لا تزال اليابان تحت وقع الصدمة غداة اغتيال رئيس وزرائها السابق شينزو آبي، الذي نقلت جثته إلى طوكيو من منطقة في غرب البلاد حيث كان تعرض لهجوم بالرصاص، وأثار اغتيال أحد أشهر سياسيي الأرخبيل، الذي حكم البلاد أكثر من ثماني سنوات مشاعر من الحزن العميق في اليابان وخارجها، ووصل الموكب الذي ينقل الجثمان من مدينة نارا (غرب البلاد) حيث قتل، إلى طوكيو، في أجواء من الحزن. وشاهدت صحافية من وكالة الصحافة الفرنسية سيارة لنقل الموتى تصل إلى مقر إقامة آبي في طوكيو. وظهر في لقطات بثها التلفزيون قادة من الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي كان ينتمي إليه رئيس الوزراء السابق وهم يرتدون ملابس سوداء ويقفون في طابور باحترام.
وأقر منفذ الهجوم الذي أوقف في مكان الواقعة، بأنه استهدف آبي عمداً، موضحاً للشرطة أنه كان حاقداً على منظمة اعتقد أن رئيس الوزراء السابق على ارتباط بها. وذكر عدد من وسائل الإعلام اليابانية أن الأمر يتعلق بمجموعة دينية.
ووصل موكب يحمل جثمان آبي إلى منزله في العاصمة طوكيو، وتوافد المعزون إلى منزله والمكان الذي شهد اغتياله في مدينة نارا بغرب البلاد.
وفي اليوم الأخير من الحملة الدعائية قبل انتخابات مجلس المستشارين غدا الأحد، وُضع جهاز للكشف عن المعادن في موقع يلقي فيه رئيس الوزراء فوميو كيشيدا كلمة في مدينة جنوب غربي طوكيو، في إجراء أمني غير معتاد في اليابان، إلى جانب زيادة انتشار الشرطة.
وتراجع السلطات التدابير الأمنية التي كانت متخذة في الفعالية التي شهدت إطلاق النار على آبي من مسافة قريبة.
وقالت ناتسومي نيوا، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 50 عاماً، بعد أن وضعت مع ابنها البالغ من العمر عشر سنوات زهوراً بالقرب من موقع حادثة الاغتيال عند محطة للقطارات بوسط المدينة "صدمني حدوث شيء كهذا في نارا".
وأضافت أن آبي، وهو سياسي محافظ وضع سياسة تهدف إلى إنعاش الاقتصاد الياباني، ألهمها اختيار اسم ابنها ماساكوني عندما نادى للاتحاد تحت شعار "أمة جميلة". وتعني "كوني" الأمة باللغة اليابانية.
واصطف أكثر من 100 شخص في نارا في منتصف النهار لوضع الزهور على طاولة عليها صورة آبي، بينما توافد المزيد.
وقالت وسائل إعلام يابانية إن وقفة مسائية ستنظم يوم الاثنين على أن تقام جنازة آبي يوم الثلاثاء المقبل بحضور أصدقائه المقربين. ولم ترد أنباء حتى الآن عن إقامة أي مراسم تأبين عامة.
وتسعى الشرطة جاهدة لمعرفة تفاصيل دوافع قاتل آبي..
إقبال كبير متوقع في الانتخابات
واستؤنفت الحملة الانتخابية في اليوم الأخير من الدعاية قبل انتخابات مجلس المستشارين التي يُتوقع أن يفوز بها الائتلاف الحاكم بقيادة كيشيدا، الذي يعتبر تلميذاً لآبي.
وعاد كيشيدا إلى مسار حملته الانتخابية حيث زار دوائر إقليمية بعد العودة بشكل طارئ إلى طوكيو أمس الجمعة في أعقاب إطلاق النار.
وكتب محللون في مجموعة أوراسيا في مذكرة أن اغتيال آبي "يزيد احتمال إقبال أقوى (على التصويت) ودعم أكبر لحزبه الديمقراطي الحر".
وكان من المتوقع بالفعل أن يفوز الحزب بمقاعد حتى قبل الاغتيال.
وكتب جيمس برادي نائب رئيس شركة تينيو الاستشارية في مذكرة أن الأداء الانتخابي القوي "يمكن أن يحفز كيشيدا للضغط من أجل تحقيق هدف آبي غير المنجز بتعديل الدستور الياباني للسماح بدور أقوى للجيش".
وذكرت وكالة كيودو للأنباء أن كيشيدا زار منزل آبي في طوكيو اليوم السبت لتقديم التعازي، كما توافد مشيعون يمسكون الزهور ومسؤولون سياسيون انحنوا مع وصول النعش الذي يضم الجثمان.
ولعب رئيس الوزراء السابق دوراً رئيسياً في تشكيل المجموعة الرباعية التي تهدف إلى مواجهة نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي. وعبر الأعضاء الآخرون، وهم الولايات المتحدة والهند وأستراليا، عن صدمتهم إزاء الاغتيال في بيان مشترك.
الحملة الانتخابية
وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أن الاستعدادات للانتخابات ستستمر وقال "علينا أن ندافع بشكل مطلق عن انتخابات حرة ونزيهة والتي هي أساس الديمقراطية ولن نستسلم للعنف أبداً".
وكان رئيس الوزراء السابق البالغ 67 سنة يلقي خطاباً في تجمع انتخابي قبل انتخابات مجلس الشيوخ عندما سمع أزيز رصاص.
وعلى الفور تم اعتقال مطلق النار ونزع سلاحه. وقال عدد من وسائل الإعلام اليابانية إن المشتبه فيه التحق في الماضي في "القوة البحرية للدفاع الذاتي" أي سلاح البحرية الياباني.
أصغر رئيس وزراء بعد الحرب
وينتمي آبي لعائلة سياسية وأصبح أصغر رئيس وزراء في اليابان بعد الحرب. وتم نقل آبي إلى مستشفى نارا بعد إطلاق النار قبل إعلان وفاته في وقت متأخر بعد الظهر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوالت ردود الفعل المنددة من جميع أنحاء العالم بعد الهجوم.
وتطبق اليابان واحداً من أشد القوانين صرامة في مراقبة الأسلحة في العالم. وعدد القتلى في حوادث إطلاق نار في هذا البلد الذي يضم 125 مليون نسمة، ضئيل جداً.
وإجراءات الحصول على ترخيص بندقية طويلة ومعقدة حتى للمواطنين اليابانيين الذين عليهم أولاً الحصول على توصية من جمعية الرماية ثم الخضوع لمراقبة صارمة من الشرطة.
بايدن "غاضب"
من جانب آخر، أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال اتصال هاتفي يوم الجمعة غضبه بشأن اغتيال آبي.
وقال البيت الأبيض في بيان إن "الرئيس بايدن اتصل برئيس الوزراء الياباني كيشيدا اليوم للتعبير عن غضبه وحزنه وتعازيه العميقة في مقتل رئيس الوزراء السابق شينزو آبي بالرصاص".
حزين جداً
ووجه الرئيس الصيني شي جينبينغ برقية تعزية إلى رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في اغتيال آبي، حسب وسائل الإعلام الحكومية الصينية، وذكرت قناة التلفزيون الحكومية "سي سي تي في" أن الرئيس شي "ونيابة عن الصين حكومة وشعباً، وباسمه شخصياً، أعرب عن تعازيه الحارة في وفاة رئيس الوزراء السابق شينزو آبي"، وأضافت أنه "حزين جداً لهذه الوفاة المفاجئة".