في أول رحلة له إلى الخارج منذ توليه رئاسة الوزراء في إسرائيل، يتوجه يائير لبيد الثلاثاء، الخامس من يوليو (تموز)، إلى باريس ليطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "التدخل" من أجل إنقاذ المحادثات في شأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان.
وعين لبيد الجمعة رئيساً للوزراء في إطار اتفاق أبرمه مع زعيم حزب "يمينا" اليميني المتشدد نفتالي بينيت لتشكيل ائتلاف حكومي يتناوبان بموجبه على رئاسة الحكومة إذا حل البرلمان.
وخسر ائتلافهما غالبيته في الأسابيع الأخيرة، فحتم ذلك حل الكنيست والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ما سمح بتولي لبيد رئاسة الوزراء إلى حين تشكيل الحكومة المقبلة.
مسيرات "حزب الله"
وغداة تولي لبيد مهامه، اعترض الجيش الإسرائيلي ثلاث طائرات مسيرة أطلقتها ميليشيات "حزب الله" اللبنانية في اتجاه حقول الغاز في مياه المتوسط.
وأسقطت الطائرات المسيرة الثلاث فيما كانت متجهة إلى حقل كاريش للغاز في "المياه الاقتصادية الإسرائيلية" في شرق المتوسط، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
وحذر لبيد في نهاية الأسبوع الماضي من أن "حزب الله يواصل السير في طريق الإرهاب ويقوض قدرة لبنان على التوصل إلى اتفاق حول الحدود البحرية"، غير أنه أبقى على زيارته لفرنسا التي كان من المقرر أن يقوم بها سلفه بينيت.
ويعتبر لبنان حقل كاريش جزءاً من المياه المتنازع عليها مع إسرائيل، فيما تؤكد هذه الأخيرة أنه يقع ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.
وكان "حزب الله" المدعوم من إيران العدو اللدود لإسرائيل، أكد في التاسع من يونيو (حزيران) أن "الهدف المباشر يجب أن يكون منع العدو من استخراج النفط والغاز من حقل كاريش".
ترسيم الحدود واستخراج الغاز
ويقوم لبيد بزيارته إلى باريس قبل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى الضفة الغربية والسعودية في أول جولة له في الشرق الأوسط منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
وبدأ لبنان وإسرائيل، وهما دولتان متجاورتان لا تزالان رسمياً في حالة حرب، مفاوضات غير مسبوقة في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 برعاية واشنطن، لترسيم الحدود البحرية وإزالة العقبات أمام التنقيب عن النفط والغاز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوقفت المحادثات في مايو (أيار) 2021 بسبب خلافات تتعلق بمساحة المنطقة المتنازع عليها، خصوصاً حقل غاز كاريش.
وصرح مسؤول إسرائيلي كبير لمجموعة صغيرة من الصحافيين يرافقون لبيد الثلاثاء، وبينهم مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، "نعرف أهمية موقف فرنسا في المسائل المتعلقة بلبنان، وسنطلب من فرنسا التدخل للحفاظ على المفاوضات التي نريد إنجازها حتى النهاية حول مسائل الغاز".
ووقعت مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي منتصف يونيو في القاهرة مذكرة تفاهم تهدف إلى تصدير الغاز إلى أوروبا، في محاولة لإيجاد بدائل للوقود الروسي في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا.
ويهدف التعاون إلى نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا بعد تسييله في المحطات المصرية المعدة لذلك، في وقت يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تنويع مصادره من الغاز بعد قرار روسيا الحد من إمدادات الغاز إلى دول أوروبية.
وأثار اكتشاف حقول ضخمة للغاز في شرق البحر المتوسط في السنوات الأخيرة شهية دول مشاطئة وأجج الخلافات الحدودية.
الاتفاق النووي الإيراني
كما ستتناول محادثات لبيد في باريس مسألة إيران، إذ تسعى إسرائيل لثني القوى الغربية عن إحياء الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.
وتعارض تل أبيب إحياء الاتفاق الدولي المبرم عام 2015 في شأن برنامج طهران النووي والرامي إلى منع إيران من حيازة القنبلة الذرية مقابل رفع العقوبات التي تخنق اقتصادها. وهو اتفاق انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018 وتجري مفاوضات حالياً لإحيائه.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير للصحافيين، إن "الفرنسيين نشيطون للغاية في ما يتعلق بالقضية الإيرانية". وأضاف، "من المهم بالنسبة إلينا أن ندافع عن قضيتنا... إسرائيل تعارض العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي). وفي الوقت نفسه، لا نعارض التوصل لاتفاق، وإنما نسعى إلى اتفاق قوي للغاية".
وأضاف، "نريد إنهاء المحادثات التي لا تنتهي"، داعياً إلى "ضغط منسق" على إيران وعرض المساعدة في "صياغة إطار مناسب" لذلك.
وعلقت المحادثات في شأن الاتفاق رسمياً في مارس (آذار)، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية.
ويشدد بينيت على الخطر الكبير الذي "يشكله استمرار التقدم الإيراني نحو امتلاك السلاح النووي، من خلال تضليل المجتمع الدولي باستخدام المعلومات الملفقة والأكاذيب".
وتعتبر إسرائيل إيران تهديداً لأمنها وأن برنامجها النووي هدفه حيازة السلاح النووي وهو ما نفته طهران دائماً. في المقابل، يعتبر خبراء إسرائيل القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.