في سيارة الإسعاف التي نقلت كريستيان إريكسن من استاد باركن إلى قسم الطوارئ في أكبر مستشفى في كوبنهاغن أخبر المسعفين المرافقين للاعب أنه يمكنهم أخذ حذائه لأنه لم يعد بحاجة إليه، إذ كان يُعتقد أن السكتة القلبية التي كادت أن تنهي حياته بشكل مأسوي أثناء اللعب في بطولة أوروبا "يورو 2020" الصيف الماضي قد أنهت مسيرته بالتأكيد، لكنه بعد أكثر من عام بقليل وقع عقداً للانضمام إلى مانشستر يونايتد.
كان تعافي إريكسن وعودته غير العادية للعب هي قصة الموسم الماضي السعيدة بخاصة أنها انتهت بمساعدة برينتفورد الصاعد حديثاً على تجنب الهبوط بشكل مريح بعدما كان فريق المدرب توماس فرانك على بعد ثلاث نقاط فقط من الهبوط، قبل مشاركة إريكسن الأولى في أوائل مارس (آذار) ولكن في 11 مباراة له حقق متوسط نقطتين لكل مباراة، وهو ما كان كافياً لقيادة برينتفورد إلى بر الأمان، وفي الواقع كان هذا المُعدل على مدار موسم كامل، يمكنه قيادة الفريق لإنهاء الموسم في المراكز الأربعة الأولى.
الآن أصبح السؤال هو ما إذا كان التوقيع مع إريكسن يُمكن أن يكون له تأثير مماثل في استاد أولد ترافورد وأن وجوده قد يرفع فريقاً آخر إلى مستوى دوري أبطال أوروبا.
ومن خلال علاقته السابقة بأياكس فإن وصول إريكسن يتناسب مع نموذج الكرة الهولندية المنشود من المدير الفني تن هاغ خلال الانتقالات الصيفية حتى الآن.
وكان إريكسن يتدرب خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي في مقر أياكس دي توكومست مع فريق الشباب من أجل الحفاظ على لياقته، ورأى تن هاغ إريكسن من مسافة قريبة أثناء تعافيه، وبات يعرف ما الذي لا يزال قادراً عليه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع ذلك فإن هذا الأمر ليس مضموناً بأي حال من الأحوال، إذ بُنيت التوقعات حول إريكسن في الدوري الإنجليزي الممتاز على سبع سنوات قضاها باعتباره اللاعب رقم "10" في توتنهام هوتسبير، لكن ليس من الواضح ما إذا كان تن هاغ سيستخدمه في هذا الدور أم لا، بعد أن كان أسلوبه المعتاد في أياكس هو 4-3-3، وسيكون برونو فيرنانديز ودوني فان دي بيك الأقرب لملء هذا الدور، لذلك على أي حال يمكن بسهولة اعتبار إريكسن خليفة لخوان ماتا اللاعب الذي سيشعر أولد ترافورد بغيابه على الرغم من قتاله للعب إجمالي 413 دقيقة في الموسم الماضي.
وتعتمد تصورات إريكسن كصانع ألعاب يعمل في منطقة أكثر تقدماً من الملعب على اللاعب الذي كان عليه، وليس اللاعب الذي أصبح عليه الآن. ولم تكن واحدة من تلك المباريات الـ 11 التي خاضها مع برينتفورد قد لعب خلالها في مركز "10"، وبدلاً من ذلك استخدم قدراته في التحكم باللعب من منطقة أعمق، وغالباً ما كان إريكسن يُستخدم في خط وسط ثلاثي وأحياناً من مسافة أبعد، حيث كان يستحوذ على الكرة خلال المراحل الأولى من اللعب المتطور لبرينتفورد ويوجه الهجوم من نصف ملعبه، وإن كان محمياً من قبل لاعب أو اثنين من بين كريستيان نورغارد و فيتالي غانيلت على كلا الجانبين.
هذا الدور الأعمق في الملعب ليس بالضرورة نتاج أحداث استاد باركن الصيف الماضي وثمانية أشهر على الهامش، لكن في الواقع كانت تسبقها فترة استمرت 18 شهراً في إنترميلان الإيطالي، وكانت تلك هي بداية هذا التطور حتى لو لم تبدأ بداية جيدة، لكن المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي كافح لإيجاد دور لإريكسن في خطة 3-5-2، وحتى عندما تم تكييف ذلك ليناسب الرقم "10" بشكل أفضل فإن مستوى إريكسن لم يكن المبرر الوحيد للإبقاء عليه في ظل تفضيل نيكولو باريلا أو أرتورو فيدال.
وواصل كونتي بحثه عن أفضل مكان لإريكسن، ووجد في النهاية مكاناً أقرب للهجوم خلف روميلو لوكاكو، وكان في خط وسط ثلاثي مرة أخرى ولديه حماية دفاعية من مارسيلو بروزوفيتش، وبينما كانت ديناميكية باريلا تعني أنه لا يزال لديه ترخيص للتجول في الوسط، تولى إريكسن دوراً أكثر تحفظاً. وقال إريكسن "نتيجة للخطة التي نستخدمها والمركز الذي أغطيه ألعب بشكل أعمق قليلاً، لذا فأنا أكثر انخراطاً في استعادة الكرة، لقد تعلمت الأمر ببطء وأنا الآن على دراية جيدة بما يجب القيام به".
ولعب إريكسن 16 مباراة من آخر 17 مباراة في الدوري الإيطالي في طريقه لرفع لقب الدوري الإيطالي، واعترف "لم أفهم المدرب من قبل، لكن بعد ذلك تعلمت كرة القدم المنظمة".
ذلك المدرب نفس أدرك الشيء نفسه الذي حدث في برينتفورد خلال النصف الثاني من الموسم الماضي، وقال كونتي قبل زيارة توتنهام إلى برينتفورد في أبريل (نيسان)، "أرى أنهم يلعبون أحياناً 3-5-2 أو 3-4-3، وفي خطة 3-5-2، يفعل إريكسن الأشياء نفسها التي فعلها مع الإنتر من خلال كونه صانع ألعابهم، وعندما يكون لديك لاعب يتمتع بتوافر كبير لتحسين نفسه ووضع نفسه في خدمة الفريق يكون الأمر أسهل بالنسبة للمدير الفني".
ومع ذلك حتى في وجود هذا الإصدار الجديد من إريكسن مع مانشستر يونايتد، فإن تحقيق التوازن الصحيح في منتصف الملعب لن يكون بالضرورة أمراً سهلاً بالنسبة إلى يونايتد.
في مؤتمره الصحافي الافتتاحي لجولة اليونايتد قبل الموسم، كرر تن هاغ أن خط الوسط هو منطقة الملعب التي يحتاج فيها إلى تعزيزات، والآن بات إريكسن عنصراً إضافياً واحداً وقد يصبح فرينكي دي يونغ العنصر الثاني إذا كان من الممكن حل التعقيدات المتعلقة بهذه الصفقة، ويبقى يونايتد.
الحاجة إلى رقم "10" في قالب إريكسن مع توتنهام، أو إلى اللاعب المبتكر من عمق الملعب كما كان مع إنتر وبرينتفورد، ليست واضحة مثل وضوح افتقار يونايتد إلى لاعب يملأ واحدة من ثغرات الفريق الأكثر ظهوراً، وما لم يكن هناك توقيع آخر في خط الوسط أو يجد تن هاغ حلاً، ربما يضع هذا سقفاً للطموحات، ولكن هذه النسخة المختلفة والأعمق من إريكسن تركت بصمته على فريقين ساعد أحدهما في الفوز بلقب الدوري الإيطالي الذي طال انتظاره، وقيادة الآخر للنجاة من الهبوط، ويأمل يونايتد أن يتمكن من القيام بذلك مرة أخرى.
© The Independent