أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الرئيس الأميركي جو بايدن وقيادة حزبه الديمقراطي كانت أمامها أشهر للاستعداد لسقوط قانون "رو ووايد" الذي يعتبر الإجهاض أحد الحقوق الأساسية. وحتى بعد تسريب مسودة الحكم في مايو (أيار) 2022، قبل صدوره عن المحكمة العليا الأميركية في 24 يونيو (حزيران)، كانت أمام بايدن وقيادة الحزب الديمقراطي أسابيع كي يضعوا خططاً بغية مواجهة ذلك القرار الذي طالما اعتبر غير ممكن لكنه أصبح فجأة محتماً.
ووفق تلك الصحيفة، "في حين احتفل الجمهوريون الأسبوع الماضي بثمرة حملة منهجية طالت 50 سنة للانقلاب على الحق بالإجهاض في أميركا، شكل الرد الأولي للرئيس وحزبه، وقد جاء على هيئة توسلات للتصويت [في انتخابات منتصف الولاية الرئاسية]، ودعوات إلى تقديم تبرعات انتخابية إلى الحزب، وظهور مواقع إلكترونية صغيرة تصور الجمهوريين كمتطرفين، صدمة لكثيرين من الديمقراطيين باعتباره غير مناسب في لحظة خطيرة". وكذلك نقلت الصحيفة نفسها عن نينا سميث، وهي مخططة استراتيجية في الحزب الديمقراطي، "لم يبد أن ثمة خطة استراتيجية".
واستطراداً، لفتت "نيويورك تايمز" إلى أن قراري المحكمة المتتاليين الأسبوع الماضي، وقد كبل أحدهما أيدي الولايات الديمقراطية في شأن تنظيم حمل الأسلحة وأطلق أيدي الولايات الجمهورية في حظر الإجهاض، أبرزا الدرجة التي تستطيع بها المحكمة، المؤلفة من ستة قضاة محافظين وثلاثة تقدميين، أن تعيد تشكيل حياة الأميركيين، "إذ تقدر على إمالة السياسات نحو اليمين في المسائل الحساسة".
وأضافت، "والآن تدعو مجموعة متزايدة من الديمقراطيين قيادة الحزب، بدءاً من بايدن، إلى توسيع ما يعتبر ممكناً سياسياً، قبل أن تحبط المحكمة العليا الأولويات الليبرالية أو تقلب مسارها طيلة سنوات كثيرة مقبلة، لكن أولئك الذين يريدون توسيع المحكمة العليا أو التحرك لعزل القضاة الذين تحدثوا ذات مرة عن قانون "رو ووايد" كقانون راسخ، يواجهون رئيساً مؤسساتياً يكره منذ فترة طويلة التغييرات الجذرية في القضاء".
وفي السياق نفسه، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن بايدن، حين تحدث من البيت الأبيض الجمعة، تحت أنظار عديدات من مستشاراته البارزات، لم يقدم أي مقترحات جديدة في شأن الحق بالإجهاض. وأقر بأن سلطاته الإدارية محدودة. وانتقد الحقيقة البسيطة والدقيقة المتمثلة في أن الديمقراطيين لا يملكون حالياً من الأصوات في الكونغرس ما يكفي للعمل على حماية حقوق الإجهاض على المستوى الوطني. وبحسب بايدن، "يطال التصويت هذا الخريف قانون رو ووايد".
وفي المقابل، يرى البيت الأبيض أن تبني الجمهوريين في الكونغرس لحظر الإجهاض في غضون 15 أسبوعاً قبل الانتخابات، يشكل حافزاً محتملاً للناخبين. ويرى أن الاحتمال الذي أثاره القاضي كلارنس توماس في المحكمة العليا، أمر مزعج سياسياً للحزب الجمهوري، إذ أشار توماس إلى احتمال أن تستهدف المحكمة في نهاية المطاف قرارات سابقة تنص على الحقوق الدستورية لزواج المثليين ومنع الحمل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكذلك نقلت "نيويورك تايمز" عن جينيفر كلاين، المديرة التنفيذية لمجلس السياسات الجندرية في البيت الأبيض، أنه "لم تتعلق يوماً الأجندة النهائية لمجموعة ’فلنجعل أميركا عظيمة مجدداً’ [الجمهوريون المؤيدون للرئيس السابق دونالد ترمب] بحقوق ’الولايات’. لطالما دارت حول انتزاع حقوق النساء في كل ولاية". وثمة مؤشرات أولية إلى حدوث مشاركة من القاعدة الديمقراطية، فقد انتشرت احتجاجات في شوارع المدن في مختلف أرجاء البلاد، في حين أطلق الحكم الصادر، الجمعة، تدفقاً من التبرعات للحزب الديمقراطي، سجل 20.5 مليون دولار في ذلك اليوم على منصة الحزب للتبرعات، ما مثل أكبر تبرع يومي على تلك المنصة منذ عام 2020، وفق تحليل الصحيفة. وبلغت التبرعات على المنصة منذئذ أكثر من 45 مليون دولار.
في سياق مواز، تطالب ريبيكا كاتز، الناشطة الديمقراطية التي تعمل مع مرشحين تقدميين، بايدن وقادة الحزب الآخرين بأكثر من مجرد طلب التبرعات والتصويت. وقد نقلت "نيويورك تايمز" عن كاتز قولها، "إنها إحدى المرات التي يجب فيها على الأشخاص الذين في السلطة أن يفعلوا أكثر مما يطلبه الناس الذين يصوتون لهم". ولا يقتصر دعاة محاكمة قضاة المحكمة العليا على الديمقراطيين المنتمين إلى اليسار المتطرف، بل يشملون معتدلين على غرار تشارلي كريست، النائب عن فلوريدا، وهو جمهوري انقلب ديمقراطياً ويترشح لمنصب حاكم الولاية هذا العام. ووفق كريست، "أنا وزير عدل سابق في فلوريدا، وأعرف ما هو الكذب" في إشارة إلى شهادتي القاضيين نيل أم غورساتش وبريت أم كافانو خلال جلسات عقدها الكونغرس لتثبيتهما في منصبيهما بالمحكمة العليا. وحض قادة الحزب الديمقراطي على التحرك مشيراً إلى أن "الإحباط يتطلب تحركاً وإلا لن يكون ثمة متنفس له".
وفي الإطار نفسه، نقلت "نيويورك تايمز" عن جوشوا كارب، وهو خبير استراتيجي ديمقراطي ومستشار للسيد كريست، إنه "إذا أردنا إلهام الناس للتصويت، فعلينا أن نلهمهم بالفعل". ويعتبر الانقسام داخل الائتلاف الديمقراطي أحد وجوه الانقسام بين جيلين، إذ يوضح الناشطون الشباب أن الحزب الجمهوري والديناميكيات في عاصمة البلاد قد تغيرت في شكل جذري في العقود التي تلت وصول بايدن، 79 سنة، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، 82 سنة، وزعيم الأغلبية عضو مجلس الشيوخ تشاك شومر، 71 سنة، إلى واشنطن. وأثارت تصريحات مرتجلة ظهرت، الجمعة، أدلى بها النائب جيمس كلايبورن، 81 سنة، وهو أعلى مشرع أسود رتبة في مجلس النواب، أن حكم المحكمة العليا في شأن حظر الإجهاض "مناهض للجو العام" في الأوساط الأصغر سناً والأكثر تقدمية.
ووفق الصحيفة نفسها، "ليس الأمر أن الديمقراطيين القلقين لا يقبلون الحقيقة الواضحة المتمثلة في أن انقسام مجلس الشيوخ مناصفة بين الحزبين والتزام اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بعدم إقران القول بالفعل، يعنيان أن هناك القليل الذي يمكن تحقيقه تشريعياً بغية الحفاظ على الحق في الإجهاض، لكنهم لا يزالون يريدون الاستماع إلى خطة عمل بعيدة الأجل تتجاوز انتخابات منتصف الولاية الرئاسية في الخريف".
كذلك ذكر ديفيد أتكينز، عضو "اللجنة الوطنية الديمقراطية" المتحدر من كاليفورنيا، الذي أراد سماع دعوات إلى إجراء تغييرات هيكلية في المحكمة أو مجلس الشيوخ، إنه "كان لدى القيادة وقت طويل لمعرفة أن الحكم سيصدر وإعداد شيء أكثر من مجرد الغضب على المنصات والنداءات لجمع الأموال. يجب أن يكون هناك مزيد من القتال". وقد صدم أتكينز وآخرين مما حصل الجمعة، خارج الكابيتول. لقد اجتمعت بيلوسي وغيرها من الديمقراطيين في مجلس النواب على درج مبنى الكابيتول للاحتفال بتمرير حزمة تاريخية، وإن كانت مجتزأة، في شأن حمل الأسلحة. وغنوا معاً "بارك الله أميركا" بينما كان محتجون على إبطال "قانون رو ووايد" في الجهة المقابلة من الشارع أمام المحكمة العليا، يرفعون الصوت ضد حكم الأخيرة.