بدأت التجارة الإلكترونية النمو في السعودية خلال العقد الأخير، مما دفع الحكومة إلى سن قوانين لضبط عمليات البيع والشراء عبر المواقع والتطبيقات، إذ وضعت وزارة التجارة والاستثمار نظاماً لتلك التجارة في البلاد عام 2015 ووافق عليه مجلس الشورى العام 2018 ليقره مجلس الوزراء في يوليو (تموز) 2019، كما عملت الوزارة على تطويره لحفظ حقوق المستخدمين للشبكة العنكبوتية، سواء كانوا بائعين أم مستهلكين، وتم تعديله العام 2019.
وعلى الرغم من ذلك فإن معدلات الإقبال مع بداية التجارة الإلكترونية في السعودية، بحسب إحصاءات البنك المركزي السعودي، لم تتجاوز في اليوم الواحد 28 مليون ريال (7.46 مليون دولار) عام 2019، لترتفع بشكل مضاعف خلال جائحة كورونا التي أسهمت بشكل كبير في رفع معدلات الإقبال على الشراء عبر الإنترنت بالبلاد لتصل إلى 107 ملايين ريال (28 مليون دولار) يومياً في عام الجائحة 2020، وما ترتب عليها من إغلاق عام وحجر منزلي.
ومع بدء العودة للحياة الطبيعية ارتفع معدل عمليات الشراء عبر التطبيقات الإلكترونية بما يقارب الضعف حتى وصل عام 2021 إلى 204 ملايين ريال (54 مليون دولار) يومياً، ليتضاعف بشكل كبير خلال العام الحالي ويصل إلى 300 مليون ريال (79.93 مليون دولار يومياً).
خطة طموحة
المتخصص في التجارة الإلكترونية محمود أكرين يرى أن السبب في رفع معدلات الشراء عبر الإنترنت يرجع إلى أن دول الخليج بوجه العموم والسعودية بخاصة عملت منذ خمسة أعوام على وضع خطة طموحة لرقمنة الاقتصاد وتوجيه سلوكيات المستهلكين نحو الاعتماد على وسائل الدفع الإلكتروني، لما فيها من فوائد إيجابية في تسهيل التعاملات التجارية وخفض كلف التعامل النقدي على الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تقليل الكلف التشغيلية للمتاجر، وكذلك تعزيز الشفافية في التعاملات المالية.
وقال أكرين، "بفضل هذه السياسة بلغت حصة المدفوعات الإلكترونية في السعودية 57 في المئة عام 2021 من إجمال جميع عمليات الدفع المتاحة، متجاوزة بذلك النسبة المستهدفة ضمن برنامج تطوير القطاع المالي، وهو أحد برامج ’رؤية 2030’ التي حددت بـ55 في المئة للعام 2021".
وأشار إلى أن مجلس الوزراء السعودي وافق على استراتيجية التقنية المالية التي أكد وزير المالية محمد الجدعان على أنها تجسيد لدعم القطاع المالي وللتقنية المالية من أجل التنويع الاقتصادي ورفع مستوى الخدمات المقدمة وتعزيز مكانة الرياض عالمياً في مجال التقنية المالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مستقبل هذه التجارة
ولفت أكرين إلى أن التقدم التكنولوجي بشكل مطرد وانتشار منصات ومتاجر التسويق الإلكتروني على نطاق واسع حول العالم وتطوير أدوات علمها كجزء من التنافس في ما بينها، سيسهم بنمو هذه التجارة بشكل مذهل خلال السنوات المقبلة.
وأضاف، "الحقيقة أن التجارة الإلكترونية في السعودية نمت بسرعة كبيرة أدهشت كثيراً من الدول الأخرى"، منوهاً في الوقت ذاته بأن القيادة السعودية تعمل على تعزيز نهج التوسع في قطاع المدفوعات الإلكترونية والتحول الرقمي في المدفوعات وتطوير البنية التحتية الداعمة لتفعيل استخدام القنوات الإلكترونية كجزء من خطة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الدفع الإلكتروني وتقليل الاعتماد على التعامل النقدي للوصول بنسبة المدفوعات الإلكترونية إلى 70 في المئة بحلول العام 2025.
واستطرد أكرين أن "بيانات البنك المركزي السعودي خير دليل على المستقبل الذي ينتظر هذه التجارة، فمعدلات النمو القياسية التي شهدتها مدفوعات البطاقات عبر نظام المدفوعات الوطني (مدى) سجلت قفزات متصاعدة خلال الأعوام الماضية، ففي نهاية عام 2021 بلغ عدد العمليات أكثر من 5.1 مليارات عملية، بنسبة نمو بلغت 81 في المئة مقارنة بـ 76 في المئة عام 2020، إضافة إلى التوسع الملحوظ في أعداد أجهزة نقاط البيع وقاعدة انتشارها التي شملت قطاعات تجارية مختلفة، إذ تجاوز العدد الإجمالي أكثر من مليون جهاز بنهاية العام 2021، لتشكل قرابة 95 في المئة من إجمالي عمليات نقاط البيع عام 2021، مقارنة بـ721 ألف جهاز بنهاية عام 2020.
عوامل مساعدة
وأشار أكرين إلى أن هناك أسباباً وعوامل عدة أسهمت مجتمعة في ارتفاع معدلات الإقبال على الشراء الإلكتروني وعبر التطبيقات، ومن أبرزها التوجه نحو رقمنة الاقتصاد وتوفير وسائل الدفع الإلكتروني لأنشطة الخدمات الشخصية.
وقال إن "المبيعات عبر الإنترنت أثبتت أنها توفر جودة عالية ومميزة للمنتجات المقدمة من خلال نظام الفاعلية الذي تمت إقامته لاستمرار تحسين نظام الجودة في مختلف أنحاء العالم وبما فيه الرياض".