوالى 8.9 دولار أميركي) مقارنة بـ 120 جنيهاً (7.60 دولار أميركي) للكيلو غرام في مارس الماضي، بينما ارتفع سعر كيلو غرام اللحوم الجملي من 100 جنيه (حوالى 6.4 دولار أميركي) في مارس الماضي إلى 120 جنيهاً حالياً بنسبة ارتفاع قدرها 20 في المئة، في حين ارتفع متوسط سعر كيلو غرام لحوم الضأن من 120 جنيهاً إلى 150 جنيهاً (حوالى 9.50 دولار أميركي) بنسبة ارتفاع 25 في المئة.
اللحوم البرازيلية والهندية
أما عن ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة، فقال نائب رئيس شعبة المستوردين في غرفة القاهرة التجارية، سيد النواوي، إن اللحوم البرازيلية المستوردة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بعد زيادة الإقبال عليها من جانب المستهلكين، أخيراً، بالتزامن مع تراجع نظيرتها المستوردة من الهند، بعد أن ضربت جائحة كورونا نيودلهي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف النواوي أن إقبال المستهلك المصري على اللحوم المستوردة، وخصوصاً المستوردة من البرازيل، زاد مع حلول شهر رمضان الماضي، لافتاً إلى أن زيادة الطلب عليها تزامنت مع فترة من الجفاف انتشرت في المراعي البرازيلية، فقل المعروض وارتفعت الأسعار في الأسواق المصرية.
وأكد أن أسعار اللحوم المستوردة ارتفعت بنحو 15 جنيهاً (حوالى 0.95 دولار أميركي) للكيلو غرام الواحد، إذ ارتفعت اللحوم السودانية لتصل إلى 100 جنيه للكيلو غرام (حوالى 6.4 دولار أميركي)، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق المحلية مرتبط بالأسعار العالمية، وقال إن متوسط سعر طن (1000 كيلو غرام)، اللحوم البرازيلية يصل إلى 4800 دولار، في حين يصل متوسط سعر طن اللحوم الهندية إلى 3500 دولار.
ولاحظ النواوي أنه بخلاف قوى العرض والطلب التي تؤثر على مستويات الأسعار، فإن تكاليف وعوامل الإنتاج الأخرى أسهمت في ارتفاع الأسعار، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار الشحن، علاوة على فرض ضريبة قيمة مضافة على اللحوم المستوردة، هذا إلى جانب التداعيات السلبية لجائحة كورونا التي أثرت على حركة التجارة بشكل عام، وتوقع أن تواصل وتيرة الأسعار الارتفاع مع قرب حلول عيد الأضحى.
اللحوم في منافذ الحكومة لا تتخطى 4 دولارات
من جانبها، نفت الحكومة المصرية زيادة أسعار اللحوم التي تُباع عبر منافذها الرسمية في كل المحافظات، وأكد المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أن أسعار اللحوم في كل فروع المجمعات الاستهلاكية والمنافذ التموينية الحكومية ثابتة ومستقرة، مشيراً إلى أن سعر كيلو غرام اللحوم المجمدة في المجمعات الاستهلاكية لا يزيد على 65 جنيهاً (حوالى 4 دولارات)، ولفت إلى أن سعر كيلو غرام اللحوم الطازجة لا يتخطى 85 جنيهاً (حوالى 5.4 دولار)، وأكد توافر مخزون استراتيجي منها يكفي لأشهر عدة، مع شن حملات دورية على أسواق اللحوم لضبط المخالفات، ومنع أي تلاعب بالأسعار.
وقال مساعد وزير التموين المصري، أحمد كمال، إن وزارته تضخ كميات كبيرة من السلع الأساسية، من بينها اللحوم الطازجة والمجمدة والدواجن المجمدة لطرحها للمواطنين في منافذ المجمعات الاستهلاكية الحكومية، مضيفاً لـ "اندبندنت عربية" أن عمليات ضخ اللحوم بأنواعها كلها مستمرة حتى بعد عيد الأضحى المقبل، وأكد طرحها بأسعار أقل من أسعار السوق بنحو 20 في المئة، لافتاً إلى أن الوزارة مستمرة في ضخ اللحوم الطازجة بسعر لن يزيد على 85 جنيهاً مع توافر مخزون استراتيجي يكفي حتى حلول العيد لضمان انتظام صرفها لقرابة 64 مليون مستفيد من منظومة الدعم في مواعيدها المحددة شهرياً.
مقاطعة اللحوم حتى هبوط الأسعار
وفي السياق ذاته، أعلنت "جمعية مواطنون ضد الغلاء" (أهلية لحماية المستهلك) تدشين حملة في نهاية مايو (أيار) الماضي لمقاطعة اللحوم لمدة شهر احتجاجاً على تعطيش الأسواق ورفع التجار الأسعار.
وقال رئيس الجمعية محمود العسقلاني، في بيان، إن الأسعار المعلنة لدى القصابين ومحال الجزارة اقتربت من 150 جنيهاً للكيلو غرام، لافتاً إلى أن هناك اتفاقاً بين كبار التجار على تحديد السعر المعلن للحوم، وأكد أن هذا يعد ممارسة احتكارية تخالف قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ما يستدعي تدخل جهاز حماية المنافسة لدراسة السوق وتحديد موطن الخلل، وطالب الحكومة بالتدخل لإخراج هؤلاء المحتكرين من السوق، على أن تقوم الدولة بالاستيراد لسد الفجوة بالغة الخطورة، خصوصاً بعد توقف نسبي لعمليات استيراد اللحوم المجمدة من البرازيل والهند جراء أزمة كورونا في العالم خلال العامين الماضيين وارتفاع تكلفة النقل نتيجة تعطل معظم خطوط الملاحة.