قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم السبت إنها أمرت قواتها في أوكرانيا بتكثيف عملياتها بينما كانت الصواريخ تتساقط ضمن أحدث سلسلة من الضربات التي تقول كييف إنها أودت بحياة عشرات الناس خلال الأيام الماضية.
وفي أحدث ضربات، قال أوليج سينهوبوف حاكم منطقة خاركيف إن الصواريخ أصابت بلدة تشوهيف التابعة للمنطقة الواقعة بشمال شرق البلاد مما أدى لمقتل ثلاثة أشخاص، منهم امرأة تبلغ من العمر 70 عاما، وإصابة ثلاثة آخرين.
وجنوبا، قال فالنتين ريزنيشنكو حاكم إقليم دنيبروبتروفسك إن أكثر من 50 صاروخا روسيا من طراز جراد سقطت على مدينة نيكوبول المطلة على نهر دنيبرو. وقالت خدمات الطوارئ إن اثنين قتلا.
وتقول أوكرانيا إن عدد قتلى هذه الهجمات على المناطق الحضرية بلغ نحو 40 خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان على موقعها على الإنترنت إن وزير الدفاع سيرجي شويجو أمر الوحدات العسكرية بتكثيف عملياتها لمنع توجيه ضربات لشرق أوكرانيا ومناطق أخرى تسيطر عليها روسيا.
وأضافت أن شويجو "أعطى التعليمات اللازمة لزيادة تحركات المجموعات في جميع مناطق العمليات من أجل استبعاد احتمال قيام نظام كييف بشن ضربات صاروخية ومدفعية مكثفة على البنية التحتية المدنية وسكان التجمعات في دونباس ومناطق أخرى".
وقالت الوزارة إن شويجو أصدر الأمر بعد الاستماع في مركز للقيادة إلى تقارير من جنرالات يقودون مجموعات قيادة "الجنوب" و"الوسط" للقوات الروسية التي تنفذ عمليات في أوكرانيا، بالإضافة إلى قادة آخرين.
ولم يتضح من البيان، أو اللقطات الصامتة المتاحة، بالضبط موعد عقد الاجتماع أو ما إن كان شويجو والقادة في ذلك الوقت داخل أوكرانيا.
وقالت أوكرانيا أمس الجمعة إن الضربات الصاروخية الأوكرانية باستخدام أنظمة قدمها الغرب دمرت أكثر من 30 مركزا لوجستيا عسكريا روسيا في الأسابيع الماضية وقللت بشكل كبير من قدرة القوات الروسية على الهجوم.
تدمير مصنع صواريخ
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان اليوم السبت إن القوات المسلحة الروسية دمرت مصنعا في مدينة دنيبرو الأوكرانية ينتج أجزاء من صواريخ توشكا-يو الباليستية.
وأضافت الوزارة أن القوات الروسية أسقطت أيضا ثلاث طائرات أوكرانية وطائرتي هليكوبتر.
وكان رئيس شركة "إنرجو أتوم" الأوكرانية، المملوكة للدولة والمشغلة لمحطات الطاقة النووية، أعلن الجمعة 15 يوليو (تموز) الحالي، أن الجيش الروسي نشر قاذفات صواريخ في موقع محطة الطاقة النووية في زابوريجيا (جنوب) الخاضعة للسيطرة الروسية منذ بداية مارس (آذار)، وأنه يستخدمها خصوصاً لقصف منطقة نيكوبول.
وقال بيترو كوتين، رئيس "إنرجو أتوم" على "تليغرام" بعد مقابلة تلفزيونية على قناة "يونايتد نيوز" الأوكرانية، "عمدت القوات الروسية إلى تركيب أنظمة إطلاق صواريخ على أراضي محطة الطاقة النووية في زابوريجيا ويقصفون منطقة نيكوبول انطلاقاً من هناك".
وأضاف، "الوضع (في محطة الطاقة) متوتر جداً، والتوتر يتزايد يوماً بعد آخر. الروس يجلبون أجهزتهم إلى هناك بما في ذلك أنظمة صواريخ سبق أن استخدموها في القصف".
وأشار إلى أن هناك ما يصل إلى 500 جندي روسي في موقع المحطة، مؤكدا أنهم "يسيطرون على الموقع".
انتقادات لوكالة الطاقة الذرية
وقال كوتين، إن "معدات ثقيلة (دبابات وعربات مدرعة)، وشاحنات محملة أسلحة ومتفجرات لا تزال متوقفة في موقع المحطة"، معتبراً أن الضغط "غير كاف" لإجبارهم على المغادرة، وانتقد في شكل خاص الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
واعتبر أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية تلعب لعبة سياسية تتأرجح بين روسيا وأوكرانيا".
وأضاف، "لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كثير من الموظفين من روسيا"، متحدثاً عن أن عددهم يبلغ نحو 100، قائلاً، "حتى النائب الأول للمدير العام للوكالة رافاييل غروسي، (يتحدر) من روسيا". واعتبر أن هذا السبب هو ما يفسر "موقفهم المتحفظ".
وفقاً لموقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لدى غروسي ستة مساعدين بمن فيهم الروسي ميخائيل شوداكوف الذي عين في 2015. وتقول المنظمة إنها توظف 2500 شخص من أكثر من 100 دولة.
وشدد غروسي، الخميس في بيان، على "أهمية" أن تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من زيارة المحطة من أجل تنفيذ "عمليات أمن وسلامة وحماية أساسية لأكبر محطة نووية في أوكرانيا".
ولم يتمكن وفد الوكالة من التوجه إلى هناك منذ الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط). وتعارض السلطات الأوكرانية زيارة كهذه، معتبرة أنها ستضفي شرعية على الوجود الروسي في الموقع في نظر المجتمع الدولي"، بحسب ما قالت "إنرجو اتوم" منذ أسابيع.
وكرر غروسي التعبير عن "مخاوفه المتزايدة" بشأن الظروف التي يجد موظفو الموقع الأوكرانيون أنفسهم فيها و"تأثير ظروف كهذه على أمن المحطة وسلامتها".
وفاة بريطاني معتقل في أوكرانيا
قالت وزارة الدفاع البريطانية اليوم الجمعة إن القوات الروسية تتقدم ببطء غرباً في أعقاب قصف وهجمات لجمع المعلومات باتجاه بلدة سيفيرسك في منطقة دونيتسك الأوكرانية انطلاقاً من ليسيتشانسك.
وذكرت الوزارة في نشرة دورية على "تويتر" أنه "من المرجح أن تكون باخموت الهدف التالي بمجرد السيطرة على سيفيرسك".
يأتي هذا في الوقت الذي أعلن الانفصاليون الموالون لموسكو اليوم الجمعة وفاة البريطاني بول يوراي الذي اعتقلته القوات الموالية لروسيا في أوكرانيا.
وقال ممثل عن "جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من جانب واحد على موقع "تليغرام" إن يوراي "توفي في العاشر من يوليو (تموز)" مضيفا أنه كان مصاباً بداء السكري.
وتقول منظمات غير حكومية إن يوري كان يعمل في المجال الإنساني كمتطوع لتقديم المساعدات في أوكرانيا، بينما يشدد الانفصاليون المدعومون من موسكو على أنه كان جندياً "محترفاً".
قتلى في وسط أوكرانيا
وقُتل 23 شخصاً في الأقل بينهم ثلاثة أطفال أمس الخميس في غارات على مدينة في وسط أوكرانيا، الأمر الذي وصفه الرئيس فولوديمير زيلينسكي بـ"العمل الإرهابي السافر".
واستهدفت الغارات منطقة تقع على بعد مئات الكيلومترات من الخطوط الأمامية، في وقت تستضيف فيه لاهاي مؤتمراً حول الجرائم المرتكبة في أوكرانيا.
وفي مداخلة عبر الفيديو أمام المؤتمر الذي تنظمه المحكمة الجنائية الدولية والمفوضية الأوروبية وهولندا، دعا زيلينسكي إلى إنشاء "محكمة خاصة" للتحقيق "في جرائم العدوان الروسي على أوكرانيا".
وفي فينيتسيا أظهرت الصور التي نشرتها خدمة حالات الطوارئ الأوكرانية عشرات الجثث المتفحمة ومبنى من عشرة طوابق دمره الانفجار والحريق الذي أعقبه.
وأشار الجيش الأوكراني إلى أن "ثلاثة صواريخ" استهدفت موقفاً للسيارات والمبنى التجاري وسط المدينة الذي يحتوي على مكاتب وشركات صغيرة. وأوضح المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية يوري إغنات أن غواصات في البحر الأسود أطلقت هذه الصواريخ.
وبعد الغارات قال زيلينسكي في مداخلته أمام مؤتمر لاهاي الذي يشارك فيه وزراء العدل والخارجية الأوروبيون "كل يوم، تقتل روسيا مدنيين وتقتل أطفالاً أوكرانيين، وتطلق الصواريخ على أهداف مدنية حيث لا يوجد شيء عسكري. ما هذا إذا لم يكن عملاً إرهابياً سافراً؟".
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالهجوم "المروع"، داعياً إلى محاسبة المسؤولين عن مثل هذه الهجمات التي تطال مدنيين.
كما ندد الاتحاد الأوروبي بـ"أشد العبارات" بالضربات الروسية على فينيتسيا، على ما جاء في بيان.
غارات على الجنوب
كانت الضربات الروسية بعيداً من الخطوط الأمامية للجبهة نادرة نسبياً على مدى أسابيع عدة. ولكن الحرب تتسع وتستعر حول مناطق مثل ميناء ميكولايف الاستراتيجي في الجنوب القريب من البحر الأسود والذي كان في وقت مبكر من صباح الخميس هدفاً "لضربة صاروخية هائلة"، لليوم الثاني على التوالي.
وقالت الرئاسة الأوكرانية في إيجازها الصباحي اليومي "تضررت مدرستان والبنية التحتية للمواصلات وفندق".
وأظهرت الصور التي نشرتها السلطات المحلية بقايا مبنى دمره القصف، فيما كان عمال البلدية ينظفون الحطام الذي خلفه الهجوم.
وشنت كييف منذ أسابيع عدة هجوماً مضاداً لاستعادة خيرسون، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً من ميكولايف والعاصمة الإقليمية الوحيدة التي سيطرت عليها موسكو منذ 24 فبراير (شباط).
وبينما لا يزال خط المواجهة مستقراً نسبياً تشن أوكرانيا هجمات قوية بشكل متزايد عبر استخدام أنظمة صاروخية أميركية وأوروبية جديدة تستهدف مستودعات الأسلحة.
"نصر كامل"
تبقى المعارك الأساسية مركزة في شرق أوكرانيا وفي دونباس، الحوض الصناعي والتعديني الذي توعدت موسكو باحتلاله بشكل كامل.
وأشار محافظ منطقة لوغانسك، سيرغي غايداي، إلى أن "هجمات المدفعية وقذائف الهاون تتواصل ويحاول الروس اقتحام سيفرسك وفتح الطريق نحو باخموت"، حيث قُتل مدني في قصف ليل الأربعاء الخميس.
ويؤكد الانفصاليون المدعومون من موسكو أنهم باتوا قريبين من تحقيق نصر جديد بعد أيام من سيطرتهم على مدن عدة مهمة.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية "تاس" عن المسؤول الانفصالي دانييل بيزونوف قوله إن "سيرفسك باتت تحت سيطرتنا العملية، ما يعني أن بإمكاننا استهداف العدو في كل المنطقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في مكان أبعد قليلاً نحو الشمال في منطقة إزيوم، قال جندي موجود في متاهة الخنادق التي حفرها الجيش الأوكراني على امتداد عشرات الأمتار لوكالة الصحافة الفرنسية على صوت المدفعية، "نحفر عندما يكون الجو هادئاً، ونختبئ عندما يبدأ إطلاق النار".
إلا أن أحد الضباط أكد أن "الوضع تحت السيطرة"، مشيراً إلى أن الجيش الروسي لم يعد يتقدم في هذه المنطقة، وأن الهدف هو "نصر كامل".
وفي غضون ذلك أعلنت السلطات التي عينتها موسكو في منطقة زابوريجيا الأوكرانية التي يحتلها الجيش الروسي جزئياً الخميس، رغبتها في تنظيم استفتاء على ضمها من قبل روسيا في بداية الخريف.
وقال يفغيني باليتسكي، رئيس الإدارة المدنية والعسكرية التي أقيمت في هذه المنطقة التي يسيطر عليها الروس "اتخذتُ قراراً بإجراء استفتاء في بداية الخريف".
كييف تحض على مراقبة شحنات الأسلحة الغربية
ودعا مساعد للرئيس الأوكراني الخميس المشرعين إلى تشكيل لجنة مراقبة تشرف على الأسلحة التي تتسلمها أوكرانيا من حلفائها الغربيين للمساعدة في صد الهجوم الروسي.
ويأتي هذا الاقتراح بعد أن أثارت بروكسل مخاوف بشأن تهريب أسلحة من أوكرانيا إلى عصابات الجريمة المنظمة في أوروبا.
وقال مدير الرئاسة الأوكرانية أندريه يرماك على "تليغرام"، "البرلمان كسلطة تشريعية يجب أن يشارك في مراقبة مساعدات الحلفاء الدفاعية. هدفنا أن نكون على أكبر قدر من الشفافية في ظل قانون الطوارئ".
وأضاف أن جميع الأسلحة التي قدمها الغرب "مسجلة وجرى إرسالها إلى الجبهة".
وأشار يرماك إلى أن لجنة المراقبة ستتعامل مع "القضايا المتعلقة بالرقابة على استخدام الأسلحة الواردة من شركائنا"، مؤكداً أن "الشفافية هي أفضل وصفة ضد التلاعب والتضليل من قبل روسيا".
وقال الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع إنه بصدد إنشاء مركز في مولدافيا لمحاربة الجريمة المنظمة، لا سيما تهريب الأسلحة من أوكرانيا المجاورة.
وقالت كييف إنها تراقب من كثب الأسلحة التي تتلقاها من الشركاء الغربيين، وإن الإشراف على عمليات التسليم يمثل "أولوية" للحكومة، كما اتهمت روسيا بنشر دعاية مضللة حول انتشار تهريب الأسلحة من أوكرانيا.
وأصبحت الأسلحة الفردية متاحة بشكل متزايد في أوكرانيا بعد النزاع الذي اندلع عام 2014 بين الانفصاليين المدعومين من موسكو في الشرق والجيش الأوكراني.
نقاشات حول الحبوب
من جانب آخر أحرزت روسيا وأوكرانيا الأربعاء خلال اجتماع للخبراء العسكريين في إسطنبول تقدماً بشأن القضية الشائكة المتمثلة في منع صادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه جرى تسجيل "تقدم جوهري بالفعل"، معرباً عن أمله في إبرام "اتفاق رسمي" قريباً. وتحدث عن "بصيص أمل للتخفيف من المعاناة الإنسانية ومن الجوع في العالم".
ويهدف الاتفاق الذي تفاوض عليه غوتيريش على مدى أكثر من شهرين إلى إخراج نحو 20 مليون طن من الحبوب من الصوامع الأوكرانية عبر البحر الأسود، لا سيما في أوديسا، وتسهيل الصادرات الروسية من الحبوب والأسمدة.
وتعد أوكرانيا أحد المصدرين العالميين الرئيسين للقمح والحبوب الأخرى. وتوقف الصادرات ينذر باستمرار الارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية الذي يهدد بخطر المجاعة، لا سيما في أفريقيا.
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الخميس قبل اجتماع مجموعة العشرين في إندونيسيا، إن الحرب في أوكرانيا هي "التحدي الأكبر" للاقتصاد العالمي.
كما حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن الصراع في أوكرانيا "سيستمر"، وأن على الفرنسيين الاستعداد للاستغناء عن الغاز الروسي الذي تستخدمه موسكو "كسلاح حرب".
وقال مدير الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك إن "الأسلحة التي يزودنا بها الغرب مسجلة وجرى إرسالها إلى الجبهة" لكن لجنة مراقبة برلمانية ستجعل العملية "على أكبر قدر من الشفافية".