قبل ستة أعوام حدث الغداء الأكثر شهرة لماوريسيو بوتشيتينو عندما التقى السير أليكس فيرغسون في مايفير، وكانت هذه علامة على أنه تمت مباركته ليكون الوريث الظاهر، وكأن المدرب الأعظم في تاريخ مانشستر يونايتد، منحه ختم الخليفة المحتمل.
وباستثناء أن يونايتد عين ثلاثة مدربين منذ ذلك الحين، وأن جوزيه مورينيو اصطف في طابور خلافة لويس فان خال في عام 2016، فإن أولي غونار سولسكاير وإريك تن هاغ لم يكونوا مطروحين حين تم الحديث عن كرة القدم الهجومية عالية الإيقاع والإيمان بالشباب والقدرة على تحسين اللاعبين، وأنها الصفات المثالية في نادي أولد ترافورد، ثم بات من اللافت للنظر كيف أن الجميع تقريباً، من أصحاب النفوذ في يونايتد اتحدوا خلف تين هاغ، مما أشار إلى تراجع مكانة بوتشيتينو.
وربما لا يمثل الرحيل عن باريس سان جيرمان أي شيء، مثلما حدث مع كارلو أنشيلوتي وأوناي أيمري وتوماس توخيل، حيث تمكنوا من استعادة مسيرتهم المزدهرة في أندية أخرى، لكن تحول بوتشيتينو من مدرب الغد إلى مدرب الأمس يضعه أمام نيران الانتقادات بأنه لم يفز بأي ألقاب في مسيرته، ومن المؤكد أن السنوات الثلاث الماضية أضرت بسمعته أكثر من صقلها.
وكان أبرز إنجازين عظيمين لبوتشيتينو تحقيقه المركز الثاني في الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.
وربما انعكس مستوى بوتشيتينو على تحول توتنهام هوتسبير بشكل أفضل في موسم 2016-2017، حين حصد 86 نقطة وسجل أكبر عدد من الأهداف وتلقى أقل عدد، وشعر الجميع أن إمكانات ديلي إلى لا نهاية لها. ووصل الفريق إلى مركز الوصيف في الدوري الإنجليزي الممتاز، ثم وصلوا لنهائي دوري أبطال أوروبا في عام 2019، وإذ كانت النتائج المحلية تشير إلى تراجع الفريق، لكنه تمكن من تحقيق إنجازين أمام مانشستر سيتي وأياكس، وكاد يتسيد القارة الأوروبية لولا عدة تصديات من أليسون بيكر حارس مرمى ليفربول.
ومنذ ذلك الحين، خسر توتنهام بنتيجة 7-2 أمام بايرن ميونيخ الألماني، وتعرض بوتشيتينو للإقالة بينما كان فريقه في المركز 14 بالدوري، وأمضى عاماً عاطلاً عن العمل، وخسر لقب الدوري الفرنسي أمام ليل حين عين مدرباً لباريس سان جيرمان، وفاز بلقب واحد.
وتعرض بوتشيتينو لخروج سيئ من دوري أبطال أوروبا أمام سيتي، ثم انهار أمام ريال مدريد في الموسم الماضي، ليبدو أنه فاقد للعلاقة العاطفية التي كانت تجمعه بتوتنهام.
وبدا أنه غير قادر على إنقاذ باريس، حين وقف عاجزاً ينظر إلى ليونيل ميسي وكيليان مبابي ونيمار المنتظرين في وسط الملعب، أن يركض زملاؤهم في الفريق لاستعادة الكرة من المنافسين، بينما كان سابقاً المدرب الذي دفع لاعبيه إلى آفاق جديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كل ذلك قد يبدو مشكلة خاصة مع باريس سان جيرمان، باستثناء أن العديد من الوظائف التي قد يحتاج إليها بوتشيتينو حالياً تتطلب القدرة على معاملة النجوم، وبناء فرق حول لاعبين بعينهم، والنجاح في مباريات خروج المغلوب في دوري أبطال أوروبا.
وتشير المقارنة بين المديرين الأخيرين في باريس سان جيرمان إلى أن توخيل كان أفضل بكثير في كلا الشقين، وبالفعل فإن ثلاثية كريم بنزيما التي سجلها في غضون 18 دقيقة، وأدت لانهيار باريس أمام ريال مدريد أعادت إحياء المخاوف في شأن سجل بوتشيتينو في المباريات الكبيرة.
وبدا أن بوتشيتينو كان على رادار ريال مدريد لفترة طويلة، وربما سيتخذ أنشيلوتي قرار اعتزال التدريب في غضون عام، لكن المخضرم الإيطالي أوضح سبب عدم رغبته في تولي مدرب من طراز الفلاسفة تدريب النادي الملكي، حيث إن إدارة ريال مدريد تعطي الأولوية للنتائج، خصوصاً في مثل هذه المباريات المحددة.
ويبدو أن لدى بوتشيتينو استراتيجيات خروج متعددة بعد الرحيل عن باريس، بخيارات في مانشستر ولندن، وكانت هناك فكرة جذابة في ما يتعلق باحتمال تبادل الوظائف مع أنطونيو كونتي، الذي بدا أنه ينجح في توتنهام كما فعل بوتشيتينو، ولكن مع تحقيق توتنهام لأهداف كونتي التعاقدية، يبدو أن لم شمل النادي اللندني وبوتشيتينو بعيد المنال على نحو متزايد.
وفي الوقت نفسه، فإن انطلاقة بوتشيتينو الضعيفة نسبياً في فرنسا- على الرغم من فوزه بتسع من أول 11 مباراة له في جميع المسابقات فإنه لم يفز بلقب الدوري في أول موسم- أبعدته عن دور الناجح في حل المشكلات أو المدير الفني صاحب التأثير الفوري.
وبدلاً من ذلك، يبدو أنه مدير المشروع الذي كان يبحث عن مشروع منذ أن تأخر توتنهام لفترة طويلة في تفكيك فريقه الأول ومحاولة متأخرة للتجديد أدت إلى تراجع الفريق بدلاً من استمرار نجاحه.
ولكن هناك عدداً قليلاً نسبياً من المشاريع على مستوى النخبة واثنين منهم- أرسنال وبرشلونة- تم استبعاد بوتشيتينو منهما تماماً، وفي ليفربول سيظل يورغن كلوب مقيداً بعقد لمدة أربع سنوات، وهناك احتمال أن يرحل غوارديولا عن السيتي الصيف المقبل، وسيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان نجم بوتشيتينو سيظل يخفت لدرجة أنه أصبح أقرب إلى أسفل القائمة المختصرة من القمة.
وكان هناك شعور بأن مسيرة بوتشيتينو في توتنهام رفعته إلى هذا المستوى، خصوصاً في وقت كانت فيه الألقاب أقل أهمية، ومع ذلك، فإن عدم التطابق بين الأرجنتيني وباريس سان جيرمان يشير إلى أن أساليبه تتناسب مع نوع نادي توتنهام الذي كان عليه في عام 2015، ذلك الفريق الساعي للتقدم والحيوية والمرونة والاستعداد للتعلم، ويبدو أن يعمل بأفضل شكل مع الطموح ومحاولات النجاح، وليس مع أولئك الذين يعتقدون أنهم نجحوا بالفعل.
قد يكون باريس سان جيرمان المثال الأكثر تطرفاً لنادي البريق، ذلك فإنهم يتعارضون مع مبادئ بوتشيتينو، وإذا كان قد تأثر بوقته هناك، فقد لا تلتئم جراحه سريعاً إذا بات مدرباً أقل جاذبية لأندية أخرى بنفس الشكل.
© The Independent