بات شائعاً إن روسيا قد تخلفت عن تسديد المدفوعات الخاصة بسنداتها الدولية للمرة الأولى منذ أكثر من قرن، بعدما عزلت العقوبات الكرملين عن جزء كبير من النظام المالي العالمي.
إذ تملك تلك البلاد عشرات المليارات من الدولارات من عوائد النفط والغاز بفضل ارتفاع الأسعار منذ غزو أوكرانيا في فبراير (شباط). لكن استخدام تلك الأموال في تسديد التزامات خارج روسيا أصبح صعباً بسبب القيود التي فرضتها البلدان الغربية على التدفقات المالية.
وأفاد بعض أصحاب الديون (السندات) الروسية بأنهم لم يتلقوا مدفوعات للفوائد كانت مقررة الإثنين بعد انقضاء المهلة الأحد. ويضع ذلك الأمر روسيا في وضعية تخلف عن تسديد سنداتها الدولية للمرة الأولى منذ عام 1918، أي بعد سنة على الثورة الروسية. وفي عام 1998، تخلفت روسيا عن تسديد سندات محلية مقومة بالدولار.
وتوضيحاً، لقد كان مقرراً أن تدفع روسيا في 27 مايو (أيار)، لكن فترة السماح البالغة 30 يوماً انقضت الأحد الماضي. ويعني عدم التسديد خسارة مالية للمستثمرين، بما في ذلك بعض الصناديق التي ربما يكون مدخرون عاديون وضعوا نقودهم فيها. ومن المرجح أن تكون المبالغ صغيرة حينما تؤخذ في سياق المحفظة العامة لأي صندوق. وتبلغ قيمة الدفعات المفوتة 100 مليون دولار (81 مليون جنيه إسترليني) كفائدة على سندين، أحدهما مقوم بالدولار والآخر باليورو. ومن بين أهم الحواجز أمر صادر من "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" التابع لوزارة الخزانة الأميركية في مايو (ايار) 2022، يقضي بعزل موسكو عن إجراء مدفوعات خارجية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المقابل، تزعم موسكو إنها أودعت المدفوعات ذات الصلة المطلوبة منها في حساب داخلي في روسيا، وبالتالي وفت بالتزاماتها. وقد عملت شركة المدفوعات "يوروكلير" على حظر التحويلات الدولية من هذا الحساب بسبب العقوبات الغربية على موسكو. ووصف الناطق باسم فلاديمير بوتين، ديمتري بيسكوف، مزاعم التخلف عن التسديد بأنها "غير مبررة على الإطلاق"، مشيراً إلى إنها "ليست مشكلتنا".
لكن في نظر العديد من المراقبين، لم تبذل روسيا القدر الكافي من الجهد للوفاء بشروط عقدها مع حاملي السندات، وبالتالي ستُعتبَر في حالة تخلف عن تسديد ديونها. ونحن لا نزال ننتظر تأكيداً رسمياً على التخلف عن تسديد الالتزامات. واعتُبِرت هذه النتيجة حتمية منذ أسابيع بسبب العزلة المالية المفروضة على موسكو منذ بدء الحرب.
واستطراداً، من المرجح استحقاق مزيد من المبالغ المترتبة على سندات روسيا التي تبلغ 40 مليار دولار. وقد ذكر رودريغو أوليفاريس-كامينال، رئيس "دائرة قوانين المصارف والتمويل" في "جامعة الملكة ماري" بلندن، إن الموقف القانوني بين روسيا وحاملي سنداتها معقد، مضيفاً أن الوضوح مطلوب في شأن ما يشكل إبراء لروسيا من التزاماتها، أي الفارق بين تلقي المدفوعات واستردادها. وأوضح أوليفاريس-كامينال إنّ "هذه المسائل كلها خاضعة للتفسير من قبل أي محكمة قانونية".
وفي العادة، يؤدي تفويت المدفوعات المستحقة على السندات إلى خفض التصنيف الائتماني الخاص بأي بلد. في المقابل، لم تعد الديون الروسية مصنفة من قبل وكالات التصنيف الائتماني الكبرى كـ"موديز" و"ستاندرد أند بورز". ويسعى الرئيس بوتين إلى الخروج من حالة التخلف عن تسديد الديون التي تلوح في الأفق، إذ أعلن أن روسيا ستسدد التزاماتها الدولية بالروبل، بدلاً من الدولار أو اليورو.
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 28 يونيو 2022
© The Independent