حكمت محكمة سويدية الخميس على مسؤول إيراني سابق بالسجن مدى الحياة بتهمة المشاركة في إعدام سجناء سياسيين بإيران في الثمانينيات من القرن الماضي.
وكان حميد نوري اعتقل بمطار استوكهولم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، بعد أن قدّم معارضون إيرانيون في السويد شكاوى ضده لدى الشرطة، وحوكم منذ أغسطس (آب) 2021 أمام محكمة العاصمة السويدة بتهمة المشاركة في جرائم حرب بتنفيذ عمليات إعدام جماعي وتعذيب سجناء سياسيين في سجن كوهردشت في كرج بإيران.
وقالت قناة العالم الإيرانية الناطقة بالعربية إن وزارة الخارجية الايرانية استدعت الخميس القائم بالأعمال السويدي في طهران وسلمته مذكرة احتجاج رسمية بعد إصدار الحكم.
الرد بالمثل
وأدت محاكمة نوري إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين استوكهولم وطهران. وبعد يومين من انتهاء المحاكمة، في مايو (أيار) الماضي، أعلنت استوكهولم أن سويدياً اعتقل في إيران بتهمة التجسس.
وخلال محاكمته التاريخية في السويد، ندد نوري بالاتهامات الموجهة إليه، واصفاً إياها بـ"الأكاذيب". وذكر في بيان للمحكمة قبل مساءلته، "كل ما سمعناه هو عبارة عن عناصر مكررة، لكن عندما تتعمقون في التفاصيل تدركون أنها غير منطقية. سأضع حداً لـ33 عاماً من الأكاذيب والاتهامات".
وتفيد مجموعات حقوقية بأن ما يقرب من 5000 سجين قتلوا في أنحاء إيران، بأمر من مؤسس النظام آية الله روح الله الخميني، رداً على هجمات نفذتها منظمة "مجاهدي خلق" في نهاية الحرب العراقية- الإيرانية 1980- 1988.
ومثل نوري أمام المحكمة للمرة الأولى في 23 نوفمبر الماضي، فيما تظاهر عشرات أعضاء "مجاهدي خلق" خارج مقر المحكمة وسط استوكهولم.
وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يحاكم فيها مسؤول إيراني على خلفية حملة التطهير، وأفاد الادعاء بأن نوري شارك في إصدار أحكام الإعدام وجلب السجناء إلى غرفة الإعدام وساعد المدعين في وضع قوائم أسماء السجناء.
الشهود يحاصرون المتهم
وسبق لنوري أن أصر عبر محاميه على أنه لم يكُن حاضراً وقت وقوع عمليات القتل، في حين أوضح محامي أحد المدعين المدنيين كينيث لويس لوكالة الصحافة الفرنسية، "يقول إنه لم يكُن موجوداً حينها، لكن لدينا 58 شخصاً يقولون إنه كان حاضراً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأدلى عدد من الشهود، بينهم أعضاء حاليون أو سابقون في "مجاهدي خلق" بشهاداتهم خلال جلسات المحاكمة. وقال أحدهم ويدعى رضا فلاحي، "عندما كنت في ممر الموت... كانت لدي فرصة لرؤيته وشهدت بأنهم كلما تلوا أسماء بعض الأشخاص، تبعهم هو باتجاه غرفة الموت". وأضاف، "كان يعود بعد نحو 45 دقيقة مثلاً، ليتكرر الأمر ذاته".
ويعني مبدأ الاختصاص القضائي العالمي المطبق في السويد أنه بإمكان محاكمها مقاضاة شخص بتهم خطيرة مثل القتل أو جرائم الحرب بصرف النظر عن مكان وقوع الجرائم المفترضة.
وبعد جمع ملف أدلة مكون من "آلاف الصفحات" عن نوري، تم استدراجه إلى السويد - حيث لديه أقارب - بناء على وعود برحلة بحرية سياحية فخمة.
واتهمت كريستينا ليندهوف كارلسون، المدعية العامة السويدية، نوري بـ"تعمد إزهاق أرواح عدد كبير جداً من السجناء المتعاطفين مع أو المنتمين لمجاهدي خلق"، إلى جانب آخرين اعتبروا معارضين لـ"دولة إيران الدينية".
الرئيس داخل الدائرة
وتُعدّ القضية في غاية الحساسية في إيران، إذ يتهم ناشطون شخصيات حكومية حالية بلعب دور في عمليات القتل، أبرزهم الرئيس إبراهيم رئيسي نفسه.
وفي 2018، اتهمت منظمة العفو الدولية الرئيس السابق للسلطة القضائية في إيران بالانضواء في "لجنة الموت" التي كانت وراء الإعدامات السرية.
ولدى سؤاله عن القضية في عامي 2018 و2020، نفى رئيسي ضلوعه فيها لكنه أثنى على "الأمر" الذي أصدره الخميني الذي توفي عام 1989، بتنفيذ عمليات تطهير.
وقال شاهد آخر يعيش حالياً في المملكة المتحدة ويدعى أحمد إبراهيمي، "أريد أن يتوصل المجتمع الدولي إلى استنتاج بأن لا مخرج... عليهم وقف سياسات مهادنة هذا النظام".
بالنظر في القضية بعيداً من مكان وقوع الجرائم، شكك الدفاع في شهادة المدعين. وقال دانيال ماركوس أحد محامي نوري للمحكمة، "هناك كثير من الشكوك حول الطريقة التي برز فيها اسم حميد نوري في الشهادات"، واصفاً الأدلة بأنها "غير كافية".
أصوات الضحايا
وبحسب الادعاء والناجين الذين شهدوا ضده، كان نوري في ذلك الوقت نائب المدعي العام المساعد في سجن كوهردشت بالقرب من طهران، وأصدر أحكاماً بالإعدام ونقل السجناء إلى غرفة الإعدام، وساعد المدعين العامين في جمع أسماء السجناء.
قال نوري إنه كان في إجازة خلال الفترة المذكورة وإنه عمل في سجن آخر وليس في سجن كوهردشت. وطوال المحاكمة التي استمرت تسعة أشهر وانتقلت لفترة وجيزة إلى ألبانيا للاستماع إلى بعض الشهادات في نهاية عام 2021، احتج أنصار "مجاهدي خلق" بصوت عالٍ خارج محكمة استوكهولم.