في قرار مفاجئ، فرضت نيابة الأموال العامة في العاصمة المؤقتة عدن، الحجز التحفظي على شركة الهاتف النقال "MTN YEMEM" سابقاً، والمعرفة حالياً باسم "يو"، بسبب "تخلفها عن سداد ضرائب متأخرة"، بحسب النيابة.
وجاء في قرار النيابة، الذي اطلعت "اندبندنت عربية" على نسخة منه، "إن شركة (أم تي أن) تدين بضريبة مبيعات متأخرة لصالح مصلحة الضرائب عن الأعوام 2015 و2016 و2017 بمبلغ قدره 24 ملياراً و238 مليون ريال نحو (24 مليون دولار).
وتوقفت خدمة الشركة "اليمنية- العمانية" في العاصمة المؤقتة عدن، على أثر قيام النيابة العامة والأجهزة الأمنية بإغلاق فروعها في عدن وفي محافظة مأرب.
وفي تواصل "اندبندنت عربية" بشركة الهاتف النقال التي فرضت النيابة العامة الحجز التحفظي بحقها، لم تورد الشركة أي تفاصيل حول استفساراتنا عن الأسباب التي أدت إلى إغلاق فروعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، واكتفت الشركة بالرد على أن التوقف في مدينة عدن كان لأسباب خارجة عن إرادتها، وأنها تسعى لاستئناف الخدمة في أقرب وقت.
الشركة عمانية
وكانت شركة "أم تي أن"، قد أعلنت، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن خروجها من اليمن وبيع حصتها لشركة أخرى عمانية الجنسية، وهو ما رفضته الحكومة اليمنية الشرعية حينها، واعتبرت ما أقدمت عليه الشركة "إجراء أحادي" مرفوض.
ومطلع مارس (آذار) الماضي، أطلقت الشركة اليمنية العمانية المتحدة للاتصالات العلامة التجارية "YOUtelecome"، ودشنت العمل تحت اسم "YOU" رسمياً بدلاً عن اسمها السابق "أم تي أن".
"تهريب مكالمات"
وقبل أيام من إعلان النيابة الحجز التحفظي على أملاك الشركة، كشفت تقارير مسربة عن أن الشركة اليمنية للاتصالات الدولية "تيليمن" وهي المشغل الحصري عن أن هناك عملية "تهريب مكالمات" تتم داخل نطاق تغطيتها.
وتقصد بذلك، أن عمليات اتصال دولي واستخدام للإنترنت في مناطق التغطية الخاصة بها تتم من دون المرور بشبكتها، ورفعت بذلك تقريراً للقيادة السياسية لميليشيات الحوثي في صنعاء، واطلعت "اندبندنت عربية" على نسخة من التقرير مطالبة إياه بأخذ موقف حياله، وهو ما عده مراقبون دليلاً على استخدام الميليشيات شبكة الاتصال للتجسس على المناوئين.
التقرير الذي اطلعت عليه "اندبندنت عربية" جاء تحت عنوان "اكتشاف تهريب مكالمات دولية واردة عبر شبكة الهاتف الثابت خارج إطار شبكة تيليمن"، أقر أن ما يسمى "جهاز الأمن والاستخبارات" التابع للميليشيات الحوثية شيد ما سماه "شبكة اعتراض أمنية" تستهدف "التجسس على المكالمات الهاتفية لجميع مسؤولي الحكومة المعترف بها دولياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجاء في التقرير، إن نافذين من الحوثيين يستغلون الربط البيني بين جهاز الاستخبارات وشركات الاتصالات لأجل التنصت، ويمررون عبر ذلك الربط مكالمات دولية مهربة، بعيداً من (تيليمن)، ويتقاسم النافذون تلك الأموال فيما بينهم مع المتواطئين معهم في شركة الاتصالات الدولية، بحسب ادعاء كاتب التقرير.
شرعنة التجسس
التقرير أحصى خسائر يومية تقدر بملايين الدولارات إثر تهريب المكالمات الدولية من قبل المنظومة التجسسية التابعة لجهاز الأمن الحوثي، والتي لم تتورع عن تأكيد قدرتها على رصد مكالمات المشتركين والتجسس عليهم "بصورة احترافية وعبر السنترالات" الحكومية لصالح الحوثيين.
ويكشف التقرير أن إدارة الشركة قدمت عرضاً لقيادة جهاز الأمن والاستخبارات، بأنها ستوفر جميع المتطلبات والوسائل الفنية التي تمكنهم من اعتراض ومتابعة ما وصفتها بـ"المكالمات المشبوهة" في إشارة إلى المكالمات التي يجريها مسؤولو الحكومة الشرعية.
ومقابل ذلك طلبت من القيادات الحوثية الأمنية تخفيف تهريب المكالمات الدولية التي تكبدها خسائر كبيرة.
خسائر طائلة
ومن ضمن ما كشف عنه التقرير أن الشركة اليمنية للاتصالات والإنترنت تدفع سنوياً "لجهاز الأمن والاستخبارات" التابع للحوثيين ملياراً و600 مليون ريال.
وأوضح أن منظومة الاستخبارات الحوثية تقوم بتهريب المكالمات الدولية باستخدام أرقام شبكة الهاتف الثابت بسعة تصل إلى 630 قناة، تمرر خلالها مئات الآلاف من الدقائق يومياً.
وأشار إلى أن افتضاح جريمة التهريب والتجسس "سيؤثر على علاقة الشركة بشركاء العمل الدوليين، والذي قد يترتب عليه تجميد سداد المبالغ المستحقة للشركة، والتي تبلغ 180 مليون دولار سنوياً.
وكان تقرير الخبراء المعني باليمن المقدم لمجلس الأمن في يناير (كانون الثاني) الماضي، قد أوضح أن الفريق طلب من شركة "تيليمن" بصنعاء توضيحاً حول استغلال الحوثيين للنطاق الوطني من المرتبة العليا "ye" في الرقابة، لكنها زعمت حينها أنه يتم "استخدام فرز المحتوى لحماية الأطفال".
وتوصلت لجنة الخبراء في تقريرها الأخير إلى "أن قطاع الاتصالات اليمني يشكل مصدراً رئيساً لإيرادات ميليشيات الحوثي، وأداة خطرة لمراقبة اليمنيين وانتهاك حق الشعب في الخصوصية وحرية الحصول على المعلومة".
وأشار التقرير إلى أن هذا القطاع الحيوي لا يزال يشهد نمواً كبيراً على الرغم من الحرب، وتناول انتهاكات وابتزاز مارستها الميليشيات بحق شركات الاتصالات بفضل سيطرتها عليه.
وأوضح التقرير، "أن السيطرة على هذا النطاق غير القانوني لأدوات الاتصالات، توفر للميليشيات القدرة على مراقبة المستخدمين، ومنع حركة الاتصالات والرقابة على المحتوى، وتنفيذ عمليات الإغلاق على الإنترنت، وحصر مواقع التواصل الاجتماعي، وخدمات المراسلة الشخصية، ومراقبة الاتصالات الخاصة للمعارضين، وحجب النطاق في جميع أنحاء البلاد".
وسبق أن كشفت سلسلة تحقيقات لـ"اندبندنت عربية" كل ما تحدث به تقرير "تيليمن" عن تجسس الحوثيين على شبكة الاتصالات اليمنية، وتحويلها مقر شركة "تيليمن" الواقع في منطقة التحرير في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرتهم، إلى مركز للتجسس يتم منه اعتراض المكالمات والتجسس على اليمنيين، بحسب ما أفادت مصادر متعددة، في شركة تيليمن لـ"اندبندنت عربية" حينها.
بدوره، لم يرد وزير الاتصالات في الحكومة الشرعية نجيب العوج على استفساراتنا بخصوص الوعود التي أعلن عنها في وقت سابق، بإطلاق شبكة اتصالات خاصة وتشغيل الجيل الرابع في مناطق الشرعية، وأيضاً لم ترد ميليشيات الحوثي على طلب "اندبندنت عربية" بالتعليق على التهم الموجهة لها، وتلتزم الصحيفة نشر الرد فور وروده.