عانى قليل من المستثمرين من بداية عام أصعب من فترة الأشهر الستة التي انتهت في الوقت الحالي، فقد تعرض المحترفون لخسائر عنيفة، في حين تم التعامل مع المتداولين الهواة، الذين اعتادوا على مسيرات 2021 المذهلة، بفحص واقعي مروّع.
البيانات تشير إلى أن مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" حقق أسوأ بداية له منذ عام 1970، حيث انخفض بنسبة 20.6 في المئة بين يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران) الماضيين. وشهد مؤشر "داو جونز" أكبر انخفاض له في النصف الأول منذ عام 1962، وشهد مؤشر "ناسداك" المركب أكبر انخفاض بالنسبة المئوية له على الإطلاق.
وكان هناك مزيج سيئ من الظروف يدق على أبواب أسواق الأسهم، فقد أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع التضخم، ما أدى إلى تفاقم المخاوف في شأن مدى قوة البنوك المركزية مثل الاحتياطي الفيدرالي في كبح جماحها، وعزز ذلك المخاوف من حدوث ركود في هذا العام أو العام المقبل، كما أدت عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى تغذية القلق.
توقعات بتحسن معنويات أسواق الأسهم
في الوقت نفسه، فإن توقع ما سيحدث في الأسواق خلال الأشهر الستة المقبلة أمر صعب بشكل غير عادي، إذ لا يزال الطريق إلى الأمام غادراً، بعدما تعهد بنك الاحتياطي الفيدرالي التحرك شهراً واحداً في كل مرة. ويقول كبير الاقتصاديين في "باين بريدج إنفستمنتس" ماركوس شومر، "الأمر كله يتعلق بالتضخم في الوقت الحالي، هذا هو الشيء الوحيد المهم، وكيف يستجيب الاحتياطي الفيدرالي له".
ويعتقد المتفائلون أنه في هذه المرحلة، سيتم تسعير الأخبار السيئة في الغالب. وأشار شومر إلى أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، وهو مقياس للتضخم، يستبعد تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة ويراقب عن كثب من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع بنسبة 4.7 في المئة سنوياً، على أساس سنوي في مايو (أيار) الماضي، انخفاضاً من 4.9 في المئة في أبريل (نيسان) الماضي.
أضاف شومر، "أعتقد أن الصورة بدأت تتجمع. تتراجع اضطرابات سلسلة التوريد في كل مكان. أسعار السلع الأساسية لم تنخفض بعد، لكنها لا ترتفع بالسرعة نفسها أيضاً، كل ما نحتاج إليه هو النفط ليبقى عند 100 دولار للبرميل، وينخفض التضخم، وهذا بالطبع كبير، بالنظر إلى حالة أسواق الطاقة، كما أن ارتفاع أسعار الإيجارات والمساكن، وهو شكل من أشكال التضخم الأكثر ثباتاً، يتطلب أيضاً المراقبة".
ويعتقد أن معنويات سوق الأسهم من المرجح أن تتحسن في النصف الثاني من العام، حيث يدرك المستثمرون أن الوضع ليس سيئاً، كما اعتقدوا سابقاً وراهنوا على بنك الاحتياطي الفيدرالي بنجاح في خفض التضخم من دون التسبب في ركود. وقال، "أعتقد أنه من المحتمل أن تكون لدينا سوق مستقرة في النصف الثاني لأننا ننتقل من خلال هذه المعلومات". ويتوقع أن أسواق الأسهم ستنهي العام فوق المستويات الحالية.
الأوضاع لمن تكون سهلة في حال حدوث ركود
لكن في المقابل، لا يزال البعض الآخر متشككاً في أن الأسوأ لم يأتِ بعد، وأخبر المحللون الاستراتيجيون في "غولدمان ساكس" العملاء أن الأسهم يمكن أن تستمر في الانخفاض في وقت لاحق من هذا العام لأن "الأسهم تتسع لركود معتدل فقط"، ومن المرجح أن يبدأ مزيد من الشركات في خفض توقعات الأرباح، وفي حال حدوث ركود، يرى فريق "غولدمان ساكس" أن مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" سينخفض إلى 3600 نقطة، أو 4.9 في المئة من دون إغلاق يوم الخميس.
وما يتفق عليه الجميع أن الوضع لن يكون سهلاً، وسيكون من الضروري الاستعداد لموجات جديدة من الخسائر، إذ لا تزال وظيفة بنك الاحتياطي الفيدرالي صعبة، وهناك مخاطرة كبيرة أنها تذهب بعيداً، إذ ترفع تكاليف الاقتراض إلى حد أنها تضر بالنشاط التجاري أو الإنفاق الاستهلاكي وترسل النمو إلى الاتجاه المعاكس. وقال المحللون الاستراتيجيون في بنك "غولدمان ساكس"، "أن يتحسن مزيج النمو مع التضخم، فمن المرجح أن تظل الأسواق متقلبة مع تحول المستثمرين بين إحباط التضخم وهوس الركود".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير البيانات إلى أن أسهم مؤشر "ستاندرد أند بورز 500"، خسرت نحو 8.2 تريليون دولار منذ بداية العام الحالي، وكانت تداولات يونيو هي الأسوأ منذ عام 2008، كما شهدت أسهم المؤشر أسوأ أداء ربعي منذ عام 1970، لكن الخبر السار هو أنه بعد الأداء السيئ، عادت السوق دائماً إلى الارتفاع، وهناك ارتباط ضئيل للغاية بين أداء النصف الأول والثاني من مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" في النصف الأول من العام، على الأقل تاريخياً، إذ فقد المؤشر نحو 21 في المئة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 1970، لكنه ارتد ليكسب 27 في المئة في النصف الثاني من العام نفسه.
أما الأخبار السيئة فهي أنه عندما تنخفض الأسواق بشكل كبير، فإن الربع التالي ليس دائماً رائعاً. وقال سام ستوفال، كبير محللي الاستثمار في "سي أف آر إي ريسيرش"، إنه خلال أسوأ ثلاث بدايات لهذا العام، مع انخفاض بنسبة خمسة في المئة، أو أكثر، انخفض مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" في الربع الثالث بنسبة 6.8 في المئة، و2.2 في المئة، و2.1 في المئة على التوالي. وقال إن التوقيت مهم، ولم تستغرق السوق سوى 161 يوماً تقويمياً للانخفاض من ذروته في الثالث من يناير إلى السوق الهابطة الحالية، وهذا أسرع بكثير من متوسط الإطار الزمني المعتاد الذي يبلغ 245 يوماً.
هل ستكون 2023 "خضراء"؟
وعادةً ما يكون أداء الأسهم الأميركية جيداً بعد دخولها الأسواق الهابطة، على الأقل على المدى الطويل. ويقول ستوفال إنه "ليس من غير المألوف أن تشهد الأسهم تعافياً سريعاً من أدنى مستويات السوق الهابطة، يستغرق متوسط السوق الهابطة نحو 19 شهراً لاستعادة جميع خسائره". وأضاف، "لكن عندما ينخفض مؤشر (ستاندرد أند بورز 500) بنسبة أقل من 25 في المئة، تستغرق عمليات الاسترداد سبعة أشهر فقط في المتوسط، وفي الآونة الأخيرة، كان الارتداد أسرع، فقد استغرقت الأسواق الهابطة الثلاثة الأخيرة أربعة إلى خمسة أشهر فقط لتعويض الخسائر". وأوضح أن الدورات الرئاسية لها تأثير تاريخي على الأسواق، وهذه أخبار جيدة لمستثمري اليوم.
ووفقًا لتحليل "سي أف آر إي"، من عام 1944 حتى اليوم، فإن متوسط عائد مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" خلال الربعين الثاني والثالث من السنة الثانية للرئيس جو بايدن هو سلبي، لكن الأسواق انتعشت بحلول الربع الرابع، بمتوسط زيادة بنسبة 6.4 في المئة.
وفي السنة الثالثة من ولاية الرئيس هي الأفضل أداءً إلى حد بعيد، في المتوسط ، إذ قفز نمو مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنحو 16 في المئة، ما يعني أن 2023 ستكون "خضراء" في أسواق الأسهم الأميركية.