بعد إحالة أوراقه إلى المفتي، الأسبوع الماضي، لأخذ الرأي الشرعي في قرار إعدامه، قضت محكمة جنايات المنصورة بمحافظة الدقهلية المصرية بجلستها اليوم، الأربعاء، بإعدام شاب أدين بقاتل الطالبة المصرية نيرة أشرف، المعروفة إعلامياً بـ"فتاة المنصورة".
وكانت محكمة جنايات المنصورة قد قضت بإحالة أوراق المتهم محمد عادل بقتل نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة، التي قتلت غدراً على يد زميلها أمام بوابة مجمع كليات الجامعة، للمفتي لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه بتهمة القتل العمد.
تهليل وزغاريد
وتضمن أمر الإحالة أن المتهم وضع مخططاً لقتل الضحية، وتعقيباً على حكم الإعدام، قال قانونيون، لصحف محلية، إن المتهم لم يصبح لديه مسلك قانوني سوى اللجوء إلى محكمة النقض.
ومن المقرر أن تصدر حيثيات الحكم خلال 30 يوماً، على أن يكون آخر موعد لتقديم الطعن أمام محكمة النقض خلال 60 يوماً من تاريخ صدور الحكم.
من جانبه، قال خالد عبد الرحمن، محامي أسرة نيرة أشرف، لـ "رويترز"، بعد صدور الحكم "عاجلاً أم آجلاً. سيتم رفض النقض وتنفيذ الحكم". مبدياً أمله في سير مراحل التقاضي المقبلة بوتيرة سريعة "لئلا تهدأ أسرتها فحسب، إنما ليشعر المجتمع بالأمان".
وقال شاهد عيان على لحظة النطق بالحكم إن المتهم "لم يبد أي رد فعل فور سماع الحكم". وأضاف أن والد ووالدة نيرة اللذين كانا يحضران الجلسة استقبلا قرار المحكمة بالتهليل.
وشهد محيط المحكمة وجوداً أمنياً كثيفاً، كما تجمّع عدد كبير من المواطنين لمتابعة الحكم، واستقبل البعض من النساء هناك الحكم بالزغاريد.
جدل ما قبل الحكم
وأثارت الجريمة الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأيام الماضية، وتصدرت أكثر المواضيع انتشاراً تحت وسم #حق_نيرة_أشرف، وأعاد المغردون التذكير بعدد الجرائم المماثلة التي شهدها المجتمع خلال الأشهر الأخيرة.
وعلى الرغم من إبدائه الندم على فعلته، ذكر المتهم خلال محاكمته، أنه "فكر في الانتقام من الضحية قبل بدء دراسة السنة الثالثة بكلية الآداب، ثم خطط أن تكون فعلته في ثالث أيام الامتحانات الجامعية عبر استخدام السكين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق اعترافات المتهم، فإن الدوافع التي قادت إلى جريمته تكمن بالأساس في "رغبته في الانتقام بعد أن رفضت الضحية الارتباط به عاطفياً"، قائلاً: "كنت أنفق عليها، وكانت تحكي لي المشكلات بين والديها، اللذين على علم بقصة ارتباطنا"، لكن، "عندما ذهبت مرة لمنزلها اكتشفت أن أسرتها لا تعلم شيئاً عن القصة".
وتابع محمد، "كنت أنا ونيرة متفقين على الخطبة، وكل هذا مسجل في محادثات بيني وبينها، لكن بعد فترة من الارتباط اتضح لي أنها كانت (تعتبرني) مرحلة في حياتها (من أجل) أن تصل لأمور معينة، وحين (بلغتها) تركتني".
وأضاف، "هددتني نيرة كثيراً في مكالمة استمرت ساعة، وأهلي رفضوا قصتنا وأصبت بالصدمة، وقررت رد الشتائم من خلال إيميل جديد بعد أن حظرتني من كل حاجة عندها، واتصلت بي وهددتني بفضحي والاستعانة برجالة للتعدي عليا".
وبحسب حديثه أمام المحكمة، أوضح الجاني أنه بعد كثرة الخلافات بينه وبين الضحية "لجأ لأهلها، وحاول الحديث معها فاتهمته بمحاولة التعدي عليها"، مضيفاً أن أسرة طالبة المنصورة تدخلت لحل الأمر، وأنه عندما زارهم في منزلها أرغموه على توقيع إيصالات أمانة على بياض.
وعن سبب تفكيره في قتلها، قال محمد عادل، إن "والدة الضحية أرسلت بلطجية لتخويفه، فضلاً عن أن فكرة الانتقام سيطرت عليه لما سببته الضحية من أذى له ومشكلات"، على حد وصفه.
جرائم سابقة
وعلى مدى الأشهر الماضية هزت أكثر من حادثة ذبح المجتمع المصري، لدرجة دفعت مؤسسة الأزهر للتعليق على بعضها معتبرة أنها "إفساد في الأرض".
وأواخر مايو (أيار) الماضي أقدمت أم بقرية ميت تمامة التابعة لمركز ومدينة منية النصر بمحافظة الدقهلية على ذبح أبنائها الثلاثة، وحاولت بعد ذلك التخلص من حياتها بعد مرورها بحال نفسية سيئة.
وقبلها بأيام كانت "مذبحة الريف الأوروبي" التي أقدم فيها شخص على قتل خمسة أفراد من أسرة واحدة، وهم الوالد ونجلتاه وحفيداه في مزرعة بالريف الأوروبي بمدينة الشيخ زايد غرب القاهرة، إثر خلافات اجتماعية وأسرية، فيما نجت الزوجة (40 سنة) من الموت، بحسب ما أعلنت الشرطة ومصادر أمنية.
وفي أبريل (نيسان) الماضي شهدت منطقة شبرا الخيمة بالقاهرة الكبرى ذبح شاب لآخر وسط الشارع، وأظهرت التحريات الأولية أن الحادثة جاءت بسبب لهو الأطفال ومشاجرة حدثت بينهما.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي شهدت محافظة الإسماعيلية جريمة أثارت الجدل لأيام، بعد أن أقدم شاب على ذبح آخر وسط الشارع، ثم فصل رأسه عن جسده وسار حاملاً إياه بين المارة.
وفي يناير (كانون الثاني) قتلت سيدة في العقد الرابع من العمر ذبحاً بالسكين على يد ثلاثة من أشقائها أمام طفلتها البالغ عمرها 15 عاماً بمنطقة الهرم في محافظة الجيزة.
وزادت معدلات الجريمة بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، إذ باتت مصر تحتل المركز الرابع عربياً والـ16 من القارة الأفريقية والـ24 عالمياً في جرائم القتل، بحسب تصنيف "ناميبو" لقياس معدلات الجرائم بين الدول.
وفي إحصاء سابق لوزارة الداخلية المصرية عام 2019، فإن عدد جرائم القتل العمد عام 2010 سجل 774 جريمة، لكنها تضاعفت ثلاث مرات عام 2012 لتسجل 2144 حالة، وارتفعت عام 2014 لتصل إلى 2890، ثم بدأت بالانخفاض خلال الأعوام الثلاثة المتتالية لتقل عن حاجز الألفي جريمة، إذ بلغت عام 2015 نحو 1711 وفي عام 2016 وصلت إلى 1532، أما في عام 2017 فكان عددها 1360.
وأرجعت "الداخلية المصرية" أسباب ارتفاع نسب الجريمة إلى انتشار الأسلحة النارية والإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي والتأثيرات الناتجة من الأعمال الفنية وانعكاسها على المواطنين بتقليدهم لها، إضافة إلى الظروف الاقتصادية والمتغيرات المحيطة بالدولة، موضحة أن "وراء زيادة معدل الجرائم ظهور أنماط جديدة لها، وتكوين تشكيلات عصابية من الشباب العاطلين، وسهولة تنفيذ بعضهم جرائم السرقات بسبب قصور المواطنين في تأمين ممتلكاتهم وغياب الوعي الاجتماعي والثقافي".
وتقول دراسات جامعية، إن "جرائم القتل العائلي وحدها باتت تشكل نسبة الربع إلى الثلث من إجمالي جرائم القتل"، في وقت يرجح المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية (حكومي)، أن "92 في المئة من هذه الجرائم ترتكب بدافع العرض والشرف، فضلاً عن العوامل الاقتصادية التي أصبحت من بين أبرز أسباب تضاعف معدلات القتل العائلي".