توصلت دراسة جديدة إلى أن تناول أكثر من كأس صغيرة من البيرة في اليوم، يمكن أن يشكل خطراً على صحة الرجال الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً. ودعا الباحثون الأشخاص البالغين الأصغر سناً إلى ضرورة الابتعاد عن الكحول.
وأشار البحث إلى أن الحد اليومي الآمن من الكحول للنساء اللاتي يبلغن من العمر 39 عاماً أو أقل، يوازي ملعقتين كبيرتين من النبيذ أو 100 ملي ليتر من البيرة.
في المقابل، تبين أن بإمكان الأفراد الذين تزيد أعمارهم على 40 عاماً شرب نخب صحتهم بمشروب أو اثنين، بعد أن توصل الأكاديميون إلى أن كمية صغيرة من الكحول يمكن أن تساعد في تجنب أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري ضمن هذه الفئة العمرية.
وأكد الباحثون أيضاً أن الشباب يواجهون مخاطر صحية أكبر حين استهلاكهم الكحول، مقارنة بالأشخاص البالغين الأكبر سناً.
انطلاقاً من ذلك، دعوا إلى صياغة إرشادات أكثر تحديداً من شأنها أن تحذر الشباب من المخاطر التي يسببها تناول المشروبات على صحتهم. وشددوا على ضرورة وضع توجيهات خاصة بتناول الكحول استناداً إلى عمر الشخص، والبقعة الجغرافية التي يعيش فيها.
وبحسب تحليل تناول عادات تناول الكحول في 204 دول حول العالم، أشارت تقديرات إلى أن نحو مليار و340 مليون شخص، استهلكوا كميات ضارة من الكحول في عام 2020.
الدراسة التي نشرت في مجلة "ذا لانسيت" The Lancet [الطبية]، خلصت إلى أن 59 في المئة من الأفراد الذين تناولوا كميات ضارة من المشروب، هم أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 15 و39 عاماً. فتناول الكحول لم يمنحهم أي فوائد صحية، لا بل شكل مخاطر عليهم، بما فيها تعرضهم لإصابات ذات صلة، أو لحوادث سيارات، أو حالات انتحار أو قتل. وتبين أن ثلاثة أرباع الذين يعاقرون الخمور كانوا من الذكور.
كبيرة مؤلفي الدراسة الدكتورة إيمانويلا غاكيدو، وهي أستاذة في علوم المقاييس الصحية في كلية الطب التابعة لـ"جامعة واشنطن" في الولايات المتحدة، قالت، "رسالتنا بسيطة: ينبغي على الشباب أن يقلعوا عن تناول الكحول، لكن الكبار في السن قد يفيدهم احتساء كميات صغيرة منه".
وأشارت إلى أن "الاعتقاد أن الشباب سيمتنعون عن تناول المشروبات ربما هو أمر بعيد عن الواقع، لكننا نرى من المهم أن نضع في متناولهم أحدث الأدلة، كي يتمكن الجميع من اتخاذ قرارات واعية في ما يتعلق بصحتهم".
وقد درس معدو البحث النتائج الصحية الناجمة عن استهلاك الكحول من جانب 22 شخصاً، بما فيها الإصابات وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، باستخدام البيانات الخاصة بدراسة "العبء العالمي للأمراض" Global Burden of Disease (دراسة دولية لقياس الخسائر الصحية الناتجة من مئات الأمراض والإصابات وعوامل الخطر تقوم بها منظمة الصحة العالمية) الصادرة في عام 2020.
وتمكن الباحثون من خلال استخدام هذه المعلومات، من تقدير كمية الكحول التي يمكن لشخص أن يتناولها قبل أن يعرض صحته لمخاطر إضافية، مقارنة بفرد آخر لا يتناول أي مشروبات كحولية.
ولاحظوا أن مستوى الكحول الذي يمكن تناوله من دون زيادة المخاطر الصحية يزيد مع التقدم في العمر. وخلصوا إلى أن أن هناك عاملين أساسيين وراء ذلك، وهما الاختلافات في الأسباب الرئيسة للوفاة، وأعباء الأمراض في أعمار مختلفة".
وأشاروا إلى أن "أي مستوى من تناول الكحول، يزيد من مخاطر حدوث إصابات، فيما يقلل تناول كميات قليلة منها من الإصابة ببعض الحالات الإشاعة في أعمار متقدمة، كمرض القلب الإقفاري Ischaemic Heart Disease (اضطراب ناجم عن نقص في تدفق الدم إلى عضلة القلب نتيجة انسداد جزئي أو كلي للشرايين التاجية) والسكري".
وحدد الباحثون معدل تناول المشروبات بـ100 ملي ليتر من النبيذ (13 في المئة كحول) أو 375 ملي ليتر من البيرة (3.5 في المئة)، وسجلوا الملاحظات الآتية:
- بالنسبة إلى الذكور الذين تتفاوت أعمارهم ما بين 15 و39 عاماً، فإن الكمية الموصى بها من الكحول قبل التعرض لأي "مخاطر مضرة بالصحة" هي 0.136 فقط من المشروب العادي. وهذا يعادل نحو 10 ميلي ليترات من النبيذ - أو ملعقتين صغيرتين منه- أو 38 ملي ليتر من البيرة، أي ما يعادل كأساً صغيرة.
- في ما يتعلق بالنساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 و39 عاماً، كان "المستوى النظري الأدنى للتعرض للمخاطر" هو 0.273- نحو ربع المشروب العادي يومياً. وهذا يعادل قرابة ملعقتين كبيرتين من النبيذ، أو نحو 100 ملي ليتر من البيرة.
- أما بالنسبة إلى الأشخاص البالغين، الذين تجاوزت أعمارهم 40 عاماً، والذين لا يعانون أي ظروف صحية أساسية، فإن تناول كمية قليلة من الكحول، مرتبط ببعض الفوائد الصحية، كتقليص خطر الإصابة بمرض القلب الإقفاري والسكتة الدماغية والسكري.
- بالنسبة إلى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 40 و64 عاماً، تتفاوت المستويات الآمنة لاستهلاك الكحول، من نحو نصف كأس عادية من المشروب يومياً، إلى ما يصل إلى كأسين عاديتين من المشروب.
- وفي ما يتعلق بالأفراد الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، تبين أن "المخاطر الصحية نتيجة استهلاك الكحول" تبدأ بعد تناول ما يزيد قليلاً على 3 كؤوس عادية من المشروب في اليوم.
- في المتوسط، بقيت كمية الكحول الموصى بها بالنسبة إلى البالغين فوق سن الأربعين منخفضة، وبلغت ذروتها في حدود 1.87 من الكؤوس العادية يومياً، وبعد ذلك تزداد المخاطر الصحية مع كل مشروب.
دانا بريازكا المؤلفة المشرفة على الدراسة، وهي باحثة في "معهد القياسات الصحية والتقييم" Institute for Health Metrics and Evaluation (IHME) في كلية الطب التابعة لـ"جامعة واشنطن"، لفتت إلى أنه "حتى لو قمنا باتباع نهج متحفظ باعتماد أدنى مستوى من الاستهلاك الآمن لوضع التوصيات المتعلقة بتناول الكحول، فإن المستوى الموصى به لاستهلاكها، سيظل مرتفعاً للغاية بالنسبة إلى الأفراد اليافعين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت: "استناداً إلى الأدلة المتاحة في الوقت الراهن، فإن تقديراتنا تدعم الإرشادات المتعلقة باختلاف كمية تناول الكحول بحسب العمر والمنطقة. ويمكن أن يساعد فهم التباين في مستوى تناول المشروبات الكحولية، الذي يقلل من المخاطر الصحية لدى الناس، في وضع توجيهات فعالة لاستهلاكها، ودعم سياسات التحكم ذات الصلة، ومراقبة التقدم المحرز في ما يتعلق بالحد من الاستخدام الضار لها، وصياغة الرسائل المرتبطة بمخاطر الكحول على الصحة العامة".
الدكتور ريتشارد بايبر الرئيس التنفيذي لمجموعة Alcohol Change UK الخيرية (تنظم حملات هدفها التقليل من الضرر الناجم عن تعاطي الكحول) قال، إن "المستجدات العلمية المستمدة من مئات الدراسات على مدى الأعوام العشرين الأخيرة، تؤكد بوضوح شديد أن الكحول مضر للغاية بجسم الإنسان بطرق متعددة".
وأضاف، "لم نكن على علم مسبق بهذا الجانب، في وقت ما زال فيه كثير منا يتناولون المشروبات، كما لو أن هذه الثورة المعرفية لم تحدث".
وقال الدكتور بايبر: "إذا كنتم تهتمون بصحتكم، فإن أفضل طريقة للحفاظ عليها هي الإقلاع كلياً عن الكحول. أما إذا أردتم تناولها، فيتعين عليكم التزام إرشادات كبار المسؤولين الطبيين في المملكة المتحدة، وعدم تجاوز 14 وحدة في الأسبوع (قرابة 3 ليترات من الجعة أو زجاجة ونصف من النبيذ)، إضافة إلى ذلك، حاولوا تجنب المشروب ثلاثة أيام على الأقل في الأسبوع، ولا تتجاوزوا أبداً تناول أكثر من 6 وحدات في اليوم".