مع هدوء ثورة الشارع الليبي، ولفترة مؤقتة، بحسب التيارات الشبابية التي تنسق للتظاهرات المطالبة بتحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية، بسبب اقتراب موعد عيد الأضحى، طرحت جهات ليبية عدة مبادرات للخروج من الأزمة وإنهاء الفترة الانتقالية، ومن تلك المبادرات ما تقدم به المجلس الرئاسي وسيف الإسلام القذافي.
وفي الوقت الذي حظيت فيه مبادرة المجلس الرئاسي بتجاوب معقول نسبياً، لم تجد مبادرة نجل معمر القذافي الترحيب من قبل كثير من التيارات.
ويرجح مراقبون صعوبة نجاح المبادرتين في تحقيق التوافق المطلوب من جميع الأطراف لتجاوز الانسداد السياسي الذي يقود البلاد إلى مسارات حرجة ومعقدة.
خطة من الرئاسي
أعلن المجلس الرئاسي الليبي، الثلاثاء الخامس من يوليو (تموز)، عن خطة حل لأزمة الانسداد السياسي في البلاد، بعدما عقد سلسلة اجتماعات مع ممثلين عن الأحزاب والتيارات السياسية، استجابة لنداءات المتظاهرين في بعض المدن الليبية له للتدخل وإعلان حالة الطوارئ لإنقاذ البلاد.
وأوضح المجلس، أن "الاجتماعات خلصت إلى التوافق حول إطار عام، لخطة عمل تعالج الانسداد السياسي في البلاد، وتكليف النائب في المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، بإجراء المشاورات العاجلة مع الأطراف السياسية لتحقيق التوافق على تفاصيلها".
وأكد أنه "بعد إجراء المشاورات سيتم إطلاق الخطة، في شكل خريطة طريق واضحة المسارات والمعالم، تنهي المراحل الانتقالية عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إطار زمني محدد، وتدفع في اتجاه توافق وطني حول مشروع التغيير الذي يعزز الثقة بين الأطراف السياسية".
ولفت الرئاسي إلى أن "أبرز العناصر الحاكمة لخطة الحل، هي الحفاظ على وحدة البلاد وإنهاء شبح الحرب وإنهاء الانقسام وتعزيز حالة السلام القائم وتجنب الفوضى، والحد من التدخل الأجنبي والدفع في اتجاه حل وطني يقدم على ما سواه".
التوافق المفقود
وينتظر الشارع الليبي موقف الأطراف الفاعلة على الساحة من مبادرة الرئاسي، أكثر حتى من انتظاره للتعرف على تفاصيلها، لكون المواطنين سئموا من فشل المبادرات التي ترمي إلى حل الأزمة السياسية بسبب عدم توافق الفرقاء بشأنها.
وفي الوقت الذي كانت قد فشلت فيه كل المبادرات المحلية والدولية سابقاً، أظهرت ردود الفعل الأولية على المبادرة وجود انقسام كبير بشأنها، فقد اعتبر عضو المجلس الاستشاري للدولة، محمد معزب، أن "هدف المجلس الرئاسي من إعلان خطته لحل أزمة الانسداد السياسي في البلاد عبر إجراء الانتخابات، محاولة لامتصاص غضب الشارع فحسب، وأن المجلس عاجز على أن يحرك ساكناً تجاه المستجدات السياسية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف معزب، أن "المجلس الرئاسي لا يملك الإرادة والعزيمة للتحرك والضغط على رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، للالتزام بما اتفقت عليه لجنتا البرلمان ومجلس الدولة في القاهرة".
وأشار معزب إلى أن "الانتخابات الرئاسية تحتاج أولاً إلى إنجاز قاعدة دستورية، وأن من يعرقل ذلك هو تراجع فريق مجلس النواب عما تم التوافق عليه في محادثات القاهرة".
من جانبه، نفى رئيس حزب التجمع الوطني، أسعد زهيو، أن "تكون الأحزاب التي اجتمعت برئيس المجلس الرئاسي، الثلاثاء، فوضت المجلس الرئاسي لينفرد بحل الأزمة".
وتابع، "لم تفوض الأحزاب أحداً، إنما طالبت المجلس الرئاسي بتقديم ما لديه، ومن ثم ستقول كلمتها".
وجاء تصريح زهيو رداً على أنباء وردت عن مصدر مقرب من المجلس الرئاسي، قال فيها، إن "31 حزباً سياسياً فوضت المجلس بتسلم زمام الأمور، وإصدار مراسيم سيادية تنهي المراحل الانتقالية فوراً، إضافة إلى تحديد موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل متزامن قبل نهاية العام الحالي".
خطوة في الطريق الصحيح
في المقابل، رحب عضو مجلس الدولة، عبد القادر حويلي، بـ"الخطوة التي أقدم عليها المجلس الرئاسي بتحديد العناصر الحاكمة لخريطة طريق جديدة لإنهاء المراحل الانتقالية عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتكليف النائب عبد الله اللافي بإجراء المشاورات العاجلة مع الأطراف السياسية".
وقال حويلي، إن "هذه الخطوة وإن كانت متأخرة تأتي في إطار مشروع المصالحة الوطنية الذي أطلقه الرئاسي سابقاً".
مبادرة نجل القذافي
بالتزامن مع مبادرة المجلس الرئاسي، أعلن خالد الزايدي، محامي سيف الإسلام القذافي، الثلاثاء، طرح موكله مبادرة لحل الأزمة السياسية في ليبيا، تدعو جميع الشخصيات السياسية وهو أولهم إلى الانسحاب من الساحة وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تفرز وجوهاً جديدة يختارها الليبيون.
وقال الزايدي، إن "المبادرة وضعت خيارين، الأول أن تقوم جهة محايدة بوضع الترتيبات الإدارية والقانونية لتنفيذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عاجلة غير إقصائية يشارك فيها الجميع، لكن هذا الخيار يبدو صعباً في ظل الظروف الحالية".
وأوضح، أن "الخيار الثاني يتمثل في انسحاب الشخصيات السياسية الحالية من العملية الانتخابية بشكل جماعي من دون استثناء وفسح المجال أمام شخصيات ووجوه جديدة يختارها الليبيون عبر انتخابات شفافة، كمحاولة أخيرة للحل السلمي، باعتبار أن الخلاف يدور حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، ومحاولة وضع شروط لإقصاء شخصيات بعينها".
وتابع محامي القذافي، "قدمنا مبادرة سابقة لكل الأطراف السياسية وبعثة الأمم المتحدة لصعوبة إجراء الانتخابات الرئاسية، تنص على إجراء انتخابات برلمانية وتأجيل الانتخابات الرئاسية، على أن يشكل البرلمان الجديد الحكومة وهي التي تشرف على الانتخابات الرئاسية، لكن جرى رفض هذه المبادرة".