Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ويكيبيديا" لا تقدم ما يكفي من تمثيل النساء على صفحاتها

السير الذاتية للاعبي كرة القدم لا تضم سوى 6.5 في المئة من الجنس الآخر فيما تستضيف إنجلترا بطولة نسوية أوروبية

تعاني النساء استمرار التمييز ضدهن وتجاهل انجازاتهن (بيكساباي)

باتت موسوعة "ويكيبيديا" جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للأفراد. إنها أكثر من مجرد مخزن للمعلومات البشرية، ويعني وجودها في كل مكان أنها تضطلع بدور حقيقي في تشكيل مجتمعاتنا.

وتحظى النسخة الإنجليزية من "ويكيبيديا" بأكثر من 250 مليون تصفح لمعلوماتها في اليوم، وفي بعض الأحيان نبحث عن مصدر لمعلومات موثوقة في بحث موجه، وينتهي بنا المطاف في أحيان أخرى باستكشاف سلسلة لا نهاية لها من الروابط الإلكترونية، بحيث يؤدي بحث فردي أو جماعي هدفه الحصول على أجوبة إلى التنقل من موضوع عشوائي إلى آخر.

لكن إذا ما عدنا إلى الوراء للتفكير في ما جرى تدوينه ضمن الموسوعة وما لم يدون، والأشخاص الذين وُثقت حياتهم وإنجازاتهم على صفحاتها، والذين لم تجر الكتابة عنهم والجهات التي تدون المعلومات وما هي وجهات نظرها، يتضح أن هذه الموسوعة الإلكترونية تشكل تعبيراً عن المجتمع، وكذلك فإنها تعبر عن الفوارق الموجودة بل تفاقمها إلى حد كبير. ويمكن أن يؤدي الطابع الديمقراطي الفريد لحقوق التحرير في "ويكيبيديا"، إذ إنه من الممكن نظرياً لأي فرد أن يتلاعب بالمعلومات أو يزيلها، إلى زيادة هذا التفاقم في الفوراق.

وكذلك يُلاحظ أنه من بين حوالى 1.9 مليون سيرة ذاتية لأفراد بارزين على موسوعة "ويكيبيديا" بالإنجليزية، من مؤلفين إلى علماء ومشاهير وأكاديميين وسياسيين ورياضيين، لا تحظى النساء إلا بـ 19 في المئة منها، وهذا يعني بشكل عام تمثيلاً غير متكافئ.

ومثلاً في ما يتعلق بالتغطية الإخبارية، يشكل الذكور 70 في المئة من الأشخاص الذين تمت رؤيتهم والاقتباس عنهم وسماعهم، ويؤلف الرجال حوالى 80 في المئة من الخبراء.

في المقابل، تأتي النساء ضمن التغطية الإخبارية السياسية مما يجعلهن موضوع تغطية سياسية وحكومية في حوالى 16 في المئة من الوقت، وحينما يُكون الخبراء الذكور معظم الآراء المسموعة، فستفتقر إنجازات النساء إلى الاعتراف العام بها، بل يجري التقليل من قيمة أعمالهن الدؤوبة.

واستطراداً، تبرز مسألة تمثيل المرأة في وسائل الإعلام وعلى صفحات "ويكيبيديا"، فحينما نجمع مقالات السيرة الذاتية وفق المهنة تكون هناك في الواقع مجموعة مختارة تحتوي على نساء أكثر من الرجال، لكن القائمة تتحدث عن نفسها. فالفئات الـ 25 الأولى التي ينطبق عليها هذا الوصف تشمل قوائم الراهبات والنساء الناشطات في إطار الدفاع عن حقوق المرأة والعاملات في مجال الجنس والعارضات المثيرات والزوجات الملكيات وربات المنازل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي منحى مقابل تستضيف إنجلترا هذا الشهر نهائيات "كأس أمم أوروبا في كرة القدم للسيدات" Women’s Euros التي ستتلقى خلالها سيدات فريقنا الوطني كثيراً من الدعم، وعلى الرغم من ذلك فإن السير الذاتية للاعبات كرة القدم على "ويكيبيديا" لا تشكل سوى 6.5 في المئة من إجمال سير لاعبي تلك اللعبة، وقد وضع مشروع "نساء باللون الأحمر" Women in Red [يتناول التحيز بين الجنسين في محتوى ’’ويكيبيديا’’ ويعنى بإنشاء محتوى يتعلق بالسير الذاتية للمرأة] آلافاً من اللاعبات البارزات في كرة القدم ضمن خانة "باللون الأحمر"، للإشارة إلى أنه لا يوجد ملف تعريف عنهن على "ويكيبيديا" على الرغم من إنجازاتهن. والأسوأ من ذلك أن عدد المداخلات على الموسوعة في شأن كرة القدم واللاعبين الذكور يفوق في الوقت الراهن تلك المتعلقة بالمرأة في مجموعها العام.

وليس الحال بأفضل من ذلك في عالم السياسة، إذ تترأس النساء دولاً أو حكومات في 22 بلداً، فيما لم تتول المرأة أي منصب قيادي في 119 دولة.

وعلى الرغم من أن نسبة أعضاء البرلمان من النساء في المملكة المتحدة في أعلى مستوياتها على الإطلاق، إلا أنهن لا يزلن يمثلن على نحو مخز ما لا يزيد على 34 في المئة من أعضاء مجلس العموم في الإجمال، وكذلك تمثل النساء مجرد 28 في المئة من أعضاء مجلس اللوردات. وتعبر "ويكيبيديا" في الواقع عن هذا التفاوت في المساواة، إذ لا تتعدى السير الذاتية عن السياسيات 13.3 في المئة من الإجمال.

وفي تطور متصل تعمل حملة جديدة على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان "تشينج ذا ستوري" #ChangeTheStory، أطلقتها منظمة "كير الدولية"  CARE International [وكالة إنسانية تقدم الإغاثة في حالات الطوارئ وتعنى بدعم مشاريع التنمية الدولية طويلة الأمد] ومؤسسة "ويكيميديا المملكة المتحدة"  Wikimedia UK، ومشروع "نساء باللون الأحمر"، على لفت النظر إلى أهمية زيادة عدد صفحات "ويكيبيديا" المتعلقة بالنساء، ويشكل الاعتراف بالنساء وحصولهن على دور تمثيلي زيادة في دعم المرأة والفرص المتاحة أمامها في مختلف أنحاء العالم. وفي الواقع لا يوجد نقص في النساء العظيمات، بل تكمن المسألة في حصولهن على فرصة كافية لإثبات حضورهن وسرد قصصهن، وبالتالي يعبر عالما "ويكيبيديا" والإنترنت عموماً عن طبيعة مجتمعاتنا ويمدانها بالمعرفة، ويشكلان في الوقت نفسه أحد أعراض عدم المساواة في المجتمع ومسبباً لها، مما يفاقم التحيزات الموجودة فعلياً.

في المقابل، يتوجب ألا يكون الواقع على هذا النحو، إذ يمكن للأفراد أن يصبحوا محررين وأن يساعدوا في تجسير الفجوات، ويمكنهم الانضمام إلى حملة "# تشينج زي ستوري" #ChangeTheStory ومساعدة "ويكيبيديا" على أن تكون جزءاً من التغيير بدل كونها جزءاً من المشكلة.

وكخلاصة، تجب الإشارة إلى أن تصحيح التوازن على "ويكيبيديا" يعد خطوة أولى نحو المساواة والعدالة الاجتماعية والاعتراف بقدرة المرأة، ويمكننا مساعدة "ويكي" على أن تصبح مكاناً واحداً وساحة عالمية واحدة تحصل فيها النساء باختلاف تنوعاتهن على الشرعية والسلطة والمكانة التي يستحققنها.

 

* هيلين بانكهورست تحمل "وسام الإمبراطورية البريطانية" وهي ناشطة وباحثة وكاتبة

 تعرفوا أكثر على مشروع "نساء باللون الأحمر"، وشاركوا في مهمة التحرير على "ويكيبيديا" للإسهام في "تصحيح الأخطاء" في ما يتعلق بتحسين الأنواع الاجتماعية على صفحاتها.

 نشر في "اندبندنت" بتاريخ 05 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من منوعات