شهدت بورصة نيويورك وافدا جديدا، أمس الخميس، حيث أدرجت شركة "سلاك Slack" أسهمها، محققة قيمة فاقت كل التوقعات، وأعطت جرعة أمل إضافية للمستثمرين باستمرار "رالي" الأسهم، خصوصا الأسهم التكنولوجية التي تعتبر محرك البورصات منذ العام الماضي.
وجاء إدراج "سلاك" في يوم ماراثوني في البورصات الأميركية، حقق فيه مؤشر "ستاندرد آند بورز500"، الذي يقيس كبرى الأسهم الأميركية، مستوى إغلاق قياسي جديد عند 2954.18 نقطة، "محطّماً مستواه القياسي السابق البالغ 2945.83 نقطة، الذي سجله في الثلاثين من أبريل (نيسان)"، بحسب بيانات "رويترز".
قصة "سلاك"
وشركة "سلاك" هي إحدى القصص الملفتة في الـ"سيليكون فالي"، حيث ظهرت في الأعوام الأخيرة كقصة نجاح شبيهة بقصص النجاح التكنولوجية، مثل "أوبر" و"ليفت" و"زووم"، وغيرها الكثير، والتي أوجدت حلولا مبتكرة في عالم الأعمال. ويقوم نموذج عمل "سلاك" على توفير برنامج يسهل الاتّصال بين المجموعات، كأنهم في غرفة عمل واحدة، فتقوم كل مجموعة كمجموعات الطلاب أو موظفي شركة معينة، بإنشاء غرف خاصة، تمكّن كل مجموعة من مشاركة الملفات والتحادث والتواصل فيما بينها. ويضمن البرنامج السرية والخصوصية لكل مجموعة.
ولشركة "سلاك" قصة مميزة، إذ بدأت فكرتها في العام 2010 ضمن شركة الألعاب "TinySpeck"، التي أسسها ستيوارت باتيرفيلد، حيث استخدم "ستيوارت" برنامجا لتبادل الرسائل والتعاون بين الموظفين داخل الشركة، لكن سرعان ما لمعت الفكرة لديه لتحويل البرنامج إلى شركة تبيع تطبيق يسهّل الدردشة وتبادل الرسائل والملفات بين موظفي الشركات أو المجموعات المختلفة، فكانت "سلاك" التي ظهرت في العام 2014.
قفزة الأسهم
وقفز سعر السهم خلال التداولات بنسبة 60% مقارنة بسعر الافتتاح المرجعي عند 26 دولارا، ثم أغلق على ارتفاع بنسبة تقارب 50% منهياً الجلسة الأولى عند 38 دولارا، ليترك تقييم "سلاك" عند 20 مليار دولار، وهو ما يعني 3 أضعاف تقييمها قبل الطرح العام.
ووصفت الـ"اندبندنت" هذا الإدراج بأنه الأكثر نجاحا في "وول ستريت" هذه السنة.
وتستخدم اليوم نحو600 ألف مؤسسة ولديها 95 ألف مشترك. وتحتوي الشركة على نحو 800 مليون دولار من الكاش لكنها ما زالت خاسرة، حيث أظهرت خسارة بحجم32 مليون دولار في الربع الأخير، لكنها قالت إن إيراداتها ارتفعت بنسبة67% إلى 135 مليون دولار، وتتوقع الشركة أن تصل إيراداتها هذه السنة إلى600 مليون دولار.
مسار شركات التكنولوجيا
وكانت شركات تكنولوجية عدة طرحت منذ بداية هذه السنة، أهمها "أوبر" و"ليفت" و"زووم" و"بينترست"، وقيمت هذه الشركات فوق المليار دولار عند الإدراج، لكن إدراج "أوبر" أعطى إشارات سلبية للسوق بأن موجة الاكتتابات قد تتراجع، بعد أن جاء تقييم السهم في البورصة أقل من سعر السهم في الاكتتاب العام الذي جرى قبل يوم من الإدراج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن جاء إدراج "سلاك" أمس ليغير المعادلة، وكان قد سبقه بأيام إدراج ناجح لسهم ملياري آخر لشركة Chewy، ما أعطى انطباعا بأن فرص شركات التكنولوجيا مستمرة. ولدى هذه الشركات صفات مشتركة، حيث إنها استخدمت الإنترنت والتطبيقات والمنصات الإلكترونية لتسهيل نموذج عملها، وقد ولدت في العشر سنوات الأخيرة، أي بعد الأزمة المالية العالمية، لتعبر عن اقتصاد أميركي جديد.
طرح مختلف
وكانت "سلاك" طرحت بشكل مباشر في البورصة أمس، من دون إجراء الاكتتاب العام، الذي يتم غالبا قبل يوم من طرح الشركة في البورصة، لاستقطاب مستثمرين وسيولة جديدين، وهو أمر لا يحدث كثيرا.
ويعتقد عيد الشهري، مدير عام شركة الأجيال القادمة، وهو مستثمر في الـ"سيليكون فالي"، أن "هذا السبب الذي ربما أنجح إدراج (سلاك) مقارنة مع إدراجات أخرى لشركات تكنولوجية شبيهة أجرت اكتتابات عامة قبل الإدراج في البورصة، إذ إن هذه الاكتتابات تسبقها عمليات تسويقية كبيرة للبنوك التي تدير الاكتتابات، فيتم غالبا تضخيم التقييم عما هو عليه، بينما الإدراج المباشر يترك السوق هو من يحدد السعر بناء على العرض والطلب". ويضيف أن "هناك أمراً آخر، إذ إن عدم وجود اكتتاب عام يخفض تكاليف هذا الإجراء على الشركة، ويدفع بالمستثمرين الذين يريدون شراء أسهم إلى الذهاب إلى السوق مباشرة، ما يرفع السعر إذا كانت الشركة محل اهتمام من المستثمرين ولديها بيانات مالية قوية وواعدة". لكنه يوضح أن "الخطر الوحيد في هذه العملية أن مستثمرا ما، سبق أن اشترى أسهما في إحدى جولات تجميع الأموال التي تجريها الشركات على مدار سنوات تأسيسها ونموها، ثم يقرر أن يبيع كميات كبيرة عند الإدراج، فيؤدي إلى انهيار السهم". ويرى الشهري أن "الشركة تبدو واثقة من بياناتها ومستقبلها، ولم تشهد سيناريو بيع هائل، وإنما على العكس جاءها طلب قوي من السوق".
وقال تحليل في "ياهو" إن هذا النموذج الجديد في الطرح المباشر في البورصات سيغير قواعد اللعبة في شركات التكنولوجيا، وربما سيكون النموذج اللاحق لإدراجات الشركات. وكانت شركة "سبوتيفاي Spotify" فعلت الأمر نفسه عندما أدرجت في بورصة نيويورك في العام الماضي.